يقال: إنّه لما حرم الميرزا الشيرازي الكبير (قدس سره) التنباك، فكر الاستعمار البريطاني أن يقوم عبر سفارته في بغداد بنقض حكم الميرزا بسبب أحد العلماء، فحركت السفارة عبر الوسائط - بحسب عادتها - جماعة من الوجهاء فجاؤوا إلىٰ المرحوم الشيخ زين العابدين المازندراني المعاصر للميرزا الكبير وذلك في يوم كان مجلس الشيخ غاصاً بأهله ولما استقروا سأله أحدهم قائلاً: ما تقولون في هذا الحديث: (حلال محمّد صلّى الله عليه وآله حلال إلىٰ يوم القيامة وحرام محمّد صلّى الله عليه وآله حرام إلىٰ يوم القيامة) (11).
قال الشيخ: حديث لا إشكال فيه.
فقال السائل: أخبرني هل التنباك كان حلالاً قبل تحريم الميرزا أم كان حراماً؟
وهنا عرف الشيخ بالمكيدة، فأجاب قائلاً: كان حلالاً.
قال السائل: فبمقتضى هذا الحديث هو حلال إلىٰ هذا اليوم وإلىٰ يوم القيامة، ولا أثر لتحريم الميرزا؟
قال الشيخ: لا ليس الأمر كما زعمت، بل إنّه حرام الآن بسبب فتوى التحريم ولا منافاة بين هذا الحديث الشريف وبين فتوى الميرزا بالتحريم، وذلك لأنّ العناوين الأوليّة تبقى علىٰ حالها ما لم تتعارض مع عنوان ثانوي فإذا تعارضت تغيّرت، كالصوم الذي هو واجب إلىٰ الأبد ما لم يطرأ عليه عنوان الضرر، فإذا طرأ عليه عنوان الضرر صار حراماً، والتنباك حلال في ذاته لكن طروء عنوان الضرر عليه صيّره حراماً، فأفتى الفقيه الجامع للشرائط والمرجع البصير بالأمور بحرمته، فأصبح حراماً بفتواه، فهو من اليوم حرام حتى يرجع الميرزا عن حكمه وذلك فيما إذا ذهب العنوان الثانوي...
وبهذا الكلام أكد الشيخ، فتوى الميرزا بالتحريم فسدّ طريق الاعتراض علىٰ المعترض بحيث لم يجد ثغرة يتسلل منها إلىٰ مآربه.ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجمع الفائدة، الأردبيلي، ج 1، ص 8،؛ التحفة السنية، محمد محيي الدين عبد الحميد، ص 113