على قيد الحياة

1.2K 101 13
                                    

صراخ قوي يعلو من داخل الصدفة الكبيرة :-

- أخرجوني أيها الجبناء، لماذا تحبسونني هنا؟، واجهوني لماذا تختبئون.. من أنتم؟

ثم يعاود الضرب على جدران الصدفة وقد تملكه الغضب و كأن عروقه تورمت على رقبته وساعديه وهو يضرب بقوة حتى سمع صوتا مرتفعا يصدر من داخل رأسه، قائلا له :-

-كفى.. !! كدت تكسر الصدفة !!

* ما هذا؟! .. من أين يأتى ذلك الصوت، لا بد وأني أهلوس..

- لا أنت لا تهلوس يا جبر .. هذا أنا.. آريس!

* يا إلهي ما هذا الضجيج اللذي في رأسي، لا بد وأنني قد مكثت طويلا هنا..

- انظر للخارج.. من الصدفة ..

عندها تحرك جبر بحذر ونظر من شق المحارة لتقابله عيني أريس الذهبيتين، فابتسم قائلا :-

* تستطيعين حبسي هنا إلى الأبد إذا ، وأخيرا وجدتك..

عندها عاود صوتها يتحدث في رأسه :-

- بل أنا من وجدتك، لقد كاد البحر يبتلعك، أيها المتهور!

* إذا كنت قلقة علي حتى تبعتيني لتنقذيني من العاصفة
لكن قبل كل ذلك.. كيف تفعلين هذا ؟ صوتك يملأ رأسي، دون أن تحركي شفاهكي؟ أنتن النساء لقد عشت لآراكن تتحدثن حتى وشفاهكن مطبقة..

ثم يضحك قليلا قبل أن يلحظ عينيها اللاتي تراقبنه بتفحص وانعكاس هذا اللون الذهبي الرائع يبرز بين فضية بشرتها اللؤلؤية.. ثم يهمس لها :-

* كم قيراطا تحويه عينيكي الساحرتين؟!

كانت أريس تتصرف بتجاهل لكلمات جبر وكأنه لا يعنيها كأنها مشغولة بأمور أكثر أهمية..

طرقت بيدها ثلاث مرات أسفل المحارة، فانفتحت ببطئ شديد بسرعة متناسقة، فتعجب جبر من هذه الطريقة وأخذ يطرق بيده على المحارة من الخارج ولكنها لم تتحرك سنتمترا واحدا.. كانت آريس تضحك من تصرفه بخفية..

أحس جبر بالحرية ثانية بعدما رأى البحر محيطا به من جديد، ولكنه تائه الآن في الزمان والمكان أيضا لا يعرف أين هو ومنذ متى هو ضائع، فنادى آريس :-

*آريس، منذ متى وأنا هنا؟، وأين أنا؟

- من قبل أن تتزوج طفلتك اللتي أحبتك! ، أنت أيضا بعيد عن قريتك، قريب من أطراف عالمك..

* طفلتي!!

- نعم تلك اللتي كنت تصنع لها سفنا صغيرة لتلهو بها فتضيعها بالبحر واحدة تلو الأخرى، فأقوم أنا بجمعها حينها، وما زالت تضيع الأشياء إلى الآن لأقوم بجمعها، وآخرها رسمة وجهك هذه ..

ثم تناول اللوحة مندهشا وقال :-

* حقا! لم ألحظ يوما أنها كانت تحبني!.. إنها صغيرة علي.. هل كانت تحتفظ بهذه اللوحة أيضا؟.. منذ متى؟ .. لا بد وأن وقتا طويلا قد مضى، هل اعتقد الجميع أنني غرقت؟

- نعم أنت هنا منذ مدة طويلة لقد أنقذتك دلافيني من الغرق بعد أن تحطمت سفينتك، ووضعتك هنا وأقفلت هذه المحارة عليك، إلى أن أعيدك لقريتك.. فأنا على استعجال من أمري أريد المغادرة للوطن..

* ولكني أريد البقاء بجانبك.. إلى الأبد.

- هذا مستحيل!

* لماذا؟

- أنا جاسوسة على البشر، من أرض الحور البعيدة، يريدونني أن أثبت ولائي لهم!

* ماذا، أرض؟!، ظننت أنكم تعيشون في الأعماق..

- تردد في رأسه صوت ضحكها ثم أكملت، هذا غباء، كيف لنا أن نعيش في الأعماق ونحن بحاجة للشمس والهواء أيضا !، إن الأرض اللتي تعيش عليها يا عزيزي أكثر اتساعا مما تظن!

* لحظة، أتقولين أنك جاسوسة بكل سهولة هكذا !!، ثم لماذا تريدين أن تثبتي ولائك لأرض الحور وأنت حورية أيضا؟!

- أنا لست حورية أصيلة، أمي حورية، ووالدي بشري، أنظر لعيني، لا تملك الحوريات لون العينين الذهبيتين إلا إن كان أحد الأبوان من البشر، والطبيعي أنهم يمتلكون عيونا فيروزية وزمردية وإرجوانية ، ثم إني لم أكترث لهم يوما، كنت أرفدهم بمعلومات كاذبة لأريح رأسي منهم ثم آتي لألهو بسفينتك عندما كنت تطاردني..

* من هو والدك؟، هل تعلمين من هو؟

- لا، ولكني أعلم أنه واحد من أهالي كديميس، كنت أظن أنني سألتقي به يوما ولكن إلى الآن لم أكن لأراه أو أن أعلم عنه شيئا!..

تذكر جبر فجأة قصة العم جوسيا في صغره، هل من الممكن أن يكون العم جوسيا والد آريس، كم تدفعنا هذه الحياة إلى الجنون بمفاجآتها الغريبة، ربما!

* ما لون والدتك أريس؟ هل هي حورية سوداء اللون؟

- بالفعل، ولكن كيف علمت بذلك؟!

* سأخبرك بكل شيء، وسأريكي والدك إن عدتي معي لكديميس..

- هذا محال، لقد كنت للتو عائدة لموطني بعد أن أرمي بك في بيتك..

* ترمين بي، تتحدثين معي بكثير من الغرور..
حسنا.. ولماذا لا تأخذينني معك لتريني أرض الحوريات؟ ، لقد أثرت فضولي بشدة..

- إنه القانون.. لا يمكن لإنسان الدخول لعالمنا، وإلا سوف تقتل أو تسجن.. ثم إنني الوحيدة القادرة على فهمك، وهذا ما لا تفعله الحوريات ولا تقدر عليه..

*إن اصطحبتيني معك.. جمعتك بوالدك!

- أهذه صفقة؟

* فلتكن كذلك..

- على فرض أنك صادق.. أما إن كذبت علي..

فقاطعها قائلا :-
* لا مصلحة لي من الكذب عليك..

- حسنا.. استعد لهذه المغامرة إذا..

يتبـــــــــــــــــــــع

آرائكم الجميلة 🌸 وتصويتكم 💛

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن