نقل لي أحد المؤمنين من مدينة السماوة بالعراق أنه أيام زيارة الأربعين وذهاب المشاة إلىٰ كربلاء من كل العالم... كان أحد الأهالي من أهل السماوة الكرام يذهب كل يوم ويأتي بالزوار إلىٰ بيته ليخدمهم، وفي أحد الأيام صادفه مجموعة من الشباب، فدعاهم إلىٰ بيته ولما استقروا في البيت وجدهم لا يصلون ويمزحون بطريقة غير لائقة ولهم سلوكيات غير مستقيمة، فلما رأى هذه الحالة، أنكر عليهم سلوكهم غير الأخلاقي فطردهم من بيته وقال: أنتم لستم من المشاة إلىٰ الحسين (عليه السلام)، فخرج الشباب وساروا مسافة بعيدة إلىٰ أن استقروا في مكان معين، وفي تلك الليلة نام الرجل صاحب البيت فرأى الإمام الحسين (عليه السلام) معاتباً له بقوله:
كيف تطرد زوّاري؟
فقال الرجل: سيدي أنا خادم للزوار ولكن هؤلاء الشباب كانت سلوكياتهم غير صحيحة... فما وجدتُ فيهم سمات الزوار.
فقال له الإمام (عليه السلام): هم زوارك أم زواري؟
قال الرجل: سيدي هم زوارك.
قال (عليه السلام): تذهب الآن وتأتي بهم إلىٰ البيت وإلا لن أرضى عنك!!
فتحيّر الرجل بماذا يجيب الإمام الحسين (عليه السلام)... فقال: سيدي أبا عبد الله لا أعلم أين هم الآن؟
فقال (عليه السلام): في المنطقة الفلانية وبيت فلان.
فقام الرجل من النوم مرعوباً وفي منتصف الليل ذهب إلىٰ تلك المنطقة التي وصفها الإمام له... وطرق الدار... فخرج صاحب البيت وقال: تفضل ماذا تريد؟
قال: لي قضية... فحكى له ما جرى بينه وبين الشباب..
قال: أريد أن تساعدني في إرجاع الشباب الزوار وإلا فإن الإمام الحسين لا يرضى عليّ... رفض صاحب البيت في البداية ولكن لما شاهد إصرار الرجل... نادى الشباب وكانوا نياماً... فلما أفاقوا ورأوا صاحب البيت الأول رفضوا الذهاب معه... ولما أخبرهم أنه لم يأت إلا بطلب من الإمام الحسين (عليه السلام) وتوسل إليهم حتى يعودوا معه.
فتعجب الشباب وقالوا: بالله عليك هل الإمام أرسلك خلفنا؟
قال: إي والله الإمام أرسل خلفكم!!
وإذا بالشباب وهم يعرفون أنهم غير ملتزمين دينياً ولكن هذه ألطاف سيد الشهداء (عليه السلام) عليهم تشمل كل الناس... ونظر أحدهم إلىٰ الآخر والدموع تنهمر من أعينهم... وهم يرددون: أحقاً الإمام أرسلك ونحن غير صالحين...
ثم قالوا: يا أبا عبد الله الحسين عهداً منّا إليك أن نلتزم بالصلاة وأن نترك الغناء ونكون شباباً مؤمنين صالحين ولا نرتكب الذنوب والمعاصي...
ورجعوا مع صاحب البيت الأول إلىٰ داره معززين مكرمين...
هكذا أحبتي الشباب الإمام الحسين (عليه السلام) يطهر القلوب والعقول ويزكي الأعمال ويطهرها...