أخرج في (مناقب آل أبي طالب) عن الأصبغ بن نباتة قال:
«صلينا مع أمير المؤمنين (عليه السلام) الغداة، فإذا رجل عليه ثياب السفر قد أقبل، فقال علي (عليه السلام): من أين؟
قال: من الشام.
قال (عليه السلام): ما أقدمك؟
قال: لي حاجة.
قال (عليه السلام): أخبرني وإلا أخبرتك بقضيتك.
قال: أخبرني بها يا أمير المؤمنين.
قال (عليه السلام): نادى معاوية يوم كذا وكذا، من شهر كذا وكذا، من سنة كذا وكذا: من يقتل علياً فله عشرة آلاف دينار.
فوثب فلان، وقال: أنا.
قال له معاوية: أنت؟
فلما انصرف إلىٰ منزله ندم وقال: أسير إلىٰ ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وآله وأبي ولديه فأقتله؟
ثم نادى مناديه اليوم الثاني: من يقتل علياً فله عشرون ألف دينار.
فوثب آخر فقال: أنا.
فقال معاوية: أنت؟
ثم إنه ندم واستقال معاوية، فأقاله.
ثم نادى مناديه اليوم الثالث: من يقتل علياً فله ثلاثون ألف دينار.
فوثبت أنت وأنت رجل من حميَر.
قال الرجل: صدقت.
قال علي (عليه السلام): فما رأيك؟ تمضي إلىٰ ما أمرت به أو ماذا؟
قال الرجل: لا، ولكن أنصرف.
قال (عليه السلام): يا قنبر أصلح راحلته، وهيئ له زاده، وأعطه نفقته .
هذه واحدة أخرى من أمثلة العفو الرائعة التي ضربها علي (عليه السلام) في سيرته الوضاءة، يعلم بمن أراد قتله ويتركه ليذهب حيث شاء. ويضيف: إنه يصلح راحلته، ويهيئ زاده، ويعطيه نفقته...
أين تجد مثيل ذلك إلا في الإسلام الصحيح؟ (39)ــــــــــــــــــــــــــــــــ
مناقب آل أبي طالب، ابن شهراشوب، ج 2، ص 97.