طلحة والزبير امتعضا لصنع أمير المؤمنين (عليه السلام) معهما في المساواة بينهما وبين غيرهما من المسلمين في العطاء، وناقشا أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذلك، ولكن الحق كان أقوى منهما، وأولى بالاتباع في منطق أمير
المؤمنين (عليه السلام).
أخرج في (مناقب آل أبي طالب) عن أبي الهيثم بن التيهان، وعبد الله بن أبي رافع قالا: «إن طلحة والزبير جاءا إلىٰ أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالا: ليس كذلك كان يعطينا عمر.
قال (عليه السلام): فما كان يعطيكما رسول الله صلّى الله عليه وآله؟
فسكتا.
قال (عليه السلام): أليس كان رسول الله يقسم بالسوية بين المسلمين؟
قالا: نعم.
قال (عليه السلام): فسنة رسول الله أولى بالاتباع عندكم أم سنة عمر؟
قالا: سنة رسول الله صلّى الله عليه وآله.
ثم قالا: يا أمير المؤمنين لنا سابقة وعناء وقرابة.
قال (عليه السلام): سابقتكما أقرب أم سابقتي؟
قالا: سابقتك.
قال (عليه السلام): فقرابتكما أم قرابتي؟
قالا: قرابتك.
قال (عليه السلام): فعناؤكما أعظم أم عنائي؟
قالا: عناؤك.
قال (عليه السلام): فوالله ما أنا وأجيري هذا إلا بمنزلة واحدة، وأومأ بيده إلىٰ الأجير (38).
وهكذا جرت سيرة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) لتكون نبراساً للأجيال الصاعدة وأملاً للمظلومين والمستضعفين، وكبحاً لجماح المستكبرين والطغاة، فلا يفضل غني علىٰ فقير، ولا أبيض علىٰ أسود، ولا عربي علىٰ أعجمي، ولا شريف علىٰ وضيع... إلا عند الله في القيامة بالتقوى... لا بالمال في العطاء الذي جعلهم الله فيه سواءً في الدنيا.ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
38- دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، الشيخ المنتظري، ج 2، ص 684.