الجزء الثالث ( الفصل الحادي عشر )

487 56 73
                                    

المكان : طوكيو، أوديبا، الميناء الغربي

الوقت :الثامنة مساء

التاريخ 5/7/2012

ألقى الظلام بظلاله على تلك البقعة المنعزلة في أطراف الميناء الغربي، وفيما لف السكون المكان من ما عدا صفارات بعض السفن البادية من بعيد، بدا كل شيء وكأن الزمن قد توقف على تلك النقطة بمخازنها الضخمة ذات الأبواب الفولاذية الصلبة والتي كتب على كل واحد منها بطلاء أبيض باهت رقم ما، نسائم الرياح الخافتة امتزجت مع صوت الأمواج الرتيب مشكلا مزيجا ضاعف من وحشة المكان.

فجأة وبلا مقدمات تمزق الصمت على وقع صدى تلك الخطوات والتي بدا أنها تصدر من كل مكان، أشعة القمر المتسللة من بين الغيوم سمحت لتلك الظلال بالتشكل على الجدران، راح وقع الخطى يتزايد بشكل مطرد على عكس أحجام الخيالات المتقلصة، ضوء القمر الذي ترك خجله مزيحا ستار الغيوم سمح بمزيد من الرؤية.

أربعة هو عددهم والرعب خامسهم، تأمل الرعب الحيواني يستل فرشاته ليرسم تفاصيله على وجوههم الشاحبة، العيون المتسعة والأفواه اللاهثة، الشعور المنتصبة والأنوف المحمرة، العرق يغرقهم ولكن لا إهتمام ، انظر للسائل الأحمر المتفجر من كتف أحدهم والذي بدا منشغلا في ما هو أهم، أربع هم جسديا وخمسة واقعيا مع احتساب الرعب الذي كان معهم، أقدامهم لا تتوقف عن الركض ، صدورهم تضيف وأنفاسهم تنقطع ولكن لا يبطئون، تعثر احدهم ليسقط أرضا، بقعة الدماء التي ظهرت على ساقه كانت المقدمة للسيل المنهمر.

صارخا وراجيا هتف في الباقين ولكن لا أحد منهم فكر بالإلتفات ناهيك عن التوقف، راح يبكي في صوت مسموع وهو يحاول الوقوف دون جدوى ممسكا بموضع الدماء المتفجرة، الألم قد غرس نفسه على تعابيره ولكنه لايهدأ، وبخطوات مترنحة مستندا بيده على أحد الجدران واصل رحلته لاعنا و شاتما الأخرين.

لم يكد يخطو بضعة امتار حتى تبدد الوجع عن وجهه ليحل محله الرعب اللامتناهي حينما وصل إلى أذنه وقع تلك الخطوات، القوة والثقة عنوانها، الهدوء والتأني غلافها كصياد أيقن أن فريسته بلا حول ولا قوة فلا داع للعجلة، ضاعف من سرعته بما استطاع وهو لا يكف عن النظر خلفه في ذعر، تعثر من إنشغاله بالإلتفات بقطعة خشب مهملة، اصطدم وجهه بالأرض لتبدأ الدماء بالجريان من أنفه المهشم ولكنه لم يكترث، في جنون حاول النهوض على الرغم من ساقه النازفة، صوت الأقدام اقترن بصوت تكة معدنية أثارت فضوله للحظة قبل أن يركله جانبا

استطاع الوقوف بعد إضاعة العديد من الثوان، الخطوات أصبحت قريبة منه والصوت المعدني لا يصمت، راح يلهث دون توقف والدموع تنهمر من عينيه بلا حدود، مثانته أوشكت على الإنفجار ولكن هذا كان أخر إهتماماته، توقف صوت الأقدام خلفه مباشرة فيما استمر الصوت الأخر رتيبا لا ينقطع، سقط قلبه من مكانه وراح جسده ينتفض دون رحمة، أسنانه راحت تصطك بقوة، يداه انقبضتا لا إراديا، بصعوبة ابتلع ريقه بعدما كاد يخنقه، أغلق عينيه وهو يدير رأسه إلى الوراء ببطء مرتجف قبل أن يفتحهما من جديد .

اللعبة المميتة ( مسابقة MA )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن