كانت شمس الصيف تنضج شيئا فشيئا في كديميس لتبدأ مواسم الحفلات وتنشط بعض الحرف الموسمية ، فتبدو هذه المدينة الصغيرة قوية من جديد ، تنتشر قوارب الصيد بشكل كبير في بحرها ، وتبدأ بعض رحلات السفن التجارية ..
الجميع كان لديه ما يفعله ، فيما عدا مارلين ، كانت تتّكئ على النافذة العالية ، المطلّة على أدراج منتصف المدينة المكتظة في هذا الفصل من السنة ، تنظر للمنارة حيث أبيها اللذي انشغل بأصدقائه القدامى ، كانت سعيدة بوجودهم مجددا في حياته ، لقد أخرجوه من حزنه على والدتها ، والدتها اللتي توفيت ، تتذكرها هي الأخرى ، كانت تمضي وقتها كاملا معها ، لكنها لم تشعر كم تحبها وتحتاجها ، إلا عندما فقدتها ، ثمّ تنظر لبيت جبر ، لقد انتهت من تنظيفه وإغلاقه بشكل جيد حتى لا تتلف محتوياته ، لعل أملا بسيطا بعودته ما زال يختبئ في ثنايا قلبها ، ثمّ تتفكر بمنزلها ، لقد أنهت العمل مبكرا فيه وليس لديها ما تفعله ، لتعيد جميع الأفكار هذه برأسها من جديد ، لتدرك في كل مرة أنها وحيدة، وليس لديها شيئا مفيدا تفعله ..
استيقظت أخيرا من لجّة أفكارها على صوت الجدة تناديها ، فهي لم تلاحظ وجودها أسفل المنزل ، واقفة بين حركة الناس على الدرج للصعود والنزول ، تتكئ بعصاها على الأرض وتسند ظهرها باليد الأخرى ، لتستطيع رفع نظرها للأعلى حيث مارلين ، ومناداتها :
"مارليــــن ، مارليـــن ، ارتدي ملابسا جيدة وانزلي بسرعة"
" لماذا ؟! ، هل من خطب ما ؟"
"لن نتراشق بالحديث هكذا !، هيا لا تتأخري ،قدماي تؤلمانني "
"لا لن أتأخر ، بضعة دقائق فقط "
استعدت مارلين وارتدت لباسا جيدا للخروج ، ونزلت للجدة بسرعة حتى لا تطيل الانتظار ، اصطحبتها الجدة معها ، دون أن تعرف مارلين إلى أين ، فسألتها باستغراب:
"إلى أين نحن ذاهبتان يا جدتي ؟"
" والدتك كانت تجيد الخياطة ، كانت ماهرة بحق ، ولا بد أنك تملكين هذه المهارة ، عليك فقط أن تتعلميها ، لا جدوى من الجلوس هكذا دونما عمل ، إنه فصل الصيف والجميع لديه ما يفعله"
" لم أفكر بتعلم الخياطة من قبل ، من ستعلمني إيّاها؟"
"مارجريت "
"مارجريت ! ، إنها متنمقة "
"بل تحب الكمال، ما بالك يا فتاة ، ألم تتعلمي أن تبقي فمك الصغير هذا مغلقا ، ما زال لسانك سليطا كالسابق "
"ماذا؟! ،كيف تعرفين ذلك عني ؟! "
" أعرف الجميع هنا يا طفلتي ، ها قد وصلنا "
دخلتا إلى مشغل الخياطة ، كان متسعا ، مليئا بالفساتين الفاخرة ومليئا بالنساء العاملات والزبائن ، بعضهن يستعرضن أثوابهن الجديدة وأخريات يسجلن المقاسات ، أو يقمن بتدوين الملاحظات ، وفي الخلف عدة آلات للخياطة تعمل مجموعة من النساء عليها بجد ، لعلّ مارلين لم تتح لها طوال الفترة السابقة من الاختلاط بالناس أوتكوين بعض الصداقات الجديدة ، أو حتى التكلم مع أحد يشاركها بعض همومها ، لعلها الفرصة المناسبة لها الآن ..
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantastikدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟