البارت التاسع

3.7K 179 16
                                    


البارت التاسع

اخذ الاخان يتعانقان بقوة ويدوران حول بعضهما فتارة يحمل غسان اخيه وهو يضمه وتارة يحمله اخيه وكان والدتهما بينهما تبكى وقد نسوا الجميع من حولهم وكان الكون خلا الا من ثلاثتهم فى حين ان الجميع كان بين مصفق او باكى
التفت الاخان الى امهما وحملاها بي
ين متعانقتين معاً
اخذوا هكذا لدقائق ثم عادت الام واتضنت غسان وقالت : ما اجملك يا بنى لقد افتدت كثيرا ولكن ملامحك لم تفارق نن العيون
قبل غسان راسها وقال : سامحينى سامحك الله واعفو عما ابتدرته من حرمانك من الحياة ولن ارفض ابدا ان تعيشين حياتك كيفما شئتى
احتضنت وجهها بكفه وقالت : حياتى فى وجودكما انتما فيها
ابتعد عنها غسان واقترب من وليد ومد يده يصافحه مرة ثانية وقال له : لن انكر هذا الجميل ابدا فقد رددت الى روحى
وكزه وليد فى صدره ولم يتفوه بحرف واكتفى بابتسامة ثم قال له اتركنى ايها الغسان لاذهب للعجوز فهى الان على احر من الجمر من الاشتياق
اسرع الخطى الى العجوز بعدما رمق ابنها بنظرة ذات مغزى اى ليستعد لاستقبال امه
كان الشاب يدعى علي وقد اعتدل واقفا منتظرا امه وعيناه على نهاية الطريق حيثما اختفى وليد
وما هى الا لحظات وكان الجميع مترقب ظهور العجوزة
وكان مراد العجوز هو الاخر جالسا وقد تذكر ذات الموقف عندما تلاقى مع سليم بعد سنوات فراق فدمعت عيناه لانه شعر بما الم بالسيدة الام الان
اخيرا ظهر وليد والعجزة تتابط يده وتسير جواره متباطاة متوترة
ما ان اقتربت وكانت نظراتها زائغة تبحث عن ابنها وما ان لمحته الا وشهقت وفتحت يدها ونادت بصوت متضطرب علي ولدى
هنا اقبل اليها ابنها راكضا وارتمى فى صدرها لتعانقه ثم شد عليه عناقه ورفعها عن الارض ودار بها وسط الحاضرين
بكى الجميع على فرحة تلك الام فاقبل غسان بدوره نحوها واخذ يقبل راسها فاحتضنته مع ابنها بينما قال غسان لعلي لقد وهبك الله هذه الام هدية منه ورحمة لك فى الارض فلولاها ما كنت اقلعت عن الادمان
قالت العجوز بدموع : لكم اولادى وبحثت بعينها على وليد وفتحت له يدها ليقترب اليها فهو سبب فرحتها تلك
اقترب منها وليد وسط التصفيق الحار من الحاضرين وقبل راسها
مرت حوالى ساعة افرغ الجميع فيها فرحتهم باللقاء وبين من يتذكر لحظات اخرى تخصه
ثم قام بعدها العجوز والقى كلمة شكر لكل من ساعد فى الاكتفاء الذاتى للدار وكل من ساعد مريض للوصول الى الشفاء
ثم قال : لقد انشات هذا المركز انا وتلميذى الذى يصر ان يكون الجندى المجهول بغرض مساعدة الاخرين على الخروج من ازماتهم التى معظمها نشا بسبب مرض النفس وبما ان النفس والجهاز العصبى مرتبطان ببعضهما البعض فقررنا ان نشترك معا فى انشاء هذا المركز ولعلكم تتعجبون ان قلت لكم انى انا وهو قد مررنا بازمات نفسية جعلتنا نتقوقع منفرين العالم حولنا لسنوات حتى كان هو البادىء فى التمرد على ما نحن فيه وقرر الخروج من تلك الشرنقة ليكتشف هو قبلى على الرغم من انى انا استاذه اننا قد اصبحنا اكثر ادراكا لما هو حولنا واصبحنا اكثر تحكما فى ذاتنا واعطينا الامور نصابها العادل من التفكير والحلول ولعل السبب الرئيسى فى هذا النضج هو السن وعلى الرغم انه فى عمر اولادى الا انه نضج اسرع منى
صمت للحظة وكان الجميع ناظرا اليه منصتا بكامل حواسه
ومع ذلك كلا كان مشغولا بامور اخرى تخصه فمثلا قد قام غسان من مكانه واقبل نحوعبير وسحبها من يدها ليقدمها الى امه فى حين ان عيون سليم تبعتها بصمت و بغيرة فكيف له ان يجروء ان يتلمسها هكذا والاغرب انها سعيدة ولم تعترض
رحبت والدة غسان بعبير افسحت لها جانيا لتجلس جوارها
وسليم ظل يطرح الاسئلة على نفسه دن وجود اى اجابة فهل عشقها غسان هو الاخر حتى يقدمها بتلك الحرارة الى امه ؟
فى حين ان ولاء كانت الى يمن السيدة العجوز واخذت تعدل لها من حجابها فى سعادة والسيدة تدعو لها
وكان على اليسار منها ابنها علي فاخذ يسترق النظرات على ولاء فقد كانت انيقة وفى غاية الجمال
فى حين انها هى ذاتها اخذت تسترق النظرات على وليد فى الوقت نفسه الذى لمحت فيه نظرات علي لها
اما عنود فكانت فى غاية السعادة فحبيبها هو من اكتسب كل النظرات اليه اما بوسامته الفجة او لاناقته الخاطفة للانظار او لرزانته ولم تعى ان وليد نفسه قد حفظ جميع النظرات التى نظرت اليها سواء من رجل او حتى اناث فهو شديد الغيرة
......
اكمل مراد العجوز كلامه قائلا : يزداد الانسان نضجا وبلاهة وبلاده كلما تقدم فى العمر واصبح لديه المقد رة لان يعطى لكل شىء نصابه الحقيقى من التفكير فيصبح اكثر صفاء لمن حوله واكثر نضجا وحكمة حتى انه يصير اكثر فهما للحياة جميعها وللبشر من حوله
وقبل كل شىء علينا اولا ان نعلم ان السعادة انما تاتى عندما نشعر بقيمة ما وهبه الله لنا فانما هو لا يهدينا الا ما ينفعنا ولكن كثير منا من لا يشعر بتلك النعم جهلا او تجاهلا وان قراتم فباى الاء ربكما تكذبان وكم تكررت فى سورة الرحمن لادركتم وقتها ما هو قدر جحود الانسان حتى انه نسى كذلك وفوضت امرى الى الله
اصدقائى وجميع الحاضرين معنا اليوم ل تجعلوا من انفسكم مخدوعين حتى لابسط الاشياء فاسهل ما يتم خادعك فيه هو حواسك التى بدورها تؤثر على ادراكك وقراراتك الصحيح منها والخاطىء فمثلا قد تنظر لطبق مملوء بطعام ملون زاهى الشكل فتحكم عليه بسرعه انه حلو المذاق وهنا فقد حكمت على الاشياء حولك بخداع حاسة البصر ونفس الشىء على حاسة السمع والشم الى اخر ذلك ولعلكم تتعجبون ان تلك الحواس هى من تصل بك الى الادمان او الى الحقد والكره اوحتى الى الافراط فى الحب وفى النهاية هى المسئولة عن اى ازمة نفسية ولهذا كان الارتباط بين الجهاز العصبى وبين المرض النفسى
ولهذا ولكى تتجنبوا اى مشكلة نفسية فى شتى سنوات عمركم عليكم الا تعتمدوا على حاسة واحدة فى تفسير ما يدور حولكم بل استخدموا حواسكم اجمع فلهذا خلقها الله لكم مجتمعة واعلموا ان ادراككم الصحيح للامور حتى وان كانت غريبة هو ما يجعلكم تصلون للحقيقة وادراككم يؤثر بدوره على قراراتكم
عاد للصمت مرة اخرى ليعيد جذب الانتباه اليه ثم امسك بكاس مملوء الى نصفه بالماء ورفعه امامهم وسالهم ماذا تظنون عما ساتناقش فيه ؟
علت الهمهمات التى اجتمعت فى النهاية انه من المؤكد ان سيتحدث عن نصف الكاس الفارغ او الممتلىء لكنه اسكتهم فجاة عندما قال ساتحدث عن وزن هذا الكاس
هنا صمت الجميع وتعجبوا من بداية الموضوع وظنوه تافها
بينما اكمل هو قائلا : لا اقصد الوزن كما قدرتموه فى عقولكم وانما ما يهمنى هنا الفترة التى ساقضيها حاملا لهذا الكاس فان حملته مثلا لدقيقة فلا سمة لاى مشكلة وان حملته لساعة ربما المتنى ذراعى اما ان حملته يوما كاملا فستتخدر ذراعى وربما شلت تماما عن التحمل عن الحمل اكثر من هذا
انتبه الجميع وبدات الهمهمات تعلو مرة اخرى بينما انكمشت عنود فى ذراع وليد لعله يفهما ما سيقوله العجوز
فابتسم لها وقال هامسا : اسمعيه بتعقل وستفهمين
قال العجوز فى كل تلك الحالات لم يتغير وزن كاس الماء لكنى كلما اطلت حملالكاس كلما اطلت فى وزنه
وهمومنا وقلقنا ومشاكلنا ما هى الا كما فعل الكاس بذراعنا فان فكرنا فيهم قليلا قلما لم نتاذى وكلما ازداد عقلنا تعمقا فى التفكير كلما تاذت نفسنا وحياتنا واجسادنا كذلك
ولهذا اقول لكم دوما ضعوا حمل الكاس عنكم عندما يتحدث الناس عنكم بسوء وانتم تعرفون انكم على الصواب
وان تخلصنا من حمل الكاس تخلصنا معه مع مرارة ما يهمنا ولا تنسوا ان الله انما احزنك ليبعدك عن النار او لانه يختبر قوتك ولا تكمن ذروة عطاء الله فى السعادة فليست كل السعادة بالعطاء بل يجوز ان تكمن السعادة فى المنع
هنا صفق الجميع فقد اعجبهم المثل وزادهم املا
هنا تحولت افكار كل شخص كلا فيما يخصه ف لاء قررت وضع حمل كاس وليد وان تبدا حياة جديدة وعبير قررت ان تضع كاس البعد عن سليم وان تمنح له فرصة جديدة اذا جاء اليه طالبا ودها
اما عنود فقررت هى الاخرى وضع كاس خيانه والدها التى تؤرق حياتها وان تعيش فى ظل حب وليد وحنانه
وكذلك كان الحال عند غسان وعلى وعند والدتيهما ايضا
اما عند هبة واحمد فكذلك قرروا ان يرموا كاس الماضى وان يعيشون معا وكانهم يكتشفون حبهم من جديد
امام اكرم فقرر هو الاخر الاصرار على العلاج
بينما وضعت راجية كاس الياس من حالته انها ستتعالج مثله كذلك دون خجل
تحرك العجوز
واصبح يسير بينهم وهو يتحدث وقال : ساحكى لكم قصة اخرى فيها عبرة هناك كان اصدقاء اربعة يسيرون معا رغم التضاد فيما بينهما ولكنهم كانوا يعتقدون ان بمقدور كلا منهم ان يغير ما فى صديقه للافضل وكان كل زوجين من الاصدقاء احدهما ذكر والاخر انثى
فكان هناك صديق اسمه الكذب وصديقه الودود المسمى بالحقيقة ايا كان من منهما الذكر ومن منهما الانثى
بينما هناك على الجانب الاخر صديقان اخران احدهما اسمه الخيانه والاخر اسمه الوفاء مع عدم الاهمية فى تحديد كذلك ايهما الذكر وايهما الانثى
جلس الكذب مع الحقيقة على ظرف نهر بينما جلس الوفاء مع الخيانة على الطرف الاخر ودار بينهما نفس الحديث تقريبا
فقال الكذب للحقيقة ما اجمل هذا اليوم وما اجمل شمسه فما رايك ان استمتعنا بالسباحة فى هذا النهر
نظرت له الحقيقة وهى قلقة من صدقه ولكنها اعطته الثقة لعله يخلف ظنها ونزلت معه للسباحة بعد ان تجرد كلاهما من ثيابه على شاطىء النهر
وكذلك فعل الطرفان الاخران فقالت الخيانه للوفاء بعدما اعجبها مظهر الكذب ما اجمل هذا اليوم وانا اريد ان استمتع بك وانت تسبح فى النهر امامى فما رايك
صدقها الوفاء وخلع على الفور ملابسه ونزل الياة
ولكن تجلى وقتها زيف الكلام التى لم يدركها ايا من الحقيقة اوالوفاء لانهم اعتمدوا على حاسة لمشاعر فقط وقت ان صدقوا كلام اصدقاءهم
هربت الخيانة بملابس الوفاء ظنا منها انه بهذا تمنعه من اللحاق بها وركضت نحو الكذب لعلها تزداد زينه منها بطمعها فى ارتداء ثوب الحقيقة
والكذب لانه مثلها فى الطباع ادرك على الفور احتياجها فاهداها ثوب الحقيقة فسارا معا يتبخترا فى الشوارع بينما خرجت الحقيقة والوفاء يركضان نحوهما لاجل اعطاءهما ملابسهما ليستترا ولكن لا حياة لمن تنادى فقد اختفيا فاصبحت الحقيقة والوفاء عاريان بينما اصبح الكذب والخيانة فى ابهى صرهم يسيرون بين الناس بكل اريحيه بينما نفر الناس من كلا من الوفاء والحقيقة
شعر الوفاء بان فى مقدوره ستر الحقيقة بجسده فتلازما معا
عاد الجميع الى التصفيق لانهم ادركوا انه ماوجدت الخيانة الا ووجد معها الكذب لتزييف الحقائق وما وجدت الحقيقة الا ومعها الوفاء الا ان البشر دوما ما لا يحبون الحقائق المجردة لانها قد تؤلمهم
عاد العجوز الى مكانه بينما تقدم وليد الذى لا يعرف حقيقته الا القليل بينما كان بقية المرضى المنضمين للجلسة يعتقدون انه احد المرضى الذين تم شفاءهم
قال وليد : ان كان استاذى شرح لكم باختصار ان سعادتنا انما تنكفىء فى الاساس على المفهوم والادراك الحقيقى للاشياء التى تحدث حولنا والتى قد تزاد وضوحا جليا كلما تقدمنا فى العمر واعتقد ان قصته الاصدقاء والكذب وجدنا انه لم يستطع ان يمحى الانثى بعيدا او الذكر بل كلهما اشترك فى القصة لان الحياة من الاساس مبنية عليهما معا ولهذا اقول ما من رجل سعيد الا وبجواره امراة تسعده وما من امراة سعيدة وجميلة الا وكانت تستند الى كتف رجل يشعرها بنفسها فتزداد ثقة وجمالا
فعند تلك النقطة نعرف ان كنا نبحث عن سعادتنا فقط فيستحيل ان نجدها ولكن ان قدمنا السعادة للاخرين منحونا هما ايضا السعادة التى نتمناها وربما اكثر
ولكن ليس معنى هذا ان الرجل لا يستطيع ان يعيش بدون امراة او العكس بل قد يعيش حياته طبيعية طولا وعرضا الا انها حياة ينقصها شىء وعلينا ان ندرك انه مادام الله قد اقام الدنيا على كلينا فلا داعى لتمردنا على بعضنا البعض بل وجب علينا ان نساعد بعضنا لنحيا حياة كريمة
وفى هذا النطاق كذلك اقول لاداعى لاى فرد منا ان يبنى سعادته على اقرانه من الاصدقاء او الاخوات او حتى الوالدين فان كانوا هم نعمة فى حياتك وينتبهون الى حالك الا انهم فى المنقابل لهم حياتهم ايضا ومن حقهم ان يعيشونها كيفما ارادوا فلا تنتظر ان يهتموا بك كليا والا ان اهتموا بذاتك انت وبحياتك فمن سيهتم بهم هم فيجب ان تتاكد انه ما من احد يحبك اكثر من ذاته وهم لم يتراسون الحياة لاجلك انت فقط فيجب على كل انسان منا ان يفهم ان كل فرد من الاساس مجبول على الاهتمام بنفسه قبل غيره فلا توكل سعادتك اليه
كان الجميع منصتا بعناية لكلمات وليد خاصة ان لية نبرات قوية وله اسلوب يجعل من يسمعه لا ينفرط ابدا عن الانصات اليه
استطرد وليد قائلا : لعلنا نجد ان هناك كثير من الزوجات يصرخن ان ازواجهن لا يغازلهن او يطيبن بخاطرهن باى كلمات عذبة مما يجعلهن ذابلات مغتمات كارهين للحياة وفى المقابل ان تحدثت مع ازواجهن لصعقت عندما تسمع نفس الكلمات ونفس الشكوى من زوجاتهم اذا اين تكمن المشكلة مادام كلا الطرفين عنده نفس المشكلة من المخطىء والجانى ومن المظلوم والمجنى عليه ؟
فى الحقيقة ان كلاهما مظلوم ومجنى عليه لان كلاهما يريد اسعاد الاخر واسعاد نفسه ايضا ولكنه لم يفهم طبيعه شريكه لكى يعول على ما يسعده ويرضيه فمثلا ساشرح لكم كلامى بقصة بسيطة لعلها توصل اليكم ما اردته
كان هناك شاب ريفى كل يوم يخرج مع ابيه يرعى ارضه وكان يشاهد امه وهى تساعد اباه واباه كل يوم يغرد للارض وينشد لها احلى واعذب الالحان فكان يرى بام عينه الارض وهى تزدهر وتخرج اجمل ما فى بطنها والغريب ان الارض كلما اثمرت كلما تحدث معها الاب اكثر وغرد لها اكثر ازدادت رقعة الارض واصبحت بستانا كبيرا وتعلم الابن من اباه كيف يغرد للارض فتزدهر
كبر الولد الصغير واراد ان يعمل مثلما عمل ابيه وقرر ان يشترى ارضا ويحولها الى بستان فوافق الاب ودعا له واخذ الولد يسير يبحث عن ارض مناسبة وفى ذات مرة اثناء بحثه وهو يغرد وجد ان هناك قطعة ارض اعجبها انشاده فنادت عليه وقالت هيت لك
سر الولد بها وبرقعتها وبمساحتها فذهب ليفرح اباه الا ان اباه لم يفرح وقال له ولكن هذه ارض خارج حدود بلدتنا وربنا تربتها غير صالحة للزراعة فرد الابن بثقة انها قابلة للزراعة وفلح فى شرتاءها واصبح كل يوم يغرد لها مثلما تعود فى ارض ابيه فترعرعت الارض واخرجت اجمل ما فيها
بدا الابن ينشغل بتنقية احواض الزراعة من الحشرات الضارة او الاعشاب التالفة ليجعل دوما تربتها نظيفة خالية من الامراض وحفر لها الترع وانشغل وانشغل وفى نيته انه انما يعمل لاجلها واخذ يزرع البذور الا انه وجد ان الارض لم تعد تنبت بل والادهى ان ما نبت اصبح جافا
فحزن الولد وبدا ينشد لها انشادا حزينا ولكن الحال ازداد سوءا فذهب الى والده يشكو له عصيان ارضه عليه وانه اصبح مكبلا بالديون
كاد الاب ان يقول له لقدنصحتك ولكنه وجد ان النصيحة فى هذا الوقت لن تفيده بل ستزيده وهناً ففكر قليلا ثم قال : اذهب يا بنى لارضك وحاورها فربما فهمت سبب عصيانها فكلامى لن يفيدك لان تربة ارضك غير تربتنا وطريقة معاملتها تحتاج الى مجهود غير ارضنا الطيبة التى تقبل بالقليل
عاد الابن يزرع وهو منهك والارض لازالت عاصية فاخذ ينهرها بصوت عالى فعصته اكثر وباتت جرداء فبكى امامها فلم تحن اليه لطالما بكت هى كثييرا طوال الفترة السابقة ولكنه لم يحن لها
وفجاة بدا يتحدث اليها برفق عما جعلها تعصيه رغم ما يفعله لاجلها ولماذا لا تعطيه مثلما تعطى ارض والده له
واذا به ارضه ترد عليه وقالت لقد عجبتنى فى اول الامر لانشادك ولكن ما ان استحوذت على الا واهملتنى فوجدتك لا تريد الحرث والزرع الا وقتما شئت وكيفما شئت فحتى نوع البذور انت من تختارها اما انا فاهملتنى
بكى وقال لها ولكنى لم اعد اغرد لاجلك ايضا فكنت مشغولا عنكى بكى افلا يرضيكى هذا ؟
قالت له وانا من يفهمنى انك مشغل عنى بى انا اريدك انت
فهم قصدها فاخذ معها عهدا ان ينشد لها فى كل الاوقات على ان تتحمله وقت الارهاق والجد
عاد للانشاد وقبلت منه الارض باقليل وعندما وصلوا الى الاتفاق اعطت الارض كل ما عندها واتسعت واصبحت بستانا فارتاح الابن ونام فى حضنها
الخلاصة ان الحياة ستصيح سعيدة ان تناقشنا وعرفنا ما يحبه كل طرف منا وقتها سيتقبل كل طرف بالقليل مادام هناك تفاهم وود
وعلى كل طرف فى العلاقة الزوجية الا يحارب شريكة بسبب الظروف بل على الطرفين ان يحاربان مع بعضهما الظروف
والعلاقة الزوجية لم تكن ابدا علاقة خرب بين طرفين بل انها علاقة اساسها الود والسكينة فكيف نحولها نحن الى حرب وصخب ؟
نظر فى ساعته فوجد ان الوقت قد تاخر وكان لديه كثير من الحديث فوعدهم بالتكملة فى جلسات اخر ثم اعتلت وجهه نظرة متضربة وقال لقد طرحت منذ فترة عدة اسئلة وواعدت ان من سيجيب عنها دون البحث فى النت له منى معطف ان كان رجلا او فستانا ان كانت انثى ولم يعرف الاجابة الا ولاء و..
بتر كلامه اخوغسان وقال : لكننا لم نكن معكم وقتها فهل طرحت علينا نحن ايضا الاسئلة لنزداد ثقافة
قال وليد : بالطبع لا بأس فى هذا السؤال الاول من خلق من الهواء ومن حفظ بالهواء ومن الذى هلك بالهواء ؟
السؤال الثانى من الذى خلق من الخشب ومن الذى حفظ بالخشب ومن الذى هلك من الخشب ؟
السؤال الثالث من الذى خلق من الماء ومن الذى نجا من الماء ومن هلك بالماء؟
السؤال الرابع ومن الذى خلق من النار ومن الذى نجا منها ؟
السؤال الخامس اخبرونى عن العقل وعن الايمان وعن الحياء وعن السخاء وعن الشجاعة وعن الكرم وعن الشهوة
السؤال السادس اخبرونى بكلام بسيط عن ماهية النساء ؟
صمت اخو غسان يفكر بينما رمق علي ابن السيدة العجوز ولاء بنظرة عذبة اتبعها بابتسامة مثلها وقال لها وقد كانت قريبة منه : وفقك الله وكم من الوقت اخذتى فى البحث عن الاجابة ؟
ابتسمت ولاء بتوتر وقالت فى الحقيقة اخذت وقتا بين الطول والقصر حتى انى لا احسبنى اطلت او قصرت
اتسعت ابتسامته الهادئة وقال لها ك انتى ايضا تمتعين بفطنة وقوة فى الكلمات تدل على انك فصيحة
نظرت بحون ناحية وليد وقالت : اعتز انى تربية ابن خالتى وليد فهو من كان يدفعنى دفعا الى الثقافة والقراءة
قال لها وهو يربت على يد امه التى كان يحتضنها : وانا ايضا افتخر انى تربية تلك السيدة فهى ايضا اول من دعتنى الى القراء كما يسعدنى ان اعرف اجابات تلك الاسئلة
ثم توجه بنظره الى وليد وقال : هل لى ان انال شرف الاجابة ولا اريد ايه هدايا ؟
ابتسم وليد له فقد كان استرق النظرات اليه وشعر انه الهى ولاء عنه ولو لدقائق
واشار له ليجيب فقال بكل هدوء : الذى خلق من الهواء فهو سيدنا عيس عليه السلام والذى حفظ بالهواء فهو سيدنا سليمان عليه السلام ام الذى هلك بالهواء فهم قوم هود
والذى خلق م الخشب فهى الحية من عصى موسى والذى حفظ بالخشب فهو نوح عليه السلام والذى خلق بالخشب هو زكريا عليه السلام
الذى خلق من الماء فهو ادم عليه السلاموالذى نجا من الماء موسى ويونس عليهما السلام والذى هلك بالماء فهو فرعون وقومه
واما الذى خلق من النار فهو ابليس اللعين والذى نجا من النار فهو ابراهيم عليه السلام
اما العقل فقد قسم الى عشرة اقسام جعل الله تسعة فى الرجال وواحد فى النساء
اما الايمان فعشرة اقسام كذلك تسعة فى اليمن وواحد فى البقية
اما الحياء فتسعة فى النساء وواحد فى الرجال
السخاء عشرة تسعة فى الرجال وواحدة فى النساء
الشجاعة والكرم كلاهما معا عشرة تسعة فى العرب وواحد فى بقية العالم
الشهوة عشرة .. تسعة فى النساء وواحدة فى الرجال
اما عن النساء فبنت العشر سنوات من الحور العين
وبنت العشرين نزهه للناظرين
وبنت الثلاثين جنة نعيم
وبنت الاربعين شحم ولين
وبنت الخمسين بنات وبنين
وبنت الستين ما بها فائدة للسائلين

صفق له وليد فتبعه الباقين بالتصفيق بينما نظرت له ولاء نظرة اعجاب فاجابته السريعة دلت على ثقافته
انتبهت على سؤال منه وترها فقال لها : انتى أي بنت في تلك الاعمار

..........

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن