المشاعر لا تجلس متموضعة في مساحة صغيرة من القلب، إنها متبعثرة كالخيوط في كل مكان متسعة بحجم اتساع الروح، خرساء ولكنها تصيب قلبك بالوخز، لتنبهه بأن أمرا ما لا يجري على ما يرام
لتبدو تائهاتماما كآرتيس التي بدت مضطربة جدا في مكتبة توما، ينظر إليها لوتش باستغراب متسائلا :
" تبدين مشتتة آرتيس!"
لتترك آرتيس البحث بين الكتب وتنظر إليه قائلة :
" أشعر بثقل على قلبي لا أعرف لماذا، وما هو"
" هل تعرفين ما هو حدس الحور؟"
"لا أؤمن به"
" تكذبين، شيء ما يختلج قلب الأم أن ابنتها ليست بخير"
تجمدت آرتيس لوهلة ناظرة إليه، ثم انهارت بالبكاء، اقترب منها لوتش سابحا إليها ليهدأها، ثم قال :
" أعرف أنها من اختار طريقها ولكن عليك حمايتها فهي ابنتك على أية حال"
ثم توجّه نحو مكان مخفي قليلا في مكتبة والده، وأخرج ما تبحث عنه آرتيس، ثم قال لها :
" ألم تقولي إنهم يبحثون عن هذا؟، خذيه إليهم، وقايضيهم به"
" أعرف جبر، لن يقبل أن يتخلّى عن ابنتي! ولا حتى والدها جوسيا سيقبل، كان سعيدا برؤيتها "
" لا.. قايضي بينيت، ألم تقولي أن بينيت أخبرك بالكتب التي بين يدي ابنه، ويريد أن يقارنها بكتاب أبي هذا؟، إذا اطلبي منه أن يقنع جبر بإعادة آريس مقابل الكتاب "
" وهل ستقبل آريس أن ترجع؟ "
" لا يعيش السمك على اليابسة على أية حال، ستضطرها طبيعتها للعودة "
وبالفعل، لم تكن كلمات لوتش عبثية، فهو يعلم جيدا صعوبة أن يتخلى الحور عن الماء لفترات طويلة، قرأ ذلك في الكتب لديه بعدما غادرت آريس مع جبر، لا بد وأن شعوره بالمسؤولية بعدما تنصب ملكا على تشرا والمدن المنضمة إليها حديثا جعلته أكثر حكمة في تصرفاته..
لم يكن جبر يفهم ما يرى ولم يدرِ ماذا يفعل، غير أنه يشعر بالرعب على آريس، ركض إليها باكيا :
" يا إلهي، ماذا أفعل؟، آريس هل أنتِ بخير استيقظي!،. لم أصبحت ألوانك هكذا "
لقد كانت آريس ممددة في منتصف الكوخ بجانبها دلوا من الماء، ولكنه على ما يبدو لم يكن كافيا، فقد امتدت تشققات على جسدها كله حتى بدت كرخام محطّم على الأرض، والأكثر عجبا أن لونها الأبيض بدأ بالتلاشي من خصال شعرها حتى ذيلها ليبدو مبقعا في بعض الأماكن أما الأماكن الأخرى فبدت كالهلام المتجلّد بلمعة من ألوان قوس المطر، فبدى شعرها بعضه كشرائط هلامية على أرض الكوخ يشف عما تحته من الأرضية الخشبية، أما جسدها فكان جلدها يشف عن أعضائها الداخلية وهو في نفسه جاف متشقق دام ..
أنت تقرأ
آريس الحورية الهاربة
Fantasiaدائما ما كان يحدث نفسه بها إنها شغفه كانت ولم تزل حتى إذا اعتادت مطاردته لها شعرت بالحنين وما بينه وبين البحر احتارت حتى اختارت العودة للهروب ولكنها ارتبطت في الغربة بشيء من نوع آخر فهل تعود؟