آدم

90 10 3
                                    

خلد جميع من بمنزل الأستاذ إبراهيم للنوم ما عدا ذلك المشاكس آدم..

هناك من يموت في مكانٍ ما بالقرية فوجب عليه أن يفعل شيئًا أو هكذا كان يفكر.

من المفترض أن يرحل هو وأخته في الصباح الباكر إلى الميناء لاستقلال أول باخرة متجهة إلى باريس،

"الجندي لا يهرب من أرض المعركة؟ هذا كل ما تردد بذهنه،

بينما يتسلل متجهًا نحو باب المنزل صدر ذلك الصوت الصغير الهادئ من خلفه

- ماذا تفعل يا آدم؟

توقف عن التنفس للحظات ثم استوعب أنه صوت أخته نادية، فاستدار لها وأخذ ينهرها ليجبرها على العودة إلى فراشها

- اذهبي لحجرتك الآن، وما أفعله ليس من شأنك

- إذا لم تخبرني سأوقظ أبي وأمي على الفور وأخبرهما

ضغط على أسنانه في غيظ ثم اقترب منها قائلًا

- سأذهب لاستنشاق بعض الهواء

- كاذب

- ..

- أخبرني وإما سأخبرهما

- ..

نظرت له ببراءة الأطفال بعينيها الواسعتين، تترقرقان وتحملقان به سائلة

- إلى أين؟

فقال هامسًا

- منذ يومين كنت أتفقد الحقول فلمحت شيئًا غير طبيعي

- أين؟

- .

- لن أخبر أحدًا، فقط أخبرني

- عند مخزن القمح المهجور بالقرب من أرض سالم، سأذهب لتفقده

- الآن؟ وما هو الشيء غير الطبيعي هناك؟

- إنهم رجال.سود وحليقو الرؤوس و..لا أعلم، مظهرهم مرعب حقًّا. سمعت والدي ذلك اليوم يتحدث عن أنهم سبب ما يحدث لأهل القرية، سأذهب للقضاء عليهم

- ألهذا تحمل عبوَّة الكيروسين معك؟

- يجب أن يوقفهم أحد

- لم لا تخبر أبي؟

- حاولت..حان الوقت كي أثبت له أني لم أعد طفلًا وسأكون بطل هذه القرية عندما أخلصهم من هذا الخطر

- أخشى أن يصيبك سوء

- سأكون بخير، سأعود قبل شروق الشمس والآن.عديني أنكِ لن تخبري أحداً

هزت الفتاة رأسها موافقة فقال

- الآن عودي إلى فراشك فالجو بارد

- ..

عادت الفتاة لفراشها بينما انطلق الفتى إلى الحقول.

بعد عشرين دقيقة سيرًا وصل أخيرًا إلى أرض سالم فأخذ يراقب الوضع..يبدو هادئًا، اقترب بحذر من المخزن المهجور وألقى الكيروسين على جميع جدران المبنى ذي الطوب اللبِن، نظر خلسة بين الشقوق ليتأكد أنهم بالداخل لكن.ليس هناك أحد.

على الفور اتجه إلى الباب وفتحه بحرص..

صرير يصدر من الباب، التراب في كل مكان..بعض الحشرات زحفت مبتعدة عن الطريق..

سقطت بعض الأتربة والحشرات على ملابس الصبي ورأسه فأخذ ينفضها بقرف وازدراء.

أخذ يفكر لابد من وجود شيء يدل على هُوِيَّة هؤلاء الغرباء لكن.

لا يوجد فراش على الأرض يدل على أنهم ينامون هنا، لا يوجد طعام أو بقايا طعام لتدل أنهم يأكلون هنا.ما هذا؟ من هؤلاء؟

سرت قشعريرة في جسده بينما يزحف أحدهم كالعنكبوت على الجدار خلفه مسلطًا نظراته الثاقبة عليه وعندما استدار الفتى كان قد زحف عائدًا إلى الأعلى فلم يره.

سقط المزيد من الأتربة على ملابس الفتى وبعض القش وبعض الحشرات..

نفضها مرة أخرى في قلق ومن ثَم نظر إلى مصدر الأتربة بالسقف ليجد هذا المنظر المروع.

مجموعة الرجال السود هؤلاء متشبثين بالسقف بالأعلى، يبدو السقف كوكر للعناكب، فزع الصبي ليسقط على ظهره فيمزق جزء من ملابسه ويجرح ذراعه.

سرعان ما تماسك الصبي..يبدو أنهم لم يشعروا بوجوده أو هكذا ظن الصبي،

نهض بهدوء، لم يحوِّل عينيه عنهم بينما تأخذه قدماه للخارج، لكن سرعان ما توقف عندما حول عينيه نحو الباب ليجده مغلقًا ويزحف عليه هذا الأسود كالبرص.

اصدر ذلك الشيء صريرًا عاليًا لينتبه الآخرون بوجود الصبي لتُصَلَّت كل تلك العيون الصفراء عليه ومن ثم..

صدرت صرخة عالية من داخل المخزن، لم يسمعها أحد غير الحقول الواسعة والطرقات الخالية.  

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن