الجزء الخامس ( الفصل الثاني )

307 30 22
                                    


" أين أنا ؟ " 

 خرجت تلك الكلمات من فمه وهو يتأمل الممر الذي يقف في بدايته والحيرة بادية على وجهه، المكان يمتد مد البصر، السقف والأرضية قد غطاهما مربعات تتباعت بين اللونين الأبيض و الأسود، الأبواب الخشبية بمقابضها الذهبية الكئيبة المغلقة على الجانبين، فيما الظلمة تزداد تدريجيا، متى وصل إلى هنا؟ أخر ما يتذكره أنه كان منشغلا بإعادة دراسة سلسلة الجرائم الثلاث الأخيرة في مكتبه، فكيف انتهى به الحال في هذا المكان؟ 

 لا صوت يعلو فوق الصمت، استدار ملقيا نظرة على ما خلفه ليفاجأ بحائط يبلغه بأن هذه هي نهاية الممر من هذا الإتجاه، عاد ببصره إلى الطريق الممتد أمامه وقد أدرك بأنه لا خيار أخر له. 

في خطوات متمهلة بدأ في المسير، وقع أقدامه بدا كخلفية إثارة لأحد أفلام الرعب التي يكرهها، لا يدري كم استغرق في مشيه لكن الممر ظل بلا نهاية والأبواب كما هي. 

 توقف عن السير مع ذلك الصوت الذي ارتفع بغتة واخترق أذنيه، هذا صوت ضحكات، تلفت حول نفسه محاولا العثور على المصدر ولكن دون نجاح، فجأة فتح أحد الأبواب الخشبية، دار نحوه لتسقط عيناه على طفل صغير، في التاسعة أو العاشرة ربما، البشرة البيضاء، الشعر الأسود القصير والعينان السوداوان، لسبب ما بدا له مألوفا جدا ولكنه لم يعرف لحظتها لماذا؟ . 

 دون مقدمات وقبل أن تفتح فمك نظر إليك وابتسم لينطلق بعدها راكضا في الممر 

" انتظر لحظة " 

 لم تدرك السبب لكن ساقيك بدأتا في الركض خلفه، على الرغم من كونه يهرول فقط إلا أنك عجزت عن اللحاق به وظلت المسافة بينكما تتزايد وقد فشل نداؤك المستمر له بدفعه للتوقف 

" هذا الطفل، وتلك الملامح، هذا غير معقول، لا يمكن "

 خرجت الكلمات من بين أنفاسك المتلاحقة، الخواطر المزعجة تتصارع في عقلك وأنت تحاول طردها عبثا ولكن موقن بأن الإجابة ما تكره.

 توقف الطفل في منتصف الممر، أسرعت وقد لاحت لك الفرصة، أوشكت على لمسه لولا ماحصل، في مكانك تيبست وقد اتسعت عيناك عن أخرهما، حبالك الصوتية قد شلت لثوان قبل أن تندفع تلك الشهقة متلية بهتاف الإستنكار 

 " مستحيل، مستحيل، لابد من أن قد بدأت أهذي "

 بصرك لم يتزحزح عن تلك المرأة التي ظهرت فجأة، صورة مجسمة للجمال كانت، البشرة البيضاء الصافية، الشعر الأشقر المنسدل كالحرير إلى منتصف ظهرها، ابتسامة هادئة تشكلت على فمها الدقيق وشفتيها الورديتين، عيناها العسليتان كانت تشعان طيبية واحتراما.

 حسن منظرها قادرعلى سلب قلوب أعتى الرجال لكن بالنسبة له كان ما يشعر به هو الرعب والخوف، والذي تضاعف حينما نظرت نحوك، الطفل أسرع إليها فيما أنت تراجعت إلى الوراء خطوتين وقد أزمعت الهرب

اللعبة المميتة ( مسابقة MA )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن