جاء أعرابي إلىٰ النبي صلّى الله عليه وآله والبرد علىٰ كتفيه صلّى الله عليه وآله، فجذب الأعرابي أطراف الرداء جذبة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه وهو يقول بخشونة بالغة:
يا محمد، احمل لي علىٰ بعيري هذين من مال الله الذي عندك، فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك...
فسكت النبي صلّى الله عليه وآله هنيئة ثم قال: المال مال الله وأنا عبده...
وقال صلّى الله عليه وآله: ويقاد منك يا أعرابي ما فعلت بي؟
قال: لا؟
قال صلّى الله عليه وآله: ولم؟
قال: لأنك تعفو، وتصفح، ولا تكافئ بالسيئة السيئة.
فضحك النبي صلّى الله عليه وآله ثم أمر أن يحمل له علىٰ بعير شعير وعلىٰ الآخر تمر (18).
وبمثل هذا العفو جمع النبي صلّى الله عليه وآله الناس حول الإسلام واستقطب مختلف الفئات وأصحاب العديد من الأديان والمبادئ.ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- الشفا بتعريف حقوق المصطفى، القاضي عياض، ج 1، ص 108.