البارت ٢٨

2.5K 187 18
                                    

البارت ٢٨

كل هذا ولم تسمع تلك الطرقات المتلاحقة على باب بيتها لانها لم تكن مرتدية سماعتها
عبير من الخارج : وما العمل الان انها لن تفتح ففيما يبدوا انها غير مرتدية سماعتها
وليد بهدوء مصطنع غير ظاهرا تلك البراكين فى صدره من قلقه عليها : دعينا نرحل وناتيها فى يوم اخر
عبير : لا والله لن ابرح بابها حتى ترد على
مر وقت طويل حتى انتبهت عنود للباب ان هناك من يهزه من الخارج فعلمت ان هناك احد فقامت وارتدت سماعتها وفتحت وما ان فتحت الا ووقفت متيبسة الاقدام مصدومه فها هو اخيرا امامها ويا ليته يتركها تتامل فيه حتى تشبع
اخذت تخطف النظرات بين وليد وعبير قبل ان تتفوه بحرف
اما عبير فلم تستطع الصمود بل انكبت على عنود وقالت لها برجاء : جئت اليك لاطلب منك حق وثمن صداقتنا
نظرت لها عنود وضيقت بعينيها بمعنى الاستفهام ومع ذلك لم تنطق باى سؤال الا انها اشارت بيدها ليدلفوا للداخل
ما ان دخلوا الا واعادت عبير جملتها ولكن تلك المرة كانت تصاحبها الدموع
كل هذا ووليد صامت لا يتحدث لانه كان عالم انه ان بدا الحديث ربما عاندت عنود فقرر ان يلزم الصمت ليفسح لها مجال للعدول عن رايها
عنود بتلعثم : اى ثمن تريدينه يا عبير وهل للصداقة ثمن ؟
اقتربت منها عبير واحتضنتها وبكت فى صدرها وقالت باخلاص : نعم يا عنود الصداقة لها ثمن وثمنها هو الوفاء والصبر عند المصائب والسماح عند المقدرة فانا لى طرفك ثمن صداقتى معك فهيا اضمنى لى اياه
عنود وقد فهمت مقصدها فابعدتها عن صدرها وقالت بكل ثبات : والله ان للصداقة لثمن باهظ لم اكن اعرفه الا الان ولانى ادرك حقيقته فلم ارده عليكى فانتى لكى فى حياتى حق كبير
هنا تهللت اسارير عبير وشعرت ان هناك ثمة انفراجة
نظرت عنود لوليد وكانها تخبره انها تنازلت عن تارها ليس لانها حق لعبير وانما لان هذا كان مطلبه ومبتغاه
هو ايضا كان متهلل الاسارير وما ان وجد نظراتها الحزينة الا وقال : ليس للصداقة فقط حق يا عبير بل للعشرة ايضا حق وللحب حق
كان يتكلم بكلمات موجزة لينة الا انها كانت كالسهام الصائبة التى لا تخيب ابدا الهدف
انتهزت عبير تلك الاريحية بين ثلاثتهم فعادت تطلب : ثمن صداقتى الذى جئت اطالبك به ليس العفو عن سليم  فقط  وقبول الجودة وانما هو رد كرامة سليم بعد تقديم الجودة
هنا سعلت عنود و نظرت لوليد بعيون باهتة وقالت لنفسها بصمت : ان علمت ثمن ما جئت تطلبه انت واختك  وانك اول من يدفع الثمن لعفيتنى
هو لاحظ بهتان عينيها فشعر ان هناك امر اخر مخفى لم تفصح عنه بعد ولكنه لم يسال حتى لا يثقل عليها الان متعشما انه سيجمعهم لقاءات اخرى يستفيضا فيها بالاحاديث
انتهى لقائهم وخرجت عبير تاركة لهما مساحة للحديث
اخذ يتفحصها ويتفحص اصفرار وجهها وقال والله انى لاشك فى شىء فهلا سمحتى لى بالسؤال عن دخلياتك
هنا اخذت نفس عميق وتوترت واشاحت بوجهها مغيرة الموضوع : اريد ان انبهك لشىء  والله انى لم اترك ثار ابى لصالح ثمن صداقة فمهما كانت الصداقة فابى اهم ولكنى تركت الثار لاجل وصية ابى لابى الاخر
هنا مد كفيه واحتضن وجهها وقال لها بوجه مشرق : هل تعتبرينى حقا والدك الاخر
نظرت له بعين زائغة محاولة الهروب من نظرته الحانية بينما لم يسمح لها هو بذلك بل قال هامسا : لقد اشتاق اباك لضمك وسالتنى جدران بيتى عليكى كما سالتنى مركب النيل فواعدتهم بانك سترويهم بدفئك خلال تلك الايام
ظلت على وضعها ولم تستطع الرد
اقترب اكثر حتى اصبح وكانه طوقها كلية وقال : هل اشتقتى الى اباك ؟
كلمته لم تفرحها بل اوجعتها فكيف يشتاق هو لضمها وهى لن تكون له
كيف يسالها ان كانت تشتاق له وهى لم تشتاق لباحد غيره ولكنها لن تكون له
كيف بارادتها ان تكون له ولكنها تقبل ان تكون لغيره
ظلت تصارع نفسها ولم يفرج عن صراخها الداخلى سوى دموع ساخنة حفرت وجنتيها حتى بللت كفيه
لم يقوى على رؤيتها هكذا فضمها لعلها تستكين وتهدا
لم تمانعه بل حقا سكنت فى صدره وكانما ارادت ان تشبع نفسها من رائحته ودفئه
...........
رحل وتركاها تتالم من تلك الخطوة التى ستخطوها فجلست تتذكر كل لياليها معه وكيف ستحرم منها للابد بعدما كانت تشعر بالامل
كيف ستواجه الحياة وهى محرومة من ذاك الحضن الدافىء ومن تلك اليد الحانية ومن ذاك الصوت الحنون       
سمعت صوت عصفورة اعلى الشجرة ففتحت نافذتها تتاملها فشعرت وكانها جائت خصيصا لتناجيها

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن