المكان : طوكيو، الحي السابع
الوقت : 01:00 صباحا
التاريخ : ؟؟ ؟؟ ؟؟
انخفضت درجة الحرارة في تلك الليلة إلى حد غير معتاد بهذا الوقت من السنة، وفيما أظلمت السماء وإمتلأت جنباتها بالغيوم الثقال، واصل الثلج انهماره دون كلل أو تعب كاسيا الأرض وطامرا كل ما في طريقه تحت أكوامه، رياح الزمهرير عزفت أقسى الالحان، معلنة لسائر المخلوقات أن مسرح الليلة لسطوة الطبيعة المنقطع النظير وأن دور بقية الكائنات سيقتصر على مشاهدة عظيم قدرة المنان.
الحرارة تجاوزت حاجز الصفر المئوي وهي ما تزال في رحلتها ماضية، كل عاقل إما في سريره غاف أو أمام مدفأته قاعد بحثا عن لمسة حانية من يد الدفئ المفقود، الشوارع خلت من أي أثر للحياة فلا يوجد مخلوق قادر على تحمل هذه الأجواء.
ولكن يبدو أن هذا لم يكن الحال بالنسبة لذلك الطفل، بخطوات بطيئة متعثرة راح يجر ساقيه جرا نتيجة للثلج المتكدس في الطرقات، الدم تجمد في عروقه مصحوبا بفقدان الإحساس بأطرافه، اصابعه المزرقة الدامية تؤلمه بشده والأبخرة الخارجة من فمه باتت تتجمد فور خروجها من جوفه، ضم أطراف قميصه الممزق محاولا ستر جسده لعله يحصل على قليل من الدفئ ولكن عبثا، مجرد دخول الهواء إلى جوفه أصبح مقرونا بالكثير من الألم.
بلا نجاح راح يزفر الهواء على يديه عله يحسن حالهما لكن دون جدوى، دموعه تجمدت في محجرها فما عاد قادرا على البكاء، يواصل السير وهو لا يدري إلى أين ؟، معدته تصرخ معلنة رفضها لطريقة تعامله معها مطالبة بحقها الشرعي في طعام يسد رمقها، متناسية أن جيوبك مثل أمعائك ليس بها شيء، تجبرها على الصمت لتصيح من القهر وهي تضرب كفا بكف .
تنحني بجسدك محاولا ألا تطيح بك الريح التي ضايقها تواجدك فراحت تسعى جاهدة أن تقذف بك بعيدا مستغلة نحول جسدك وبروز عظامك، تواصل مسيرتك الصامتة وأنت تفقد شعورك بما حولك، كم مضى عليك من الوقت؟ ما عدت قادرا على الإجابة فمن يدري فقد يكون الزمن قد تجمد بدوره وسط هذه العاصفة.
الدوار يتسلل إلى رأسك والظلام ينتشر بلا هوادة، خطواتك تصبح أبطأ وأثقل، أنفاسك ما عادت كافية وصدرك يوشك على الإنفجار، زئير العاصفة راح يخفت تدريجيا بل إن كل ما حولك بدا أشبه بأوهام
" أنت تموت "
أدركت هذا في نفسك، أفزعك هذا الخاطر لوهلة وتخيلت جثتك الباردة شاخصة الأعين ممددة على الطريق والناس من حولك مجتمعون، ومن يعلم ربما القى أحدهم أوراق الصحيفة التي يقرأها على جسدك مغطيا بشاعة المنظر عن الآخرين مثل جثة الكلب التي شاهدتها قبل بضعة أيام.
" ترى ماذا سيقولون؟ هل سيشعرون بالأسى عليه للحظات قبل أن يعود كل منهم إلى حياته وأشغاله؟ ترى أيهزون رؤوسهم مؤكدين أن الحياة أصبحت أصعب لينطلقوا بعدها إلى أعمالهم ملقين بذكرى ما شاهدوا في أقرب صندوق للقمامة؟، أم أنهم سيتحاشون جسده كما تتجنب القاذورات في منتصف الطريق؟"

أنت تقرأ
اللعبة المميتة ( مسابقة MA )
Mystère / Thriller" يقولون أنه يجب نسيان الماضي والتطلع دوما نحو المستقبل حسنا، ماذا إذا كان هذا الماضي هو الذي يدمر حاضرك ويحطم مستقبلك؟ " البداية كانت مجرد رسالة ولكن بطريقة غريبة الكل اعتقد بأنها مزحة ما عدا شخصا واحدا ليظهر هو معلنا شارة الإنطلاق للعبتنا البسي...