القمر الأحمر(3)

655 57 30
                                    

نحن مجبرون أحيانا كثيرة على تحمّل تلك الأعباء التي نوكل بها أنفسنا ، لا يوجد كتفا خالية ، فلم تُخلق الأكتاف إلا لتحمّل الأعباء ، ولا يدفعنا شيء لتحمّل هذه الأعباء أكثر من العاطفة ، فالذي يقسم ظهرك حباً .. خفيف ، ومن غير العاطفة ترمي الأكتاف أحمالها دون اكتراث ولا مسؤولية ..

تخرج مارلين وجولي سعيدتين بلعب القطط الصغيرة حولهم ، تغلق مارلين الباب تستدير بغصة مفاجأة ، عادت قليلا تتلمّس مقبضه ، ولكنها انتبهت لوجود جولي معها فانتبهت لنفسها ونفضت غبار أفكارها سريعا وعادت للتمشي مع صديقتها ، ولكن سؤالا مازال يحاك بنفسها ، كل تلك المدة، وما زال الشوق كالبارحة !، لا يلبث أن يغادر حتى يباغت من جديد ..

لتصحو من أفكارها على حديث جولي :

" .....وبالتالي أصبحت من يدير المشغل بغياب مارجريت ، كان حضوركِ مميّزا أيضا ، أنظري من هناك إنها خالة مارجريت "

كانت الجدة تتجه إلى المنارة تحمل بعض الطعام، كعادتها إن علمت بعودة ابنها لعزلته مع تلك الكتب ، تمشي على مهل وسط انكسار الشمس للغروب ، وصوت خفيف لبحر هادئ ..

لتتجها إليها ، مردفة مارلين بتعجّب :

" ماذا تقولين!؟ ، هل الجدة والدة العم بارتولوميو هي خالة مارجريت ، هذا يعني أن بارتولوميو ابن خالتها "
" نعم ، وهما لم يتزوجا أيضا "

" ما الذي تعنيه جولي ؟!"

" لقد كانا مخطوبين لبعضهما ، وعندما اختفى العم بارتو بسبب تلك الكتب ، ظنت أنه لم يعد يهتمّ بها فتركته ، ولم يبدي اهتماما لذلك "

" أوه يا إلهي لم أعرف أن هناك شيئا بينهما ، عدا أنهما يشبهان بعضهما بالطباع ، يحبان عملهما شغوفين به ، رزينين وهادئين ، ولم يختر أحدهما شريكا آخر بالرغم من تركهما لبعضهما "

" تحاول الجدة إعادة الفكرة لبارتو ولكنه يظن أنها تخلّت عنه لأنها لا تحبه ، فيرفض الاستماع لوالدته في أي شيء يخصّها "

" العم بارتو ، إنه مسكين ، لم يمر إلا بالمرحلة الأولى من تلك المشاعر ، لذلك يخاف أن يكون محقّا في فكرته تلك فيبتعد مرغما ، الآن علمت لما يحترقان في العمل ، يودّان نسيان ما لا يُنسى "

" مارلين ، تعرفين أنني لا أفهم عباراتك الطويلة تلك "
كانتا قد وصلتا إليها ، لتنبها بعضهما

"هش ، ستسمعنا الجدة "

سلمت جولي على الجدة واستأذنت للمغادرة ، وقررت مارلين مرافقتها لتساعدها في حمل الطعام للعم بارتو :

"سأحمل عنكِ هذا يا جدة ، لماذا ترهقين نفسك بالصعود للمنارة ؟، اطلبي من العم جوسيا إيصال الطعام له مع روبرت "

" وهل سيبقى روبرت ليتأكد من أنه تناول طعامه؟! ، أم سيغطيه إن وجده نائما دون غطاء ؟! ، حتى الطعام لا يبني الجسد ما لم يقدّم ويطهى بحب واهتمام "

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن