روى المسعودي والشيخ الطوسي وغيرهما عن أبي نعيم محمد بن أحمد الأنصاري أنه قال: وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني إلىٰ أبي محمد العسكري (عليهما السلام) ليناظره في أمرهم.
قال كامل: فقلت في نفسي أسأله وأنا أعتقد أنه لا يدخل الجنة إلا من عرف معرفتي وقال بمقالتي، قال: فلما دخلت عليه نظرت إلىٰ ثياب بيضاء ناعمة عليه، فقلت في نفسي: ولي الله وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا بمواساة الإخوان وينهانا عن لبس مثله.
فقال مبتسماً: يا كامل، وحسر عن ذراعيه فإذا مسح أسود خشن علىٰ جلده، فقال: هذا لله عز وجل وهذا لكم، فخجلت وجلست إلىٰ باب عليه ستر مسبل فجاءت الريح فرفعت طرفه فإذا أنا بفتى كأنه فلقة قمر من أبناء أربع سنين أو مثلها.
فقال لي: يا كامل بن إبراهيم.
فاقشعررت من ذلك، فألهمني الله أن قلت: لبيك يا سيدي.
فقال: جئت إلىٰ ولي الله وحجته وبابه تسأله هل يدخل الجنة إلا من عرف معرفتك وقال بمقالتك؟.
قلت: إي والله.
قال: إذن والله يقل داخلها، والله إنه ليدخلها قوم يقال لهم الحقية.
قلت: يا سيدي من هم؟
قال: قوم من حبهم لعلي (عليه السلام) يحلفون بحقه ولا يدرون ما حقه وفضله، ثم سكت (عليه السلام) عني ساعة، ثم قال: وجئت تسأله عن مقالة المفوّضة، كذبوا بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله فإذا شاء الله شئنا، وهو قوله: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱلله﴾ (15).
ثم رجع الستر إلىٰ حالته فلم أستطع كشفه، فنظر إليّ أبو محمد (عليه السلام) متبسماً فقال: يا كامل بن إبراهيم ما جلوسك وقد أنبأك الحجة بعدي بحاجتك، فقمت وخرجت ولم أعاينه بعد ذلك.
قال أبو نعيم: فلقيت كاملاً فسألته عن هذا الحديث فحدثني به (16).ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15- سورة الإنسان، الآية: 30.
16- الغيبة، الشيخ الطوسي، ص 248.