الفصل الثاني والعشرون

4.6K 180 7
                                    

البارت الثانى والعشرون

......
فى ذات الوقت كانت راجية  قد قاطعت اكرم نهائيا وباتت منعزلة عنه تماما فلم تعد تنام فى غرفتها بل وجاهدت بشتى الطرق الا تراه فى اى مكان فى البيت وجاهدت كبريائها على التصميم وكذبت على نفسها من انها لم يعد يهمها ولم تعد تحبه وفى حقيقة الامر كان هذا هروب منه اليه فلم تكن تقضى وقتها وهى بعيده عنه الا وهى تفكر فيه وتفكر كيف يقضى وقته وهل عاش ايامه وقد نساها بغيرها وقد اعتقدت ان هذا هينا عليه ان يجد غيرها ولكا لا وهو كل يوم مع حب جديد
لكنها لم تعلم ان مجحرد تخبطة من انثى الى اخرى ما هو الا ضياع وبحث عن حبها فيهن ولكنها لم تفهمه كما لم يفهمها هو فكلاهما كان يحب الاخر ولكنهما اساءوا فهم بعضهما البعض فاضاعوا الحب بينهم
كذلك كان حال اكرم بل كان اكثر منها فكان قد اشتاق اليها وعلى العكس مما كانت تتوقعه منه فقد انغلق على نفسه ولم يكلم اى انثى وكانما حبه لها هو من كان يملا قلبه سعادة مما يجعله يستطيع ان يتحدث مع الاناث بكل رحابة ومع اختفاءها اظلم قلبه فلم يعد قادر ان يعطى اخرى اى حب
اكرم ايضا كان مخطىء فى فهم مشاعر راجية وتقديرها فاضاعها منه
......
ما ان وصل وليد وعنود الى منزل الغول الا وترجلا سويا وقد سمع ادريان قدومهم فركض نحوهم وما ان راى عنود الا وبدا يستقيم على رجلين ويتحسسها بالاخرتين
ابتسمت عنود له ولكن ابتسامتها كانت حزينه فها هى الان مع وليد وبعد لحظات سيتركها
شعر بها ادريان فنبح نبح حزين فنظر وليد اليه ثم اليها وقال انه لوفى لكى حقا فشعر بما تشعرين
عنود بكبر: وما بى انا فانا على اتم حال
كان يتمنى ان تقول له تراجع وهيا بنا نعود الى غرفتنا الدافئة ولكنها لم تفعل فسكت بدوره عن الكلام
خرج لهما مراد ورحب بهما وقبل عمر الذى بدا يستيقظ وما ان راى ادريان الا وهم والده ان ينزله ليلعب معه
العجوز : لم اتصور ان بيتى المهجور هذا سينعم يوما بدفء العائلة والاطفال
ابتسمت عنود نصف ابتسامة وبدا جسدها يرتعد وكان الحرارة قد اعتلته من شده خوفها من لحظة مغادرة وليد
استاذنت منهم لتذهب الى غرفتها فهى لا تحب لحظة فراق ولكنها لم تقل ذلك
اذن لها العجوز بيديه لتدخل بينما ظل هو ووليد فى الحديقة
العجوز : انها هربت من لحظة الوداع
وليد بضيق : ولماذا تهرب ان كانت هى صاحبة الرغبة فى البعاد
العجوز : هى اخذت قرارها بغيرة انثى وليس بعقلها ولكن ما يذهلنى هو انت فكيف لم تعد قادر ان تسيطر على حالك هكذا
نظر له وكاد ان يبكى : كيف اسيطرعلى حالى وانا اعلم انها ليست بخير انا احبها ايها الرجل اتعرف كيف احبها ؟ اتعرف ما لوعتى الان وانا اتركها وحيدة هكذا واعلم تمام العلم انها تحتاج الى ؟ اتعلم كيف هى نار غيرتى وانا اتركها بعيدة عن حضنى فانت لم ولن تشعر بما تفعله فى تلك الصغيرة فانا اعترف وقد نضجت بما فيه الكفاية انى افقد كامل رشدى وهى جوارى بل بمجرد وجودها فى المكان حتى وان لم اتحسسها بيدى فيكفينى شعورى بدفئها فى المكان
اخذ نفس عميق لعله يطفىء نار شوقه فقال له العجوز بجدية : ياويل نفسك من عشق رجل ناضج لانثى يافعة تتغنى بالانوثة
خلل خصلات شعره باصابعه وهو يشد عليها لينفس عن توتره ثم استاذنه ليذهب اليها ليودعها
كانت هى السة على طرف الفراش متوتره وقد مزقها الشوق اليه ولم تعلم ان وليد لازال موجودا فقامت وبدلت لعمر ملابسه ونيمته فى الفراش وهمت ان تخلع هى ملابسها فاول ما خلعت كان حجابها ثم بلوزتها واذا بوليد يفتح عليها الباب على حين غرة فما كان منها الا شهقت بصوت عالى وبدون اى انتباه منها اول ما نطق لسان حالها نطق باسمه وهى لا تعلم انه هو من اقتحم عليها الغرفه فنادت وليد وركضت نحوه بسرعة واختبات فى صدره
شعر بها فضمها بسرعه وخوف وقد اغمض عينيه فقد وصل به الشوق الى ذروته ولانها كانت اقصر منه بكثير فمال براسه يستنشق عطرها فتنبهت هى لحالها وكانت لا تقل عنه توتر فابتعدت بسرعة عن صدره ولفت جسدها ببلوزتها وقالت : اعتذر لتهجمى اليك هكذا ولكنى اعتقدته سليم
اقترب منها ثانية وقال : ولكن لسان حالك لم ينطق الا بمن تشعرين معه بالامان اليس كذلك ؟
تلعثمت فقد شعرت انه يوترها وبدات ترتد عنه مبتعدة فعاد يقول بجدية : كيف تخلعين عنك ملابسك وانتى بابك غير مغلق
قالت معتذرة : ظننتنى انى لازلت فى بيتك
تالم للكلمة وقال : هل ستتحملين فراقى ؟ الن تشتاقى الى احضانى ؟
كادت ان تنطق وتقول : انا اشتاق اليك وانت بين يدى وكم ادمنت عطر انفاسك ولكنها عاندت ولكن عنادها لم يعدم شعورها بالحنين فبكت فى صمت حتى بللت دموعها وجنتيها فمد يده يمسحها فنظرت اليه بصمت وكانها تعاتبه وعندما شعر بتوترها قال : لن انام الا على صوتك فان اردتى بى ترفقا فاسمعينى اياه واعلمى انى رجل كل عملى فى لسانى وعقلى وطيلة السهر تشل كلاهما
ابتعد عنها مغادرا اياها وقد تذكر سليم فعاد ونظر اليها وقال : انتبهى لحالك واغلقى عليكى بابك واحذرى غيرتى فانها عمياء
صمت قليلا ثم عاد يقول : لن اتحمل بعدك ولن اتحمل ان اراكى يوما غريبة عنى فكم تخيلتك وقد افترقنا وقد رايتك صدفة فى الطريق فلم اتحمل ان اكمل حتى الخيال وانا بعيدا عنكى وقتها دار حديث بينى وبينك وكانما حقا افترقنا فوجدتنى اموت قهرا
صمت وكان الحوار الذى تخيله مع نفسه قد تجلى مرة اخرى امامه فراى نفسه امامها وقد اصبحت غريبة عنه ودار بينهم الحوار التالى ( وبعد فترة قابلها صدفة وهم بين الناس فتكلمت هى بصوت حزين وسالته كيف حالك فقال حبيبتى بعدك عايش بموت  وبعدها سكت الكلام واختفى الصوت وسط الزحام وتحدثت الاحداق وقالت اهذا فراق اخر ليس بعده رجوع
صارت قلوبهم تبكى الما وشوقا وكلاهما يحكى ما فات بصمت مقهور كل لحظة مرت من الذكريات
ظل ينظر اليها ويريد ان يطيل النظر تمنى ان مد يده يتلمس كفها تمنى لو ضمها فقد اشتاق عناقها لكن الفراق طعمه مرير وسنين الالم تمر من بينهم تمزق ابدانهم ولكن حان الاوان وانتهى الكلام وحتى انتهت النظرات وانتهى المشهد بالفراق الاخير )
انتبه من خياله وركض نحوها بسرعة وضمها فبكت بحرقة فى صدره بينما زاد هو من عناقها وقال بصوت رجولى يهمس اليها : لن اتحمل قلت لكى لن اتحمل
بينما ابتعدت هى عنه واخذت تتحسس وجهه ولحيته وقالت بدموع ولا انا ايضا اتحمل ولكن بينى وبينك ولاء وانا لى قلب واحد وجسد واحد فانا انسان و احد ولست بنصف انسان فكيف اعيش معك وانا بنصف المشاعر وبنصف القلب فاما ان اكون كاملة فى حياتك واما الانسحاب وان كانت غيرتك عمياء فانا غيرتى غيرة انثى واياك من حرقة قلب انثى منغيرتها ولهذا اشفقت عليك وعليها منى
لست بقوية حتى اتحمل نوء عقلى وقلبى وانا اتحسس اللقاء
لست بشجاعة لارى فى عينيك شوقك لها وندما على حب طاهر فات
لست بقوية لارى همساتكم دون ان اسمعها  فكلاكما كانت يهمس بكلمات ربما عادية للناس ولكنها كانت تخبر بمدى حبكم اللامع فى الاحداق
حبك لها جاء وقت الصفاء وحبك لى جاء وقت الاضطراب فسار حبها متمكن وسار حبى هباء
حبك لها كان بعمق احساسك وحبك لى كان بعمق عقلك وكلاهما مختلفات
انت لم ترى افصاح وجهك عن شوقك لها ولكن عينى رات مالم تراه انت
ادمعت عيناها اكثر وقالت : كم صرخ جوفى يريد الافصاح عن حبك ولكنى كنت اكتمه بالصراخ لعل الصراخ يخيفه من الافصاح ولكنى وجدت ان بصر عينى كان فضاح فاباح بما كتمته بالصراخ
فبالله عليك اخبرنى الان لما كنت انا  اتعس الناس ولما كل من كتب عن الحب باجساس كان اتعس الناس ؟
لما كل من امتلك بشقة ثروة العشق ينام افقر الخلق ؟
هل العيب بالنبض والاحساس ام العيب فى الخلق والناس ؟
بربك اخبرنى لعلى اجد فى جوابك الخلاص
الصق جبهته بجبهتها فاخذ نفس عميق ولكنه ابتسم ابتسامة عذبة عندما وجدها بتلقائية قد تنفست النفس المرتد منه فقال لها هامسا : لقد اجابتك انفاسى بمدى شوقى وخبى لكى ولوعتى دونك اما ما قلتيه فقد ظلمتينى لانى الرجل ان احب فهو يحي بكامل اعضاءه وليس بقلبه وان شعرتى بنبض اعضائى التى تضمك الان لعرفت اسم من احب واهوى
ساد الصمت بينهم للحظات وهما على نفئ الوضه حتى حاوطها اكثر وضمها حتى شد عناقه حتى رفعها من على الارض وتشبثت هى به وضمته وبكت باستسلام
قال لها معاتبا لما دوما ما تعشقين كسرتى امامك لما لم تتمسكين بى وتشعرينى انى عندك كل ما لكى فاكثر ما يكسر الرجل ليس اعتراف الانثى علنا انها لا تحبه بل ما يكسره ان تعترف امامه فقط بانه لا يحبها فهذا اوجع له لانها تعترف صراحة انها لم تشعر بما يكنه لها فيشعر بدوره بالعجز لانه كان قد قدم لها كل ما يملك
وكانه جندى استنفذ كل رصاصته فى حمايتها وعندما انتهت رصاصاته واصبح عاريا قالت له ويحك لما لم تدافه عنى
صمت قليلا ثم عاد وقال لها : دوما ما اعلم ان الحب تضحيات لكن سؤالى لكى الان وانا قد جعلتك يوما بعضى وكلى فماذا فعلت انتى غير انك تواريتى فى نبضى واختفيتى خلف رداء حبى ولم تفعلى سوى ان دفنتى راسك حينما بدات المواجهات وانتى تعلمين ان هناك لابد من مواجهات
ماذا فعلتى غير الاستكانة لضعفك وقد اعتقدتك تختفين فى لتدينى بالمدد والامان فوجدتنى عاريا وانتى تعاتبينى فكيف لك ان تلومى جنديا استنزف طلقاته حتى اخر رمق مدت يدها وامسكت قميصه لتلتصق فيه اكثر وقالت اتركنى هنا حتى ميعاد الحفلة
قال لها وقد انزعج من تصميمها : لقد اخر مراد الحفلة عن موعدها فلما تنتظرين هنا
قالت : اتركنى ولا تسال الا بعد العوده
تمسح بوجهه ولحيته بين كفوفها ثم ابتسم لها وقال : لكى ما شئتى المهم انى فزت بوعد عودتك
.......

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن