جزيرة روناك عام ١٥٨٧

132 9 3
                                    

فتحت عيني على لكمة تُسدد إلى أنفي لتطرحني أرضًا وتنفجر من أنفي الدماء،

هناك من لا يحبني.هم في كل مكان

ظللت ممددًا مكاني أحاول استيعاب ما يحدث والحشد يهلل مشجعًا

لكن ليس لي.

- نعم، أعطه ما يستحقه يا (إيلاي)

- انظر كم هو مثير للشفقة!

- ياله من أحمق. اقتُله أرجوك يا (إيلاي)

حسنًا، من هو إيلاي ومن هؤلاء الأشخاص بل ومن أنا..من جديد؟

جاء رجل يبدو في أوائل الخمسينيات ليوقفهم ويساعدني على النهوض ثم صاح بهم جميعًا كي يبتعدوا عني قائلًا

- إذا لم يتوقف هذا الهراء في الحال سأضطر للتدخل وقد نندم جميعًا، ابتعدوا الآن وليذهب كل منكم لمباشرة عمله. إذا كان لديه عمل وليترك أعمال العصابات تلك وشأنها، أتفهمون؟

فقال ذلك المدعو إيلاي

- حسنًا يا سيد (وايت) سأنفذ كل ما تأمر به

ثم مر بجانبي هامسًا لي

- هذا لم ينتهِ بعد أيها المعاق، سنستأنف ذلك لاحقًا

وتعمد صدم كتفه بكتفي وتابع السير مبتعدًا.

نظرت حولي لأجد كبائن خشبية كبيرة حيث يعيش هؤلاء القوم،

" هل أصبحت من الغجر الآن؟ أين أنا بحق الله؟"

اصطحبني السيد (وايت) هذا إلى كابينته وشرع بتضميد أنفي، وهناك جلست أستوعب ما حدث للتو محاولًا تذكر أي شيء كأين أنا على سبيل المثال!

نحن نتحدث الإنجليزية، ثياب معظمنا رثة ما عدا أنا والسيد (وايت) على ما يبدو، عددنا ليس بكثير، يبدو أننا معسكر ما، ملابسنا عتيقة الطراز جدًّا

وكأننا في عصر من العصور الوسطى أو ما يقربه

حدثني السيد (وايت) برفق قائلًا

- تصرف هؤلاء الأوغاد غير مقبول ولكنه متوقع إلى حدٍّ ما خاصة بعد ما حدث منذ أسبوعين..لكن لا تدع هذا يحبطك يا (فيليب) فهذا ثمن تدفعه عندما تكون مختلفًا

- ...

لم أعلق، لم أكن أعلم حتى ما الذي يتحدث عنه هذا الرجل وهنا بدأت الذاكرة تعمل وتندفع ذكريات لم أعشها من قبل إلى رأسي كي أتعرف إلى نفسي..

مازالت أذكُر (سامي ريان) و(أيخان دنيز) لكني الآن لست أيهما أنا.أنا..

(فيليب ماسترز) شاب في أواخر العشرينيات أتيت وهؤلاء القوم لإنشاء ثاني المستعمرات الإنجليزية على تلك الأرض الجديدة التي يدعونها (أمريكا الشمالية) أتينا منذ بضعة أشهر والوضع هنا ليس منضبطًا، فالفوضى تعم المكان لذا قرر السيد (جون وايت) - هذا الرجل الثري ومؤسس تلك المستعمرة - الاستعانة بالسير (والتر رالي) ممول المستعمرة كي يرسل بعض الرجال لضبط الأمن هنا حيث أرسل له خطابًا منذ أكثر من شهر ولم يسمع منه حتى الآن.

أتذكر أننا مهددون هنا فقد يهجم علينا الإسبان في أي وقت إذا علموا بوجودنا هنا وذلك نتيجة للحرب الدائرة بيننا (الإنجليز) وبينهم الآن، وحاميتنا على ما يبدو مكونة من بضعة رجال لا يَكفُون لحمايتنا من بعض اللصوص.

هذا ما استطعت تذكُّره في تلك اللحظات القصيرة، لكني لم أتذكر بعد لِمَ يكرهني هؤلاء القوم هكذا؟

قال السيد وايت مستطردًا

- اذهب لنيل قسط من الراحة الآن، لا عمل لك اليوم فقط اذهب لتستريح

- أذهب؟ إلى أين؟

- ماذا بك؟ هل صدمت رأسك بقوة؟

- على ما يبدو فأنا لا أتذكر أي شيء

- كفى مزاحًا

- أنا لا أمزح

- ...

ضغطت على نفسي لأتذكر، لم يفلح ذلك

- حسنًا سأنصرف الآن لكن أين كانت كابينتي؟

- ..؟!!

كان يوجد إناء به بعض الماء على منضدة خشبية فغرفت منه بكفي

لأغسل وجهي ونظرت في المرآة لأجد نفسي وسيطًا

...

خرجت من كابينة السيد (وايت) لأتفاجأ بمجموعة من الأطفال يلتفون حولي مبتسمين، فقال أحدهم

- لقد ضربك ضربًا مبرحًا اليوم

- هذا ما أفكر بفعله بكم الآن

- هل تريد اللعب معنا؟

- دعوني أهدر المزيد من الوقت مع مجموعة من المتشردين ذوي عقول صغيرة وبدائية مثلكم

- لم أنت لئيم دائمًا هكذا؟

- ...

ابتعدت عنهم، حقًّا لا أفهم لم أنا كذلك؟ يبدو أن هذا جزء من شخصية (فيليب)، لا بد وأن هناك المزيد لأكتشفه أيضًا

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن