نصر وهزيمة (4)

592 54 8
                                    

عندما تتلقى دعما كاملا من أحدهم فقد يكون يثق بك ، يؤمن بك ، يهتم بك ، وقد يسعى في دعمه المطلق ذاك للإيقاع بك ، للانتقام منك ، للاستفادة منك ، ومما لا شك فيه أن القليل من الناس يملكون الذكاء للتفريق بينهما ..

كروز بالطبع التي تعطي أمانا كاملا لمن يدعمها في تحقيق كل ما ترغب به ولو كان سيّئا ، ولا تعلم الهدف الأساسي لذلك ، فلماري عدة أهداف من دعمها لها ..

تجلس ماري على أريكتها الجديدة تراقب بيتها الجديد مع شعور كبير بالإنجاز والألم في آن واحد ، ترفع صورة والديها عن الحائط تتلمس الإطار المحيط بها بهدوء وقد سافرت لذكرياتها في الماضي ، لتخترق الهدوء حولها محدّثة نفسها بصوت مسموع :

" أبي ، كنت مخطأً لأنك كنت طيّب وتثق بالآخرين ، سأنتقم لك ، ابنتك ستنتقم لك "

ماري كانت لها عائلة دافئة صغيرة ومتواضعة ، كان والدها يتكبّد عناء السفر عبر الطريق الوعر خلف مدينة كديميس الساحلية وخلف تلك الحقول التي لم تكن حقولا زراعيّة بعد ، ويقطع غابة خطرة وسط الحيوانات والقرود التي تهاجمه باستمرار طلبا للطعام ، ليحضر بضاعة أغلبها من السكر والحلويات ، في عربته المتواضعة ويبيعها في متجره ، كان المتجر الوحيد الذي يبيع كميّات متواضعة من السكر بسبب أنه لم يكن يملك أكثر من عربته ، وثمن تصليحها بعد عودته من رحلته الأسبوعية للمدن الداخليّة ..

وفي يوم ما مرّ به صديقه مارتن يطلب أن يستدين منه بعض الأغذيّة ، فمارتن ليس لديه جلدٌ على العمل كالبحّارة ، وليست لديه حرفة ، فاقترح لوثر والد ماري على مارتن أن يعمل معه بالجلوس في المتجر بالتناوب ، وبذلك عملا معا ، وعرف مارتن من لوثر أماكن التجّار ومن أين يأتي بالبضاعة ..

وفي يوم من الأيام عمد مارتن على تخريب عربة لوثر بعد أن جهّزها للسفر ، حتى أنه أكثر من إطعام الخيول حتى خملت وأتخمت ، وعندما يأس لوثر من إصلاحها في الوقت المناسب ، عرض مارتن عليه المساعدة وأن يذهب بدلا عنه لأولئك التجار في المدن الداخلية ، بقي لوثر عند خيوله وعربته ليصلحها من جديد ، بينما انطلق مارتن بدلا عنه ..

تنقّل مارتن من تاجر لآخر حتى عرف من أين يأتي التجّار ببضاعتهم هذه ، بالرغم من أنه تأخّر بالعودة لكديميس ، إلّا أنه كان قد اتخذ قرارا بالسفر بعد هذه الرحلة وتأمين هذه البضاعة بنفسه ..

عاد مارتن متأخرا وكانت بضاعة لوثر على وشك النفاذ ، عاتبه لوثر ولكنه لم يقسو عليه ، كان لوثر متسامح جدا ، وكان مارتن يستغل ذلك ..

بعد عدّة أيّام اعتذر مارتن للوثر عن الاستمرار بالعمل معه ، واستقلّ رحلة بحريّة تقصد بطريقها طرق التجّار ، كان مارتن قد ربح من عمله مع لوثر واستدان منه مبلغا لا بأس به من المال، ادخر ما ربحه ليتاجر به ، وهكذا فعل ..

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن