يتابع الرجلان قراءة ذلك الكتاب الأزرق وفك رموزه ، ولكنّ بارتولوميو شعر أن في الكتاب شيء غريب ، فاستدار برأسه لينظر إلى جوسيا بشكل مباشر ، ثم سأله :-
" متى اختفى جبر ؟ هل تذكر ؟ "
صمت جوسيا للحظة يحاول أن يتذكر ذلك بدقة ، وإذا بالعجوز تجيب فجأة ، دون سابق إنذار :-
" في بداية الشتاء يا بني ، لقد اختفى في بداية الشتاء "
صاح بارتولوميو بانزعاج :-
" أمّي ، أخبرتك مرارا أن لا تتعبي نفسك بالصعود إلى هنا ، يكفي أن تناديني ، أو تبعثي لي أحد الصبية"
تنهّدت تلك العجوز واتجهت لطاولة قريبة من ناحية من الشرفة ، وقالت لابنها :-
" كم تمنيت أن يكون لك صبية يساعدونك ، ولكنك تشبه أباك جدا ، لا تفكر إلا في نفسك، اختفى في البحر كجبر تماما ولم يعد ، ولم أره بعدها أبدا ، لقد استمر زواجنا بضعة أشهر ، جميع الرجال أنانيّون ويتصرفون دون مسؤولية ، كالأطفال تماما ، وها أنت تقف وصديقك ولم تتزوجا ، لقد سلبت الحوريات عقول الرجال قبل قلوبهم ، فجالوا في البحر على غير هدى "
ثم أخرجت له بعض الطعام ودعت إليه كلاهما :-
" لا تقلق يا جوسيا، لقد أعددت حصة إضافية لك ، عندما لاحظت غيابك الغير معتاد عن المطعم ، توقعت أن تكون هنا "
شكرها جوسيا وقليل من التعجب يبدو على وجهه ، وقبل رأسها :-
"كيف حالك يا خالة؟ ، لقد افتقدتك ، لم أرَك منذ أيام "
ثم جلسوا جميعا على طاولة الطعام يتناولونه سويا ،
مع أن هذين الصديقين قد ناهزا الستين من العمر إلا أنهما بديا في حضورها كالشباب الصغار ، تؤنبهم على طيشهم وتثرثر بالكثير من الكلام ، ردّت على جوسيا قائلة :-" أنت أفضل من صديقيك ، على الأقل تستمرّ بتفقد حالي ، أما الاخرين ، فابني يجلس مع هذه القمامة منذ أعوام ، والآخر فيليب ذا الرقعة قد ذهبت عينه وقلبه وعقله سويا ، إنه بالٍ كخرقة قديمة ، لا فائدة منه"
إلتزم بارتو الصمت وتابع الطعام ، فهو معتاد على سماع هذا من والدته دائما ،أما جوسيا فلم يفهم عن ماذا تتحدث ، فسألها :-
"ما بال فيليب ،لقد كان بخير عندما قابلته آخر مرة ، بماذا تقصدين ذهاب قلبه و عقله يا خالتي ؟"
"أخذت الحورية عينه ، وأخذت زوجته قلبه عندما توفيت ، وهاهو يفقد عقله ويبقي ابنته مع من يريد قتلها "
"عن ماذا تتحدثين؟ ، عن مارلين وزوجها داني؟ ، من أخبرك بهذا؟ "
" المدينة كلها تتحدث بهذا ، كدماتها الزرقاء تتحدث بهذا أيضا ، نحولها ، وتعاستها ، كان يجدر بجبر أن يتزوجها ،ولكنه ذهب لمصيره ،كزوجي بينيت تماما، ابتلعهما البحر ، وهل يعيد البحر أحدا عندما يبتلعه "
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantasíaدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟