بداية الرحلة

1.3K 100 21
                                    

يقف العم جوسيا على سلم مكتبته وقد قلب المراجع والمخطوطات جميعها وكل كلمة تتعلق بالبحر وكل معلومة يعتقد أنها قد تطمئنه ، إنه يفعل ذلك منذ أيام ، فهذه هي المرة الأولى اللتي خاف أن يخيب فيها حدسه بشأن جبر ..

كان يملك ذلك الحدس اللذي يخبر أحدنا بأن كل شيء على ما يرام .. فلا يتسلل الخوف للقلب قيد أنملة  .. ولكن العين تكذبه بما لا ترى لتدخل إليه الشكوك ويصبح الحدس مجرد جنون اشتياق وإنكار لواقع مؤلم ..

  و بعض الأحيان كان يبحر بقاربه يبحث عن أثر له ، فيتنهد باستياء ويعود ، وسط نظرات البحارة المشفقة عليه ..

أما مارلين فقد كانت تضرب وتهان من داني ووالدته حتى فقدت القدرة على الإنجاب أو كما اتهمها أهل زوجها، وعلى جميع الأحوال فقد كانت أقرب للخادمة منها في المعاملة ، وجعل ذلك نجم روز يبرز بين العائلة  ..

ولكن مارلين كان لديها أمل كبير يتنامى في عينيها عندما تنظر للبحر بأنها سترى طيف جبر يبحر عائدا إليها يوما ما ، ليهون عليها كل ما كانت تمر به من ظروف .. فهي الوحيدة اللتي كانت تملك بعض الحقيقة في طيف كالحلم 

فكان والداها يخافا عليها من الجنون ، فهي لا تبدي اهتماما لما يحدث لها وكأنها مغيبة عن الحياة..

وفي مكان كان أبعد ما يكون عن اليابسة وعن أي مسطح صالح للعيش .. مكان بعيد جدا أقرب ما يكون لأطراف العالم وقاراته ..

كان جبر وحوريته يستعدان للرحلة ، لما وراء الحاجز الجليدي اللذي يحيط بعالم البشر من كل الجهات .. ليعبران العوالم الباردة المظلمة اللتي لا تشرق فيها شمس ولا قمر حتى يصلا لعالم آخر ولشمس أخرى وأرض أخرى ..

ربطت أريس حبالا تصل بين الصدفة الكبيرة اللتي يمكث فيها جبرا وبين الدلافين اللتي تسحبها كالخيول اللتي تجر العربة ، فيما اصطاد جبر بعض الأسماك ووضعها داخل الصدفة الواسعة ، كان جبرا في حيرة دائمة فيما يتعلق بالصدفة ، فهي لا تشبه الصدف اللذي يعرفه بل تشبه قشور السمك أكثر ولكنها ليست مثله في شفافيتها وإنعكاس الألوان عليها من الضوء ، وحتى في قساوتها..
كان داخلها ما يشبه الصندوق كحبة جوز الهند ولكن بحجم صندوق كبير وبعض الأغراض اللتي استدل بها جبر بأن آريس كانت تعيش في هذه الصدفة بالقرب من كديميس لسبب كان يجهله ..

كان فضول جبر في رؤية عالم الحوريات أكبر من تفكيره في خطورة أن يثق بحورية لا يعرف بمكامن نفسها ولا حدود تصرفاتها ، هل هي جاسوسة حقا وعلى ماذا ؟ أم أنها مجرد حورية كانت تحب اللهو أمام شاطئ منزله باستمرار ! حتى انتهى به الحال على مشارف أطراف العالم ..

كانت آريس والدلافين يسبحون بسرعة كبيرة جدا .. تكاد الصدفة بالرغم من حجمها الكبير ترتفع عن سطح البحر وكأنها تطير ، ذهل جبر -صانع السفن - من تلك السرعة وتمنى لو أنه يستطيع صناعة سفن بهذه السرعة..
وتعجب من المسافات الشاسعة اللتي قطعاها واللتي لم يعتقد يوما بأنها موجودة ..

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن