مدينة موزيريس .. مملكة تشرا(3)

1.2K 78 6
                                    

كم تهذّب الخطوب من الطِّباع ، وكم نضعف إن فقدنا أمل اللقاء ، وكم نستسلم للحزن وللدموع إن شعرنا بالضياع ، لم تنته المصائب اللتي نزلت بمارلين حتى تبدأ مجددا  ..

تتجمع النساء على صوت صراخها وبكائها ، في باحة بيت السيّد فيليب ، اللذي عاود الخروج للصيد منذ مدة بسيطة ، لم يعلم أحدٌ ما الّذي حدث ، فلقد رأتها بعض الجارات تغادر لزيارة والدتها كالمعتاد ، ولكن دوام الحال من المحال ..

في اليوم التالي كان أهل المدينة يرتدون اللون الأسود ، في موكبٍ حزين ومؤلم ، يودّعون فيه والدة مارلين اللتي غادرت الحياة ألما على حال ابنتها اللتي تغيّرت، مليئة دائما بالكدمات الزرقاء ، نحيفة ، مكسورة  ، كانت مارلين تذبل في عيني والدتها وقد عجزت عن فعل شيء غير إلقاء التهمة على نفسها ، وأن كل ما حدث كان بسببها ، كان قلبها حزينا حتى ما عاد له قدرة على أن ينبض مرّة أخرى بعد ..

أمسكت مارلين بجثمان والدتها ، تُشفق عليه من التراب ، تشدّه إليها وتصرخ وتبكي ، ونساء المدينة تمنعها وتبكي لبكائها حتى أنهكت واستسلمت ..

أما والدها فيليب ، فقد كان واقف بدمعة جافة من عينه الواحدة ، لا يعلم أنها نزلت حتى ، هو تائه لم يدرك عقله اللذي اعتاد وجودها أنها ذهبت ، لم يدرك أنه إن عاد للبيت ، لن تكن هي من تفتح له الباب ، ثم تبدأ بإلقاء بعض النكات عليه ، لعله كان يصطنع الرجولة في هذا الموقف ، حتى إن اختلى بنفسه بكاها كالنساء ..

وهكذا تستمر مارلين بالخسارة وتعايش أنواعا من الآلام ، لا تدري كيف تتعامل معها ، حتى الأمل في أيّ شيء جميل كاد يتلاشى ، كاد حزنها الأسود أن يصبغ بلونه عينيها الخضراوين ..

تلك الخضرة اللتي تشبه شيئا آخر من عالم آخر كذلك الجمال اللذي يحيط بجبر  ..

يستيقظ وقد فوجئ بالماء يغمر البيت مرّة أخرى ، ثم يتراجع بسرعة ، أخذ شهقة كبيرة من الهواء بعد أن كاد يختنق،  فتمتم بلهجة غاضبة :-

"أريد أن أنام ، أرجوك يا دنوا ، لم أعتد بعد على هذا العالم المبتلّ "

فيطلق دنوا الماء من ظهره ، لم يفهم جبر شيئا عليه غير أنه نجح في جعله يستيقظ ، وشيء آخر ! ،
أين آريس ؟

نظر جبر من نافذة البيت المرتفعة باحثا عن آريس ليتفاجأ باقترابه من موزيريس كما وصفتها آريس له ،

كانت الجزر الكثيرة على مدّ بصره تظهر بأشجارها وصخورها ، وتختفي تحت الماء على ظهور الحيتان ، وكأنها سراب أو شيء كالخيال ، يعقبها مسطحات ثابتة تتموّج مع حركة البحر  تحتوي مدنا وأسواق في قواقع سلاحف ضخمة بعضها مجوّف دون سقف ، يغمر الماء جزئا بسيطا من أرضيتها فيسهل على الحور الحركة ..

" شيء لا يُصدّق "

قال جبر في نفسه وهو يرى حركة الحيوانات السابحة وهيئات الحوريات الغريبة ، تناول منظاره بشغف ليرى تفاصيلا أكثر ، كانت القواقع العملاقة اللتي تحتوي على الأسواق  موجودة في منتصف المدينة ، تعجّ بالباعة والمشترين ، مثبتة مع بعضها بسلاسل ضخمة جدا ، وهناك حارس ضخم الجثة يلتف بذيله اللذي يشبه الأفعى على مفصل السلسلة اللتي تربط القواقع ببعض ، فجلّ ما على العدو فعله هو قطع تلك السلاسل حتى تتناثر المدينة بالبحر فتتفكك مدينة موزيريس ..

آريس الحورية الهاربةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن