الرجل الغامض

271 14 0
                                    

مرت أمام عيني ذكرى معيَّنة حدثَتْ منذ ثلاث سنوات كنت أصبحت لتوِّي وسيطًا، عندما بدأت أسمع أصواتًا في الظلام، وظن الجميع أني مجنون يتضمَّنهم أنا وقررت عائلتي إرسالي إلى مستشفى الأمراض النفسية لدى معالجتي الدكتورة نجاة.

أتذكَّر أيضًا الركن المظلم الذي ظلَّ يتبعني في كل مكان ولم أعرف ماهيته، وأتذكَّر تلك الليلة بالتحديد.

حين دخلت حجرتي بالمستشفى ليلًا لأجد على سريري مفاجأة فهناك من ترك لي شيئًا..

وجدت خنجرًا مقبضه مزخرف عليه نقشة ذهبية لوجه أسد إفريقي، يبدو أن نصله حاد جدًّا ووجدت معه رسالة

" من أجل الفارس، استعمله عند اللزوم"

تعجَّبت كثيرًا وتساءلت: ما هذا؟ ومَن تركه؟ وأي فارس؟ وأي لزوم؟

أخذت الخنجر وخرجت باحثًا في الطرقات عمَّن قد تركه هنا، لكن "لا أحد"، عدتُ إلى حجرتي، ولكن عندما حاولت فتح الباب كان موصدًا بإحكام، نظرتُ نحو الركن المظلم لأجدَه يتربص بي في الدهليز، ومن ثَمَّ بدأ يزحف نحوي فركضتُ مسرعًا في الأروقة حتى وصلت إلى آخر الرِّواقِ لأجد نهايةً مسدودة، غطَّى الظلام جدران الرِّواق زاحفًا نحوي، وأنا متجمِّد مكاني وإذا بالذي يقفز من الظلام كان يبدو كالأسد الجبلي أسود اللون، وعيناه تشعان ضوءًا أحمر، وأنيابه تبدو حديدية فِضِّية اللون، وقف هناك ينظر لي بتوعُّد ثم أخذ يزمجر مستعدًّا للهجوم تحركت ببطء وهدوء حتى مررت من جانبه لأواصلَ الركض عبر الأروقة، ركضتُ بأسرع ما استطعتُ لكنه أدركني بقفزةٍ واحدة لأسقط على وجهي فغرس حوافره في ظهري فأخذت أصرخ ألمًا وأتأوَّه بشدة

بدا وكأني وحدي في المستشفى لم يسمعني أحد..لا يوجد أحد

تمدَّدت على ظهري وهو يقف فوقي ينظر لي لثانية كنت أعلم أنه سيلتهمني بعدها، ولم الانتظار؟ إما المقاومة وإما الاستسلام، وأنا لم أكن لأستسلم بتلك السهولة، نظرت بجانبي لأجد الخنجر ملقًى بجانبي، مددت يدي قدر المستطاع حتى أمسكت به، كشف الظلامي هذا عن أنيابه وقبل أن يفترسني طعنته في ظهره، فأصدر صريرًا في ألم كالكلب المجروح ثم ركلته بعيدًا عني فنهضتُ مسرعًا مفاجئًا نفسي وتابعت الركض متجاهلًا الألم ووقفت للحظة كي ألتقط أنفاسي، بدا أن الليلة ستكون طويلة، وجدت هذا الحيوان مازال يطاردني حتى وصلت إلى رِواق مسدود هو الآخر لكن "متى سُدَّت تلك الأروقة؟"

علمت أنه لا مفر، لا بُد من المواجهة وقد تكون هذه هي المرة الأولى في حياتي التي واجهت فيها شيئًا، وعندما أفعل أجدني أواجه حيوانًا مفترسًا خرافيًّا خرج من جدار، هذا أنا وهذا حظي النَّحِس في صورته الخام.

هناك عند نهاية الرواق أنزفُ والدماء تتساقط من جروحي ولكني مازالت واقفًا على قدميَّ منتظرًا منه أن يبدأ هجومه،

وكالعادة وقف ينظر لي للحظة ثم يقترب ببطء، ثم أسرع فأسرع فقفزة، سقطت على ظهري مرَّة أخرى وهو فوقي" بدأ هذا المشهد يتكرر كثيرًا معي"، أخذنا نتدحرج واحدًا فوق الآخر على الأرض فواصلت الطعن فيه وكأن الطعنات لا تؤثر به كثيرًا على الرغم من الجروح التي أحدثها به الخنجر الغامض هذا تظهر عليها آثار حروق، وكأني طعنته بخنجر حارق، آخر ما توصلت إليه هو أني طعنتُه في رقبته ثم في عينه فأصدر المزيد من الصرير وابتعد خائفًا ثم تمدد مستسلمًا على الأرض، يبدو التنفس صعبًا عليه، فاقتربت منه وأنا لا أقوى على الوقوف حاملًا الخنجر في يدي قائلًا:

- كان من الممكن أن تقضي عليّ بسهولة وتلتهمني ولكن أنت من يحب اللعب بطعامه

فطعنته مرة أخرى في رأسه فتوقف عن التنفس ثم انصهر ليتحول إلى مادة سوداء كالزئبق فابتلعتها الأرض.

لم تعُدْ قدماي تحملاني فسقطتُ على الأرض فأصبحتِ الرؤية شبهَ ضبابية فوجدتُ من اقترب مني يبدو رجلًا لم أر ملامحه ولكنه موجود، اقترب مني ومسح على وجهي قائلًا، ستكون بخير أيها الفارس ثم أخذ الخنجر من يدي وابتعد، فبدأت الرؤية تتلاشى أمامي ثم.ظلام

العين الثالثةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن