لما انقضى الحفل وانصرف المهنّئون، دعا الرسول صلّى الله عليه وآله أُم سلمة وعائشة وبعض أُمّهات المؤمنين، وطلب منهن أن يمضين بفاطمة إلىٰ بيت علي (عليه السلام)، وبعد صلاة العشاء ذهب النبي صلّى الله عليه وآله إلىٰ بيت علي (عليه السلام)، فدعا الرسول صلّى الله عليه وآله بماء فقرأ عليه بعض آي الذكر الحكيم، ثمّ أمر العروسين أن يشربا منه، وتوضّأ بالباقي فنثره علىٰ رأسيهما، وهو يقول: «اللّهُمَّ بارك فيهما، وبارك عليهما، وبارك لهما في نسلهما».
وهنا لم يتمالك النبي محمّد صلّى الله عليه وآله إلّا أن أرسل دموعه عندما قبّل فاطمة ليودّعها وهي تبكي شأنها شأن كل عروس فارقت بيت أبيها ومرتع طفولتها، ولما همّ بالانصراف انحنى علىٰ فاطمة بكل عطف وحنان قائلاً لها: «لقد تركتك وديعة عند أوّل الناس إسلاماً، وأقوىٰ الناس إيماناً، وأكثرهم علماً، وأفضلهم أخلاقاً، أما والله يا فاطمة لقد زوّجتك سيّداً في الدنيا والآخرة».
لقد استجاب الله سبحانه وتعالىٰ دعاء نبيّه الكريم في تلك الساعة «جمع الله شملكما، وأعزّ جدكما، وبارك عليكما، وأخرج منكما كثيراً طيباً».
أجل بارك الله تعالىٰ لعلي وفاطمة (عليها السلام) زواجهما السعيد، وحصر ذرّية نبيّه المختار صلّى الله عليه وآله في أولاد ابنته وحبيبته فاطمة الزهراء (عليها السلام).