٢١

4.4K 427 260
                                    

الساعه 4:47 فجرا
كان في وسط الغابه بين اشجار الصنوبر في المنطقه التي تقود للمنحدرات السحيقه ..حيث الغابه تعيش حياتها مثل عذراء  بين الظلال والسكينه دون ان تطالها ايدي البشر
كان يمشي... ثم توقف اذ لمح نمرٌ يخرجُ من بين الحشائش
كانت الشمس تشرق ببطئ شديد وكأنها تتحسس العالم بحذر

توقف النمر ونظرَ للمكان الاكثر كثافه ..لم يستطع رؤيته او الشعور به فالرياح تهب من الجهه المعاكسه .
وقف الصياد يتربصه بصمت كان قد قضى فترة لاباس بها في هذا المكان ليعرف كل خبايا الغابه وتفاصيلها حتى اللحظات التي يتغير فيها المناخ   وتتبدل فيها حركه تيارات الرياح

كانت بيته الثاني ...تالف معها واندمج  فيها ... فمنذ فتره صباه يعدها ملاذٌ يحميه من عواصف ذكرياته وصراعاته مع نفسه  بل ويستدل بها حين ينتابه شعور الضياع، والوحده
هي المهرب دائماً .. والملتقى ايضاً

كانت قد مرت عشر سنوات  منذ ترك المدينه بعد وفاة زوجته  بينما  تنجب طفله الثالث  ...

الامر الذي ترك في قلبه حزن عميق ...ولكونه يعرف نفسه لايمسك شيء دون ان يكسره ...قرر الابتعاد عن منزله وترك ابنيه تحت رعاية والده ..."اليوت "
ومنذ ذلك الوقت هو يحاول اعاده  التوازن في نفسه
 
قبل ان يعود من جديد ليمسك زمام امور العائله
ولكن فتره عشره سنوات تغير الكثير ...وتتبدل معها
الضروف والمعتقدات ...

فقد تلقى اتصال من شقيقه قبل
ثلاثه اعوام علم ان كارل غادر المنزل ولم يعُد لهُ...

لم يذكر له شقيقه تفاصيل حول السبب وانما
ذكر له رؤوس اقلام ..
اعلمهُ ان الوضع ما عاد مستقرٌ ..فهم يشعرون بالتهديد دائماً، هناك اشخاص يتم استهدافهم من العائله  ...وبعضهم يتم قتلهم تحت ضروف  غامضه  ..
دون ان يعرفوا من هو الذي يستهدفهم ولاي سبب !!

اخبره ان صغيره رينو اصبح بعمر التاسعه وهو يتلقى تدريباته تحت اشراف جده ...
وانهم يتلهفون لعودته ...

ولكنه في تلك اللحظه كان  لايزال غير مستعد ...بالذات بعد سماعه لخبر مغادره كارل ...كان يتوقع هذا اليوم منذ ان قرر تبنيه قبل ٢٢ عام ...
ولكن ليس في غيابه ...

عاد لواقعه ،ومشهد المياه العميقه والاشجار الوحشيه  تحيط به  من كل اتجاه  والرياح  تهب بهدوء  دون ان تحرك اغصان الصنوبر

وقف النمر في تلك اللحظه كما المسحور اذ في تلك المواقف حين يتوجه القدر نحوك باي شكل كان وينادك باسمك  تتولد جاذبيه غامضه
تجبرك على النظر فقط تشل حركتك وتوقف الحواس ...بل وحتى مقدرتك على التفكير وتجعلك تنتظر فقط !
ذلك ما شعر به النمر ...

نظراته الامعه وسط الظلام ذكرته بكرستيان  صديق طفولته ...حتى ان صورته التمعت بذهنه لتريه راس رفيقه الاشقر  باتجاه واحد مع النمر

الثأر الصامتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن