الفصل الأول

38.9K 499 19
                                    

البارت الاول

الحب ياتينا دون سابق انذار ولكن هل ياتى الحب بالمستحيل ؟ والاجابة نعم ياتى الحب بالمستحيل فامام الحب يزول كل مستحيل فقد نعشق من استحال العقل ان يتخيله
القلب هو الفؤاد ولكن لا يسمى القلب فؤادا الا اذا احب ايا كانت نهاية هذا الحب هل نهاية سعيدة ام شقية المهم ان يلامس القلب نبض مختلف لشخص مختلف فتصاب كل الاعضاء بسكينه لم تعهدها حتى يصير كامل الجسد عاشقا لتلك النبضات المختلفة التى لا يشعرها الا فى وجود شخصبذاته فيصبح كامل الجسد مدمن على رؤيا هذا الشخص وهذا هو الحب
السعادة ليست اماكانيات بل هى قرارا كما الايمان فكلاهما قرار من اعماق الانسان ذاته وكل شخص مسئول عن قراره فالله خلق لنا الكون وسخر لنا ما فيه وطوعه لنا ولكنه ترك لنا الايمان به ان يكون نابعا من داخلنا فاما ان نؤمن واما ان نكفر ولن يحاسب غيرنا على قرارنا كذلك ايضا السعادة فنحن من نقرر ان كنا سنعيش سعداء ام اشقياء ونحن ايضا المسئولون وحدنا عن سعادتنا فابمكاننا ان نسعد بابسط الاشياء كما فى امكاننا الا نسعد الا فى وجود وسط معين قد نتكلف كثيرا للوصول اليه
قد يفقد الازواج الترابط والود بينهم ويستحيل الحب مما قد ينتج عنه افساد العلاقة باكملها وان امعنا النظر قليلا لوجدنا اننا انهينا علاقة جميلة لمجرد ان الشركين لم يفهما بعضهما البعض بالقدر الكافى فاستحال على كلا منهما الغوص فى اعماق الاخر ليفهم ما يريده وما يكفيه فليس من الضرورى ان من يكفينى يكفى غيرى ولا ان ما يسعدنى لابد ان يسعد غيرى فهناك شىء اسمه حد الكفاية يختلف من شخص لاخر وهناك نظرة الى الحب والسعادة تختلف من شخص لاخر ولكن الاهم ان نصل لنقطة التلاقى عندما نحدد اين يكمن حد الكفاية عن الشريك الاخر فنسعى الى اشباع رغباته وبالتالى نسعده ونسعد انفسنا معه
اذا شعرت ان الحياة لا تعطيك ما تتمناه او انها لا تعطيك ما تعطيه للاخرين فاعرف ان هذا شىء طبيعى وليس حياتك هى البائسة والصحيح ان الحياة تعطيك الا ان طلبت انت فكيف لها ان تعرف ما تريده الا اذا طلبت فان وجدت انك تريد السعادة والحب فاطلبهم من الحياة وستجدهم المهم ان تطلبهم بنفسك
لا تعتقد انه لا يمكن ان يخرج من الحياة ما هو افضا مما انت فيه ولا يمكن لها ان تعطيك اكثر مما اعطتك فهذا كله كلام واهى فالحياة خلقت لنا لتعطينا على طول الطريق وربما تاخذ منا فى احيانا اخرى المهم انها فى المقابل ستعطينا ولكن عليك انت ان تبدا بالسعى لما اهو اكثر سعادة واقوى حبا
لقد اصبحت الان الحياة بوضعها المقلوب ولكن ليس بفعل الطبيعة بل بافعالنا نحن فقد اصبح الزواج هو العلاقة فى الظلام واصبحت الخيانة هى العلاقة التى فى نور
والادهى ان العلاقة الزوجية اصبحت تنحصر فى قالب روتينى محدد فى حين اصبحت الخيانة تتلون كل يوم بطريقة فمرة خيانة بالعلاقات الحميمة ومرة خيانة بالمقابلات فى الشوارع ووقد تكون عبر كلمات هامسة او ربما فاضحة حتى تقدمت الخيانة واصبحت عبر الحسابات الاليكترونيى بينما حرمت كل تلك التنويعات على العلاقات الحقيقية التى توجت امام الناس فلم يتلون الزوجان بعضهما لبعض ولم يتهاتفا عبر  الوسائل الاليكترونية واصبح الزوج يعانى من فتور وانشغال زوجته بالبيت والابناء فى حين ان عشيقها ينعم باختلاق الاوقات لاجله وعلى الناحية الاخرى تعانى الزوجة من برودة وجمود الزوج فى حين انه اشد الرجال رومانسية مع عشيقته ولكن ان اردنا محو الخيانة فلنبدا بانفسنا ونحب ذاتنا لنزداد ثقة وهذا كله يعكس تصرفاتنا فنصبح اكثر جاذبية لازواجنا وزوجاتنا
ليست كل خيانه خداع اوانها نتجت نتيجة حب الخيانة مجردة عن اى صفة اخرى ولكن قد تكون الخيانة ناتجة عن مرض حيث يعلو سقف حد الكفاية عن شخص ما الى مالا نهاية حيث انه لا يستطيع الى الوصول الى الحب الذى يشبعه عاطفيا فيظل يبحث عنه من فتاة لاخرى فيصير خائنا بالمرض
كل شىء ينقص عند الانقسام الا السعادة انما هى تزيد عند الانقسام ولعل الله اضفى عليها تلك الصفة لنسعى الى ان نقسم سعادتنا مع غيرنا فنسعد جميعا اذا فالسعادة فى النهاية هى لغة حياة وتتشابة فى ذلك مع تكون الجنين فكلما انقسم الجنين فى اول اطوار نكوينه كلما ازداد حجما ودبيت فيه الحياة حتى انه ان ان اون فصله عن رحم امه زادهم سعادة كذلك وهذه حكمة الله فى السعادة
............
فى احد القرى البسيطة هناك بيت صغير تنام فيه فتاه فى مقتبل عمرها بكل اريحيه لا تشعر باى ضجيج حولها وما ان اشرقت الشمس بنورها الا واستيقظت ولكن كان يبدو على وجهها انها قد كانت تعيش مع اضغاث احلام مزعجة فقامت واول ما نادت نادت على امها
الفتاة : ماما يا ست الكل اين انتى وركضت نحو غرفتها لتوقظها وما ان لامست يدها مقبض الباب الا وتذكرت ان امها لم تعد موجودة معها ولكن لسان حالها رافضا للفكرة فامها كانت لها الانسان الوحيد الملائكى فى هذا العالم
تراجعت عن الباب وعادت من حيث اتت الى غرفتها مرة اخرى وجلست شاردة وقد اغرورقت عيناها بالدموع فكيف لها ان تحيا تلك الحياة بمفردها هكذا
فصرخت صرخة مكتومة وقالت ساتجرا يوما على اقتحام قصرك ايها الغول وساقتلك كما قتلت امى
انتبهت على صوت رنين هاتفها فوجدت ان المتصل هى اختها راجية
الفتاة : اهلا راجية
راجية : كيف حالك يا عنود
عنود : ببكاء ارجوكى ارفعى من صوتك لا اسمعك
راجية باسف : عفوا عنود واغلقت هاتفها بسرعة ثم ارسلت لها رسالة
كتبت فيها ( عفوا عنودى لم ارد ان ارفع صوتى لان حماتى جوارى وانت تعرفينها تسخر منا فلم ارد احراجك ولكنى فى ذات الوقت كنت اود الاطمئنان عليكى فقد اصبحنا وحيدتين فى تلك الدنيا )
قرات عنود الرسالة التى لم تزدها الا بكاءاً وحسرة على حالها
اخذت عنود تتذكر حياتها فلم تجد فيها ما يجعلها تقبل على الدنيا باى امل فاملها كان يكمن فى اسعاد امها وها هى امها قد قتلها الغول كما تظن او ربما يظن كل من فى القرية بل ان ظنهم كان اقرب الى اليقين
قامت بتثاقل واول شىء فعلته ان فتحت حاسوبها وتوقفت عند اسم احد اصدقاءها على صفحة التواصل الاجتماعى  تحمل اسم الغول وبدات تكتب له
صديقى الغول انت الوحيد الذى يهون على حياتى التى اشعر انها لم يعد لها اى معنى فقد كرهت الدنيا باسرها وكم اشعر براحة وانا اتمنى الموت ولانى لا ارتاح الا لكلماتك فلم اعد اريد الحياة الا لانك انت فيها فانت الوحيد الذى تهون علي تلك الحياة الموحشة التى اعيش فيها وحيدة واليوم بدات يومى كسابقه بكابة بسبب عاهتى
وبالرغم من رفضى لتلك الحياة الغريبة التى احياة الا انى اتشبث بها لاجل ان تاتى الفرصة واقتل هذا الغول
ما ان قرا صديقها الرسالة الا وارسل اليها ما يهدا من حالها فعلى الرغم من انها لم تراه ابدا الا انه الوحيد الذى يؤثر فيها بل العجيب انها لا تعرف غيره
الغول : ايها العنود الصغيرة ما دمتى تتنفسين انفاس الحياة وجب عليكى ان تعيشيها ولا تحملى نفسك فوق طاقتها فقد يكون كل ما تعيشين فيه مجرد اوهام واعلمى ان الله لم يخلقك ليشقيكى ولم يميت امك لينهى حياتك فكان الاولى ان اراد ذلك ان يميتك انتى منذ البداية وهو القادر على كل شىء ولكن لكل مرء منا اجل محدد
معذرة انا الان فى طريقى لعملى ولكنى لن اغلق الا بعد ان اخذ منك عهد انك ستقومين من امام حاسوبك لتبداين يوم مشرق على حياتك فالحياة جميلة تستحق ان نعيشها
العنود : هل استطيع ان اعيش يوما مشرقا رغم ما انا فيه والله انك ان رايتنى لنفرتنى ولكنك تقول هذا لانك لا ترانى
الغول : لا انا اعرفك حتى وان لم اراكى ويكفينى انى صادفتك فى حياتى . هيا اعيدينى ارجوكى
اخذت عنود نفس عميق وابتسمت ابتسامة عذبة وكتبت : اعدك انى ساحاول
الغول : هذا جميل ولنا ميعاد اخر فى المساء
قامت عنود بالفعل من امام حاسوبها وتوجهت نحو المطبخ لتجهز لنفسها اى فطور ولكنها وجد ان بقايا عشاء امس هو الموجود فنظرت حولها فوجدت ان خزين طعامها قارب على النفاذ وهى لا تملك ايه نقود فنظرت لنفسها فى المراة وقالت ساذهب الى عمى واطلب منه بقية ميراثى ولن اخجل من نفسى وساكون قوية حتى ابنى لنفسى كيانى
ارتدت ملابسها البسيطة وخرجت متوجهه لمنزل عمها الذى لم يبعد عن منزلها سوى ببيتين
ما ان دخلت الا واستقبلها عمها بنوع من الفتور وكان يجلس جواره ابنه علاء
علاء شاب فى السابعة والعشرين من عمره ولكنه يتمتع بغرور وكبرياء شديدين كما انه فاقد لاى اخلاق حميدة فوفرة وجود المال بين يديه منذ الصغر جعلت منه انسان غير مسئول البته عن تصرفاته بل والادهى ان اصبح لا يصادق سوى المدمنين
دخلت عنود فى استحياء والقت تحيتها
علاء بكل استفزاز : اووه لقد صرعتينا بصوتك العالى بمجرد التحيه فما بالك من بقية حديثك
شعرت عنود انه قد طعنها بسكين بارد وان كلماته تعنى السخرية من عاهتها بطرقة اخرى غير مباشرة ومع ذلك حاولت ان تتماسك لحين ان تبلغهم برغبتها فى الحصول على بقية ميراثها
لم يمر سوى دقائق استمع فيها عمها لطلبها ثم قال لها : من قال لكى ان لديكى بقية ميراث عندى فوالدتك  قد اخذت كامل ورثكم وكنت اظنك تعلمين هذا والا كيف قد جهزت والدتك اختيكى لاجل زواجهم وكيف انفقت عليكى لاجل شفاء عاهتك
المتها الكلمة ولكنها لم تستطيع الرد ومع ذلك ظلت تتظاهر بالتماسك حتى لا تنهار امامهم
الا ان عمها فاجئها فقال لها : ولكن ان اردتى المال حقا ورجلا يستركى فسازوجك من علاء ابنى
هنا لم تستطع السكوت فردت بسرعة قائلة : لقد عايرتنى منذ لحظات بعاهتى والان تريد ان تضيف الى عاهة اخرى كيف هذا ؟
هنا اشتعل علاء غيظا وقام من مكانه وكاد ان يضربها لانها اهانته الا ان والده احال بينهما وقال له : اهدا يا علاء منذ متى ونحن نتجرا على ضرب النساء ؟
دمعت عينا العنود واستاذنت ورحلت قبل ان تبكى امامهم فهذا ما لا تتمناه ابدا فهى عنيدة جدا وتعتز بكرامتها
ما ان خرجت الا وقالت زوجة عمها : انها فتاه عنيدة حقا فاستحقت اسمها ولكنى مع ذلك احترمها اشد الاحترام فرغم حاجتها الا انها اعتزت بنفسها ولم تطلب منك المساعدة بل طالبت بميراثها
العم : صدقينى يا ام علاء لم يكن لها اى بقية ميراث واعلم انى ان عرضت عليها اى مساعدة لابت ولكنى اردت ان اضغط عليها فى موضوع الزواج لاكثر من سبب اولهم حمايتها خاصة انها اصبحت وحيدة وثانيهما انها حقا ليس لديها اى مال يعينها للانفاق على نفسها وليس بسهولة ان تجد عملا نظرا لعاهتها السمعية ولانها لم تكمل تعليمها ولان بلدتنا فقيرة فاين ستجد عمل يعينها على العيش
اما ثالث هذه الاسباب هو انها انسب النساء لاصلاح ابنك
اما رابعا والاهم اننا فى الصعيد وسوف افقد هيبتى ان تركت ابنة اخى هكذا تعيش وحدها ولانى اعلم ان امها قد ربتها على الكرامة فلهذا ضغطت عليها بالزواج
نظرت له الام نظرة ماكرة وقالت : او ربما لتكفر عن ذنبك لانك كنت تحب امها حتى وهى زوجة لاخيك وانت اول من سعى فى طلاقها لتتزوجها
اقتضب حاجبيه فقد ذكرته زوجته بضعفه امام امها فتركها ورحل بعيدا عنها حتى لا يسمح لها بالتفوه اكثر من هذا
......
فى المساء جلست العنود بلهفة امام حاسوبها وانتظرت ورود رسالة لها من الغول صديقها الوحيد فهى لم تفتح الا لتحادثه فقط
فوجدته يرسل لها : ابتسامة عزيز تعطى لنا دفعة ولكن الواقع يعطى لنا صفعة
فكتبت له بسرعة وقد كانت تطير فى عنان السماء من كلماته : والله انت الابتسامة التى تعطينى الحياة باكملها وليس الدفع الى الحياة ولكن الدنيا حقا تعطينى صفعتها لتفيقنى على واقع انى لن اراك يوما
ابتسم هو كذلك على كلماتها وارسل اليها قائلا : ولقد كتمت الحب بين جوانحى حتى تكلم فى دموعى  شئونى . هيهات لا تخفى علامات الهوى فكاد المريب ان يقول خذونى
اخذت نفس عميق وتمنت ان كان هذا الكلام حقا لها ولكنها تعلم تمام العلم انه مجرد معلم لها يعطيها دفعات للحياة بعد ان تحدثت معه يوما عن ظروفها بكل صدق
عاد وارسل اليها : كيف حالك عنودتى الان
قالت له : مغتمة تمام الغم وكان الغم ترك كل الدنيا وتجمع عندى
فعاد وارسل لها : يا عنود لما كل هذا الياس من الحياة انها لا تستحق منا كل هذا بل معنى هذا انك قد فقدتى الثقة فى رحمة الله فهل يستحق الكريم منكى هذا ؟
العنود : حاشا لله انا لم اقصد هذا ابدا ولكنى حقا مغتمة بما يحدث حولى فكل شىء ضدى حتى اقرب الناس الى
الغول : لم اعتاد منكى على هذا الياس بل اريد ان ارى العنود الشمالية العنيدة التى تعودت عليها فهيا اقبلى على حياتك بكل رحابة فانتى تستحقين ذلك
العنود : تحدثنى وكانك تعلمنى تمام العلم او ربما ترانى امامك
الغول : بالفعل انا اعرفك تمام المعرفة
ردت العنود بتلعثم وقد بدا توترها هذا فى عبراتها وتاخيرها فى الر د فكتبت : كيف رايتنى ومتى ومن اين تعرفنى ؟
انتبه هو الى ما قاله وعاد وكتب لها : انا لم اراكى ولكنى بنيت لكى صورة فى خيالى حسب ما عرفتينى بنفسك
العنود : ولكن هل هل وصفى لنفسى لك جعلك هكذا تعرف ما بداخلى فانت حقا دوما كما تتحدث معى وكانك عاشرتنى منذ زمن
الغول : قد نلتقى باناس صدفة فنرى فى روحها نسخة من روحنا
فتجذب روحنا لها طواعية كانما كنا من قبل نعرفها
اخذت نفس عميق وكتبت : حقا اراك اقرب الى من حبل الوريد فى ذات الوقت اخشى ان ترانى تنفرنى
الغول : انتى جميلة الجميلات ولكنك تفقدين الثقة فى نفسك وان علمتى انك تسلبين عقول كثير من الرجال لجعلتى من نفسك تاج على راس الدنيا
اخذت تتحدث معه ولم يتركها تنام ليلتها الا وهى فى قمة تفاؤلها بالحياة واغلقت حاسوبها ورقدت فى سريرها والابتسامة تملا وجهها وقالت لنفسها لا اتمنى ان اصنع لك صورة فى خيالى افضل من صورته وكانما اود ان تجتمع شخصيتك انت مع شكله هو واخذت تفكر فى شخص ما حتى غلبها النعاس
بينما لم يكن الحال عنده اقل حالا عنها فنام ليلت وصورتها اخر صورة كانت فى خياله وقال لنفسه : ان علمتى كم احبك لرافتى على قلبى من قوة نبضه
.......
قامت فى صباح اليوم التالى وقد نست ياسها الذى كان غالبا عليها امس وبدات تجهز حالها للخروج بحثا عن عمل
مرت على اكثر من محل ولم يسنح لها الحظ فى الحصول على اية فرصة واخيرا وجدت فرصة عمل فى مكتبة  بسيطة على اطراف القرية وقريبة من قصر الغول المشئوم
ولكنها لاحظت ان العمل فيها ضعيف وعندما سالت صاحبها فقال : يا بنيتى انتى ترين بعينك ان المكتبة على اول طريق القصر وانتى من ابناء القرة وتعلمين ان هذا الطريق تقع عليه الكثير من الحوادث والكل يؤكد ان تلك الحوادث بسبب لعنه هذا الغول
شردت عنود قليلا وتذكرت كلمة الغول الذى كانت تحادثه امس وانه اكد لها ان لعنة الغول تلك ما هى الا خرافة فعادت وسالت صاحب المكتبة باهتمام : هل ترى حقا ان تلك الحوادث هى من لعنته ام انها خرافة
اخذ الرجل العجوز نفس عميق وقال : الكل يعتقد هذا وان كنت انا نفسى بدات هذا مع انى كنت اول المخالفين لهم
تعجبت كلامه المتناقض وعادت وسالته : ماذا تقصد بانك كنت اول المخالفين لهم ؟
الرجل : يا بنيتى انا وعمك وامثال من هم فى عمرنا كنا فى طفولتنا لا يحلو لنا اللعب الا فى هذا الطريق فانتى كما ترين لا يوجد حوله مساكن سوى هذا القصر القديم فكنا نستمتع بلعبنا دون ان نزعج احد او ان يزعجنا احد ولم يؤذينا اى غول قط بل كنا نتسلق السور ونقطف من ثمار الفاكهة التى كانت تطرح على ابوابه رغم عدم وجود اشخاص يرعونها ولكن لم تظهر تلك اللعنة الا منذ ما يقرب من عشرون عاما عندما بدات السيارات تسير من هذا الطريق وبدات تظهر حوادثها ثم ان هذا قصر اكبر عائلة فى البلدة ولكنهم تفرقوا فى منازلهم المختلفة فى كل انحا البلدة عندما استقل كل رجل ببيته بعد وفاة الباشا الكبير والدهم وصاحب معظم اراضى بلدتنا
العنود بحزن : ولكنه تسبب فى موت امى بنفس الطريقة ( حادثة على الطريق) وكانت امى الشىء الوحيد الذى يبقينى حيه فى هذا العالم فكنت احبها حبا جما وقد ارتبطت نفسى بها حتى انى لم استوعب حتى الان انها حقا قد ماتت وتركتنى وحدى
الرجل : يا بنيتى انها اعمار والاعمار بيد الله
العنود : ونعم بالله اعلم انه اجلها ولكنه كان السبب فى موتها فالجل شىء وةالسبب شىء اخر
.........
مر شهر على عمل العنود بالمكتبه ولكنها لاحظت انها ربما زادت الرجل بحملها وربما قد قبلها لخجله منها عندما علم بحكايتها وان المكتبة ليس بها شغل يكفى لسد حاجيات الرجل ومرتبها فتركته وسبيله
ثم اعادت رحلة البحث مرة اخرى عن عمل وفى كل دقيقثة تلعن الغول الذى تسبب فى موت امها
فى المساء جلست العنود امام حاسوبها وبدات تكتب للغول الذى هو الشخص الخفى الذى تحادثه
العنود كتبت : ايها الغول ارجوك عد تسمية نفسك باى اسم اخر حتى وان كان العنقاء فكلاهما من المستحيلات الثلاثة فالاسم يثير بداخلى الرغبة فى القتل وانت عكسه بل انت ملاك ولست بغولا
رد عليها الغول وكتب : يا عنود جميعنا لسنا بملائكة ولسنا بغيلان كذلك
العنود : كم اود ان اراك يوما
الغول : نحن فيها ما رايك ان ترينى اليوم ؟
العنود بفزع : لا انا كنت افصح فقط برغبتى ولكن لا يعنى هذا انها تتحول الى حقيقة ثم انك على حسب ما قلت لى انك من بلدة اخرى اليس كذلك ؟
الغول : نعم حقا كلامك وانا ايضا كنت امزح معكى
هدات قليلا واخذت نفس عميق وكانها لتوها انقذت من الغرق فهى حقا تود ان تراه ولكنها تخشى رؤيته حتى لا ينفرها اذ انها تعتقد ان بدانتها سبب من اسباب نفر الرجال منها ثم ان عاهتها السمعية تعيق عليها السمع الطبيعى
الغول : فيما شردتى
العنود : شردت فيما اذا لم تظهر فى حياتى فكيف كنت ساعيشها ؟
الغول : لا تبنى حياتك على وجود احد فهل يصح لى ان ابنى حياتك على مجرد وجودك فماذا ان تعلقتى بشخص اخر فهل هذا يعنى نهاية حياتى ؟
العنود : ان كان علي انا فانا حقا هكذا فقد انتهت حياتى بموت امى
الغول : بل بدات حياتك يا عنود واظن ان الوقت قد حان لتقفى على اقدامك بنفسك فلن يحملكى الاها 
.......
قامت فى الصباح واخذت من جديد تبحث عن عمل واخيرا وجدت عمل فى حضانة اطفال
وكم كانت فى قمة سعادتها فهذا اخر امل لها فقد نفذ اى مخزون للطعام فى بيتها
ولكن لم يمر اكثر من اسبوع حتى فوجئت بان صاحب الحضانة يعتذر له عن استعداده لتقبلها من ضمن المدرسات حيث انه قال ان بعض الاطفال تعلموا منها خصلة ارتفاع  الصوت فاشتكوا امهاتهم من ذلك
لم تستطع ان تسمع اكثر من هذا فها هو يعايرها بعاهة سمعها فرحلت من امامه ولكن ماذا عليها ان تفعل فهى جائعة وليس لديها اى مال فعادت الى بيتها وهى فى قمة الياس
جاءتها اختها راجية وقد احضرت معها اصنافا من الطعام وما ان راتها العنود الا وارتمت فى حضنها تبكى
ربتت راجية عليها وقد اختلك بكاءهما معا
راجية : هونى على نفسك يا عنود فقد جات لاشكى لكى همى ولكنى تفاجات ان الوحيدة التى كانت تعطينا الطاقة دوما هى المغمومة اكثر منى
ابتعدت العنود عنها واخذت تمسح دموعها وتقول لا عليكى يا راجية فانا كما انا فاتى بما عندك
استشعرت راجية الحرج فاختها اول مرة تشتكى همها وهى التى كانت دوما تستمع لهم فقط ولا تشتكى ولم يكن من اللائق مع اول مرة تشتكى فيها الا تجد صدر حنون ترمى عليه همومها
العنود : هل لازال زوجك على حاله من الخيانة
بكت راجية وقالت : لقد سئمت الصمت والصبر على افعاله وسئمت من نفسى وكل يوم استشعر صغر نفسى امام نفسى فانا المخطاة منذ البداية لاننى انا من عرضت عليه نفسى وانا اعلم انه كان اصغر منى ولكن لم يكن لدى اى سبيل اخر فقد كنت اود ان ازيل عن كاهل امى حملنا خاصة اننى كنت قد اصبحت عانس يا عنود وكنت اود ان تتخلص من الانفاق على لافسح لها المجال لتدخر لاجل اجراء العملية لكى
العنود : وما كانت النتيجة يا راجية لا انتى عشتى سعيدة ولا امى ادخرت شىء لى ولا انا عاد لى سمعى ولكن ما استفدناه ان كل ما يخص الرجال فهو لا يزيدنا الا هما وكربا
وكان الافضل لكى ان تعيشى عانس بدلا من ان تموتى كل يوم قهرا لشعرك بالعجز والنقصان لانك لا تكفى زوجك فينظر لغيرك
راجية : اياكى يا عنود ان تتزوجى الا بعد ان تحبى فالحب يفعل الكثير وهو اساس السعادة
ضحكت عنود ساخرة وقالت : انا ؟ تقصدينى انا بكلامك هذا ؟ كيف خيل لكى اننى قد اتزوج ؟ هل من رجل يقبل انثى بدينة مثلى ولا تسمع الا اذا علا من صوته جدا حتى انه يتاكد انه لا يختبىء سر له فى بيته بسببى ثم كيف خيل اليكى انى قد اهوى الرجال من بعد ما رايته من غدر اباكى بنا ومن هو على شاكلته
راجية باسف : تقصدين زوجى
العنود : لا بل اقصد كل صنف الرجال فكلهم واحد واولهم عمك الذى لم يسال عنى ولم يساعدنى ولو بكلمة طيبة ومن بعده ابنه الذى لا يفتأ ان يسخر منى كلما مررت من امامه واخيرا علمت انه هو من كان السبب فى فقدى لعملى اليوم فهو صديق صاحب الحضانة الصدوق وبالتالى لم يرفض له طلبا
راجية : ولكنكى جميلة جدا يا عنود واتعجب من كلامك على نفسك بل انتى  اجملنا على الاطلاق
عنود : انتى ترينى هكذا لانك اختى
صمتت قليلا ثم قالت وكانها تتحدث من اللاوعى : تعرفين يا راجية الرجل الوحيد الذى خالف كل هذا هو زوج سما فكان لها ونعم الزوج بل كنت فى احيانا كثيرة اشعر انها ربما كانت تكذب علينا فى معاملته لها لتطماننا ولكنى فى ذات الوقت كنت متاكدة من كلامها لاننى اعرفه جيدا من قبلها
راجية بعدم فهم : كنتى تعرفينه ؟
عنود وقد تنبهت وبتلعثم : لا اطلاقا ولكنى كنت استشعر من كلامها وكاننى كنت اعرفه منذ زمن على الرغم انى لم اتقابل معه الا يوم زفافها فقط
راجية بتعجب هى الاخرى : تعرفين يا عنود انا ايضا كنت اتعجب فنحن اعلم الناس ان سما لم تكن جميلة البته بل وان طبيعتها كانت وكانك تتعاملين مع رجل وليس انثى
عنود : اعلم كل ما تقولينه ولهذا كنت اشعر انها قد تبالغ فى وصفها له بل الارجح عندى انه لم يحبها  بالمرة
راجيه بدموع : انى خائفة ان اصدمك ان هذه هى الحقيقة
نظرت لها العنود بسرعة وبتعجب ممزوج بضيق قالت باستفهامك : ماذا قلتى ؟ هل كان لا يحبها ؟
راجية بدموع : فى الحقيقة انا الوحيدة التى افصحت لى سما عن حقيقته وخافت ان تعترف امامك حتى لا تزداد كراهيتك للرجال لانها كانت تود ان تغيرى نظرتك فيهم لتستطيعى ان تبداى حياة دون الخوف منهم
عنود وقد بدات انفاسها تختنق :  ارجوكى يا راجية اجيبينى هل كل ما كنت اعتقده كان وهم وانه لم يحبها
....... .... 

مستنية تعليقاتكوا ومشاركاتكوا

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن