الخواجة عباس

94 7 0
                                    

استيقظت على جلبة منتفضًا، اقتربت الخادمة ذات الملابس القروية قائلة

- صباح الخير يا سيدي

- ...

أتذكر تلك الفتاة."سعدية" على ما أتذكر عندما جاءت للعمل لدينا وهي في الثالثة عشرة من العمر لإعالة أسرتها وافقت زوجتي على الفور بشرط أن تعلمها القراءة وتهتم بها وذلك لأنها لمحت فيها الذكاء والفطنة..

أصرت أيضًا زوجتي أن تجعلها ترتدي الملابس القروية في المنزل بدلًا من ملابس الخدم وذلك لأنها تحب أجواء القرية المصرية وتريد رؤيتها حتى داخل المنزل كما أنها لم تعترض على الإطلاق ارتدائي للجلباب عند مقابلة رجال القرية في المساء..بل شجعتني على ذلك كيلا أنسى من أنا.

إمرأة متفهمة حقا، لكن ما تلك الجلبة؟

قاطعت الفتاة أفكاري قائلة

- لقد كنت على وشك إيقاظك يا سيدي..

- ما سبب تلك الجلبة؟

- إنه الخواجة عباس..يريد مقابلتك لأمرٍ هام

- الخواجة عباس؟

تذكرته الآن، إنه أخو زوجتي ويُدعى ماتياس ولأن الاسم صعب على ألسنة القرويين البسطاء أصبح اسمه الخواجة عباس، لقبوه بذلك وهو لم يعترض بل رحَّب بإطلاق اسم عربي عليه كما أنهم يطلقون على زوجتي اسم (الست منى).

بدلت ملابسي وخرجت لرؤيته على الفور، لمحت علامات الفزع على وجهه ووجه زوجتي

- ماذا بكما؟

فقالت مونيك في اضطراب

- ماتياس أخبرني للتو بشيء مريب أظن أنه من اختصاصك كوسيط

- وسيط؟

"يبدو أنكما تعلمان عني الكثير، تُرى ما الذي تعرفونه غير ذلك؟"

نعم أتذكر الآن لقد قابلتها - أعني إبراهيم قابلها - عندما كنت في أحد المهمات أثناء البعثة في فرنسا، أتذكر أيضًا أنها ساعدتني في العديد من المهام الوسيطية.

قال ماتياس لينتشلني من أفكاري

- إبراهام..هل تسمعني؟

- هه..ماذا؟ أكنت تتحدث؟

فقالت مونيك

- عزيزي، انتبه قليلًا..هذا أمر هام وخطير

- عفوًا فأنا لم. ماذا قلت؟

فقص ماتياس عليَّ من جديد ما حدث منذ أسبوع بالضبط والمقبرة التي أكتشفها والتي خرج منها شيء خفي يدفع الرجال كالحصان الهائج فقلت له

- إذًا..

- إذًا؟ أتمزح؟ على أي حال نحن لم نصل للجزء الغريب بعد

- وهو؟

- عندما دخلت لأستكشف المقبرة لأكتشف أنها لم تكن كذلك.لا توابيت،لا كنوز..لا شيء يدل على أنه كان هناك أحد مدفون هنا أو حتى إنها كانت مُعَدَّة من أجل ذلك..لا رسومات على الجدران فقط بضعة رموز لا دخل لها بالنقوش المصرية القديمة

- هذا حقًّا عجيب، لكن هل أنت متأكد من أن هناك شيئًا غيرَ طبيعي وقد يكون هذا..لا أعلم ضغط هواء دفع الباب عندما أُزيل التراب من أمامه ومن ثَم دفع العمال و...

- هناك أكثر من خمسين عامل يتلقون العلاج الآن في المستشفى في المدينة، معظمهم كانوا بعيدين نسبيًّا عن الموقع من الأصل

- .........

- وإليك ما هو أغرب، في ذلك الأسبوع ومنذ أن اكتشفت المقبرة أو مهما كان ما اكتشفته، مات اثنا عشر شخصًا آخرهم الخفير عواد ليلة أمس

- وباء؟

- لا، على الرغم أني أشعر أننا سنتمنى لاحقًا أنه كان كذلك    


العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن