البارت الثانى

5.2K 201 25
                                    


البارت الثانى

لم تهتدى لشىء الا ان رغبتها ونفسها وقلبها قبل كل شىء قد قرروا رغما عنها فوجدت نفسها لا شعوريا وكانها انسانة اخرى تلك التى تنطق فهمست له وقد غمرتها الدموع وقد ارتعد جسدها اشتياقا له وهى بين احضانه : ضمنى اكثر وبدات تتحسسه وكان يديها التى كانت لتوها ترفضه قد اتقدت نارا من قرب انفاسه التى جعلتها فى عالم غير العالم
لم يستوعب ما سمعته اذناه فقد اعتقد ان خياله ربما يريحه بما يطيب حاله فقال لنفسه وكانه هو الاخر فى عالم اخر ولم يشعر انه يهمس لها وانها تسمعه حقا ولم يعد يحتاج الى صوت عالى لتسمعه وقد فهم انه يحدث نفسه فقال : ليت فى ذراعيى مددا حتى لففتهم اكثر عليك لاشد عليك ضمى لتسمعى نبضات قلبى التى فاضت من حبك واصبحت لا يسعها كامل جسدى
شعر بيديها تتحس ظهره بل وتضمه اكثر اليها وعادت تهمس له : قلت لك ضمنى اكثر واستطردت عبارتها وقالت كيف خدعنى لسانى وتفوه بما لا اطيقه ولا اتمناه ابدا ولم اعد اعلم أأتبرا منه لانه لم يقل لك بحقيقة ما داخلى ام اشكره لانه جعلنى انعم بهذا الدفء وهذه الكلمات منك
رفعها من على الارض ودار بها وهو يقول باعلى صوته : اااه منك يا كل ايامى يافرحة العمر الماضى والاتى
شعرت بالدوار فتشبست به اكثر ودفنت راسها بين كتفه ورقبته فما زادها هذا الا اشتياقا له اكثر
اخيرا وقف بها ورفع وجهها واحتضنه بين كفيه واخذ يكفكف بقايا دموعها الا ان دموع اخرى انهمرت من جديد ولكنها دموع فرحة او ربما دموع اضطراب
قال لها : لما البكاء الان ودعينا نعيش احلامنا ونخلطها بواقعنا فما دمنا معا فلا يهمنا من هم حولنا

كما احببتك تحببى ولرحاب صدرى تقربى وان تجاوزت فى شىء فلا تعتبى
لو انى احتضنتك لو انى قبلتك لو انى فى منامى تدثرتك فشاركى مطلبى
لو زاد بى الهيام وطغى بى الشوق وطال بى على صدرك القيام فلحضنى رحبى

جاء دورها لتحتضن وجه لتشعره انها لن تفترق عنه فقالت له وهى تبتسم عذوبة صوتك كعذوبة صوت المطر وان كان المطر يزهر الارض فصوتك هو ما يزهر حياتى
فجاة تركها وابتعد عنها فتعجبت تصرفه الا انها تعجبت اكثر وهى تراه يسجد شكرا لله وما ان انتهى الا وعاد اليها ويقول : لقد كنتى انتى اصل دعواتى ولم امل يوما وانا ادعوه ليجمعنى بك حتى كنت اتقلب على جمرا من النار كلما اقبلت على ولاء لاننى اجدنى ادعوا بهذا ايضا ومن بعدها سما فكلما تقلبت فى فراشى وقابلت وجهها ادعوا ايضا بها فكنت اعتصر نفسى لانى لا اطيق هذا بين جنبات صدرى ولكنى مضطر فلا مجال للبوح الا لربى
مد يده لها وقال ما رايك فى سهرة على سطح اليخت
ابتسمت وقالت : على ان تنشد لى
مد يده وجلب عوده فابتسمت وتعجبت انه اتى به الى هنا ولكنها لم تساله تساله لانه اجابها بنفسه فقال لها : لا تتعجبين فقد اتيت بكل ما تتوقعينه حتى جلبت لكى ملابسك و...اتسعت ابتسامته وغمز لها بطرف عينه وقال حتى قهوتى ايضا اتيت بها
ابتسمت له بعذوبه واعطته يدها فخرجا سويا لينشد لها
.......
طال بهما الليل وعلى قدر ما كانت منسجمة معه الا انها اضطربت لانها كانت تعلم ان اخر الليل لابد ان تصير له زوجه فاخذتها ارتعادة خفيفة من القلق فشعر بها اذ انها كانت مسندة راسها على كتفه وقد احاطها هو فقال لها : ما رايك فى حمام دافىء فالزورق هنا مجهز لكل شىء
تقبلت الفكرة وقامت فقد كانت حقا فى حاجة اليه لترخى اعصابها والغريب انها وجدته قد جهز لها المسبح حتى نثر لها فيه زيت اللافندر الذى تهواه
ما ان خرجت من حماما وتمددت على فراشها بين يده الا واقبل نحوها وبهدوء قال لها ل سبب للخوف فالميزة الخاصى التى جذبتنى اليكى هو صدقك الطبيعى واطلب منك ان تتصرفى بصدق معى فى هذه الليلة فافعل ما يوحى قلبك به حتى وان كان يرفضن الان هل فهمتى ما اقول
انحنت براسها بالايجاب وقد زال عنها وذاب معظم توترها تحت حرارة نظراته وهمساته الدافئة
عاد وقال لها بنفس الهدوء لتطمان فهو يرحم صغر سنها : هل تريدين ان ابقى معك هذه الليلة ام اتركك وشانك لحين ترغبين انتى ؟
لم تنطق فقد ازدادت خجلا على خجل وبدا يشعرهو بحرارة جسدها وبانفاسها المضطربة بدات تنكمش اكثر فى الفراش ولكنها فى هذه المرة انكمشت فى صدره علامة بقبولها
.....
حل الصباح عليهما وكانت متوسدة صدره فمسح على راسها وقال بصوت خافض : هل اوجعتك
هزت راسها نافية وهى خجله ثم دفنت وجهها فى صدره فربت عليها وقال : لقد حاولت قدراستطاعتى الا اؤلمك فما كان المك الا وكنت انا الصارخ
........
اثناء ما كانوا يتناولون فطورهما على سطح الزورق رن هاتف وليد فوجده العجوز فابتسم وقال هذا عجوزنا اراد ان يطمئن عليكى قبلى فقد اخذ يوصينى عليكى وكانكى ابنته حقا
عنود باستفهام : وهل كان يعلم اصل الحكاية ؟
وليد وهو يطبع قبلة حانية على وجنتها ويقوم من مكانه : نعم يا حبيبتى
ابتعد وليد قليلا واخذ يحدث مراد
مراد : اخبرنى كيف حال عنود
وليد وهو مشرق الوجه : فى اتم حال . حقا انها لوعتنى وابكتنى الا انها لبت نداء قلبى ورافت به اخيرا
العجوز : حقا ارتضت بك ام انها راضتك مؤقتا حتى تعود بها الى ربما لانها شعرت انها فى عرض المياة ولا سبيل لها من الهروب
وليد : ان اردت ان تعرف حالها فيكفيك ان تناديها بمدام وليد
اطلق العجوز ضحكة عالية وقال : اذن فقد نلت منها فهنيئا لك ايها التلميذ النجيب ابنتى النجية ولكن احذر من نار عنادها فهى ان خمدت قليلا الا انها لا تنطفىء ابدا فلا تنخدع فى الهدوء الذى يسبق العاصفة
وليد : لا تخف علينا
انهى وليد المكالمة وعاد الى عنود فوجدها مبتسمة ابنسامة حزينه وملامحها بارده فسالها عن السبب فردت قائلة : حتى العجوز استحل خيانتى
ربت وليد على كفها واقترب منها وقال بجدية : ليست خيانة يا عنود بل حب هو فعل ذلك لانه يحبك ويحبنى فقد كتم معرفته عنك لكى يساعدنا فى تقصير المسافة بيننا فكم كان الوصول اليكى صعباً
ولا تصفى كل تصرف مخالف للحقيقة بانه خيانة فقد يكون كمان حقيقة ما هى احياء للحياة فمثلا ان علمتى انى مريض مرض قد اموت منه خلال يومين هل ستخبرينى الحقيقة ام تخبئينها عنى
قالت بسرعة اعاذك الله من اى مرض وفديتك بنفسى
ربت مرة اخرى على كفها وهو يبتسم ابتسامة حانية وقال : بالطبع لن تخبرينى والا عجلتى بموتى فهل يصح ان اصف فعلتك هذه بالخيانه ؟ بالطبع لا بل انها احياء حياة فربما بسبب ما مديتينى انتى به من امل وابتسام قد ارتفع عندى التفاؤل وعاند ت المرض وشفيت بينما كان سيحدث العكس تماما ان كنت علمت بالحقيقة وربما مت مصدموما مقهورا وليس بفعل المرض نفسه
هزت راسها موافقة لكلامه
كاد ان يكمل كلامه الا انه اتى اليه مكالمة اخرى فرد ولكنه لم يبعد عنها وما كانت المتصلة سوى عبير وامها
رد وليد وقد انتقل للجلوس بجوار عنود وضمها تحت ذراعه واخذ يضحك مع عبير ويقول لها : لا شان لكى بصديقتك فقد انهيت العلاقة بينكما مادمتى قد قطعتى علينا خلوتنا
ضحكت عبير على الجهة الاخرى فاعطى وليد الهاتف الى عنود التى ما ان حادثتها الا وقالت : حتى انتى يا عبير كنتى تعلمين ما كان ينوى عليه
اخذت والدتها الهاتف واجابت هى : نعم يا بنيتى كلانا كان يعلم بل وخالته كانت تعلم ايضا بما قد نوى عليه ونحن من ساعدناه فى ذلك لانكى لا تعلمين ان لم نساعده ماذا كان سيفعل بنا فربما قتلنا جميعا ان لم يفوز بكى
ابتسمت عنود خجلا وقد توردت وجنتيها ونظرت الى وليد الذى هز راسه موافقا على كلام امه
اغلقت الهاتف فقال لها ساعد فنجان من القهوة وساعود اليكى
ردت هى بسرعة : لا اتركى اعده انا اليك كما علمتنى لتعلم ان كنت صرت ماهرة ام لا ازال احتاج الى تدريب
ضحك عليها وقال : ساتى معكى فانتى لا تعلمين كيف مكان الادوات
مر الصباح على ما يرام بينهما ولم يبرحا كابنتهم بل على وجه الدقة لم يبرحا فراشهما فقد اغدق عليها وليد بما كانت تحلم به وهى فى احضانه بل اعطاها اكثر مما كانت تتخيل من حب و راحة وهى بين يديه بل تاكدت عنود من رقته معها وحسن تعامله انه اكثر منها عشقا لها فقد شعرت وهى بين احضانه انها انثى حقا ولها قيمة وكيان لقد رايت بام عينيها كيف يعنى الرجل وكيف تعنى الانثى بين يديه وبينما وهم كذلك الا وقام عنها وهمس لها وقال ام انسيتى انى احب ساعة الغسق فى السماء فهيا لتشاركينى ما احب فقد تبقى دقائق لتسقط الشمس على سطح البحر فتصبح كالسابح الهائم عكس كونها نار متاججة
قالت له بابتسامة : ساغتسل والحق بك
ما هى الا دقائق وعادت اليه وهى ترتدى فستانا قصيرا واسعا وفضفاضا دافىء اللون يناسب تلك الجلسة واسدلت شعرها باريحية والذى كان لا يزال نديا ووضعت زينتها برقة بدون مبالغة فبدت وكانها طبيعية ولكنه اضاف اليها وضاءة
ما ان راها الا وفتح لها ذراعيه فاقبلت نحوه فضمها وجعل ظهرها ملاصقا لصدره ومال على راسها وقال لها : ما اجمل عطرك دوما ما كنتى تثيرينى به وامنع نفسى عنكى بصعوبة
رفعت راسها اليه وقالت وهى مبتسمة : كيف جئت بادواتى وملابسى على هذا النحو فقد وجدت انه لم ينقصنى شىء وكانى فى غرفتى حقا انك لماكر
حك انفه بانفها وقال انا كنت احب كل ما ترتدينه وكل ما تتعطرين به ولكنى لم افهم فى حاجة النساء فكلفت عبير وامى فجهزوا كل شىء بعدما وصفت لهم ما احب ان اراكى ترتدينه وهم جهزوا ما وصفته على قدر استطاعتى ولكنى وضعت بعض الاشياء الاخرى الخاصة التى دوما ما اشتهيتها عليكى ولكنى خجلت ان اصفها لهم
حتى ذاك المرطب لجسدك برائحة الزبدة وطعم الشيكولاته فما كنتى تدهنين جسدك الا واثارتنى رائحتك حتى ولو كنتى بعيدة عنى ولانى طبيب نفسى فانا اعلم تاثير رائحة وطعم الشيكولاته على العصاب فهى كالمخدر فكنت احاول دوما ان اقترب منك والتصق دون ان تدرين حتى كنت اتصنع اى شىء لاقترب منكى هذا بخلاف اللافندر فلم انساه اما بقية الخصوصيات فلم انساها
ابتسمت خجلة ولم تعلق بينما اشار هو اليها وقال : انظرى الى السماء وانظرى كيف يصنع قرص الشمس بالماء فقد تحولت المياة الى لوحة طبيعية فما اجمل ساعة الغسق وليتها تطول ولكن كل شىء بمقدار
عنود : كيف تحددها حتى وان لم تكن فى الخارج كنت اظن انك تعشق ذاك المنظر ولكنى فوجئت انك تحدد موعده بالدقيقة
ضخك عليها وقال : يا عنود من احب شىء عرف عنه كل شىء ولهذا فعرفت ان ساعة الغسق تبدا مع اولد دقيقة بعد اذان المغرب وتبقى لمدة تسعون دقيقة قبل اذان العشاء فحافظت ان اعيس تلك الدقائق وانا طيب النفس وهادىء فهى حقا مبعث للهدوء حتى انى كنت ان استهلكنى العمل وارهقنى لا افعل الا شىء فى الطعام والشراب وشىء فى السماء فكنت اكل قالبا صغيرا من الشيكولاته وكاسا من الليمون فهما قادرين على تجديد المزاج وتبديد الارهاق وما اجمل قهوتى ساعة الغسق تلك فهى قادرة ان تسحبنى من تلك الدنيا الى الجنة
نظرت له وقالت وما اجمل دندنة عودك فى ذات الوقت ايضا
عاد وابتسم وقال نعم هذا حقيقى ولما قلت لكى ان من يعشق شىء عرف عنه كل شىء فقد عشقت كلا من فريد وعبد الوهاب ولكن كان لفريد مذاق غريب خاص به فى دندنته على العود فعشقت كل شىء يخص العود حتى اصبحت اعزف على اوتاره بما احب فاخرج من قلبى ما يريحه فتلك هى السعادة يا عنود
صمت قليلا ثم ادارها لتصبح مقابلة له وسالها : هل تعلمين عنودتى كيف يحيا الانسان حياة مثالية ؟
عنود / اعتقد انه لا مجال فى دنيانا الى الحياة المثالية فكيف وكل من حولنا اما ان يكون او يعيش متكدر الصفو بسبب ما تكابده الناس من مشقة فى حياتهم الشخصية والعملية الى اخر ذلك من اشكال منغصات الحياة
هنا وضع سبابته على شفتيها وقال هشششش
تعجبت موقفه ولكنها استجابت له وصمتت وانتظرت ما سيقوله
وليد بهدوء واتزان : يا عنود عندما اقول الحياة المثالية انما اقصد الحياة المثالية لكى انتى خاصتك وحدك ما لك انتى ومال الناس هل يعيش الناس حياتك انتى ؟
تلعثمت عنود فهى لم تنظر للحياة المثالية كما ينظر لها هو فقالت بتردد : ولكن كيف تكون لى حياة خاصة لنفسى وانا اعيش بين الناس واندمج معهم واكتسب منهم ويكتسبوا منى وهل خلقنا الله فرادى
وليد : كل ما قولتيه حقا ولكن الله لم يخلقنا جميعا شىء واحد والا لما خلق بننا الابيض والاسود والعربى والاجنبى وهكذا فحتى الحساب يكون خاص بكى وحدك فلما حياتك تقحميها فى حياة الاخرين
عنود بعدم فهم : لا افهم
وليد : ببساطة ان اردتى ان تعيشى سعيدة فاعرفى ما يسعدك وافعليه وليس لكى شان بالاخرين من حولك ولا تجعليهم يقتحمون حياتك كما لا تقتحمين انتى حياتهم فحياتك ستعيشيها وحدك بل على العكس كذلك ان تعلمتى كيف تسعيدين نفسك لانها الاولى بالسعادة من اى شىء لوجدت من الوهلة الاولى انه فى استطاعتك ان تسعدين من حولك ووقتها سيسعد من حولك ويسعدونك معهم فتكون المصلة انكى اسعدتى نفسك فى كل الحالات كذلك ولكى اقرب عليك الفكرة مثلا ماذا ان رايت انا انسان مكتئب الان وكاره للدنيا وقد يلقى نفسه فى المياه مثلا لينتحر فى حين انا الان فى نفس المكان اتنعم بشكل الماء وقد سقطت فيها اشعة الشمس ؟ بالطبع سيحسدنى وربما يحاول ان يكابنى مثله وعلى العكس منه اكون انا ولانى الان انعم برومانسية وحب وانا معكى كذلك فقد اتحدث معه بكل ما يجعله يتفائل للدنيا
كذلك ان عكسنا الوضع مثلا فكيف ترين انتى الماء الان وكيف رايتيه بالامس اذا فسعادتك انتى من ترسميها ا ولا واقرب شىء اننى جعلتك تتنعمين معى بالتسعون دقيقة الخاصة بالغسق هذا لانى انا عشقتها قبلك
اومات براسها ايجابا عن اقتناع بكلامه
استطرد كلماته وتشبيهاته وقال : السعادة مثل الايمان كلاهما قرار يخصك وحدك فالله خلقك وخلق لكى كل ما تحتاجين اليه فى الحياة وجعل لكى حرية القرار ان تؤمنى به او تكفرى به وانتى وحدك من ستنال نتيجة قرارها واختيارها كذلك الحال فى السعادة فعل معكى نفس الشىء وترك لك الاختيار
وفى الحالتين يجب ان تعلمى ان الله اراد لنا الايمان والسعادة ولكن نحن من نخلف طبائعنا وفطرتنا التى خلقنا عليها ولذلك دوما ما ترين ان الشاب يتمنى ان يعود طفلا ليعيش مرحه الذى قد فاته ولم يعيشه وكذلك ترين الكهل يتمنى ان يعود شابا لينهل من سعادة الحياة من لم يستطع ان ينالها وهو فى شبابه والعجب ان الشحص النادم هو نفسه الذى كان طفلا وهو ايضا نفسه الذى كان شابا ولكنه كان فى اسعد اوقات حياته وقتما كان طفلا لانه كان بفطرته كما خلقه الله اما عندما اصبح القرار فى يده بعد رشده اتعس نفسه وكذلك الحال فى الايمان فجميعنا خلقنا على الفطرة ونحن من نختار
قالت له : كلامه سهل ولكنه صعب التحقيق فهموم الدنيا كثيرة فكيف كنت ساسعد وانا فقيرة وذات عاهة وبدينة وابى خائن و....
وضع سبابته مرة اخرى على شفاها وقال : قلت لكى انتى صاحبة قرار اسعاد نفسك والسعادة لا تطلب امكانيات فقد تسعدين نفسك بابسط الاشياء وان اردتى ان تعرفين معنى السعادة والرضا انظرى الى انبياءك فما كان اكثرهم هموما منا فكانوا يحملون هموم امم وشعوب كاملة وقد حملوا ما لا طاقة لنا نحن به ومع ذلك ان كنتى وجدتيهم لرايتهم واسعى الصدر ورضوا بما قسم لهم بل وكانت دوما الابتسامة لا تختفى من على محياهم
قاطعته قائلة : انت تكلمنى عن انبياء
قال : لاااا انا اكلمك عن بشر فان كان الله قد اصطفاهم من بيننا الا انه اصطفاهم لانه اعلم انه اكثرنا تحملا بعبء الدعوة وان كان الله دعمهم ببعض المعجزات الا انه فى المقابل كان يثقل عليهم ولكنهم فى النهاية بشر مثلى ومثلك يرهقون ويحزنون ويفرحون كذلك ولكنهم كانوا يفرحون باقل شىء لانهم لم يطلبوا من الدنيا اعلى شىء
ولعلكى ترين حولك امثلة كثيرة فمن الطبيعى ان ترى رجل يسعد بسيارة واخر يسعد بجنيه ياكل به المهم ان تعرفين انتى ما يسعدك
صمت قليلا ثم عاد واستطرد كلامه وقال : ولهذا كانت نظرتى فى حياة والديكى واختك فكلاهما لم يعر ف كيف يعيش حياته منذ البداية ولم يفهم شريكه ولم يفهم متطلباته
قالت متسائلة : وماذا عن ولاء الم تعلم كيف تسعدها ؟
تجهمت ملامحه واقتضب حاجبيه وقد اجبرته عنود دون ان تفهم الى الحنين الى الماضى خاصة وهو فى تلك اللحظات فقد كان يعشق تلك اللحظات معها ولكنها غدرت به
شرد قليلا فى الماضى وقد تذكر موقف لهما فقد كانا فى نفس الموقف وكان يطعمها قالب الشيكولاته بيده بينما كانت هى تطلب منه رشفة قهوة من فنجانه فكان يضحك عليها ويابى فهو لم يحب ابدا ان تدمن مثله القهوة
حمل الموقف برمته حنينا الى الماضى فتذكر حاله كيف كان يحبها الى اقصى درجة ويفضلها على ذاته وكم كان يموت لاجلها ويكافح لاجلها بل كان يتنفس الهواء لاجلها
نظ لعنود وتقابلت نظراتهم ولكنه كان لايزال فى عالم اخر عالم آلمه لانه اكتشف انه اعطى قلبه لمن لم تصونه فقد كان حبه لولاء فى ذلك الوقت حب مجنون حب حيوى يحمل حيوية الشباب وجنونه ومراهقته حتى خيالاته المضطربة وان كان حبه حبه لولاء وقتها حب قلب وجنون فحبه لعنود الان هو حب قلب وعقل ونضج فكان هذا مغايرا عن ذاك
عاد الى الواقع وقال : على العكس يا عنود لقد اشركتها فى سعادتى لانى حقا كنت سعيدا ولكنها لم تصن تلك السعادة ولم تكملها او ربما كان مفهومها عن السعادة غير مفهومى واشد ندمها الان هو ليس لفقدى فقط بل هى مشتاقة لتلك السعادة التى كانت تعيشها معى لانى كنت افرح واسعد بابسط الاشياء وهى معى وربما كانت اقصى سعادتى انها جوارى فكنت اسعدها بسعادتى وعندما تركتنى تاهت منها معانى السعادة لانها من الاساس لم تعرف اين تكمن سعادتها
نظر الى اعماق عينيها ليحاول ان يقرا تاثير وقع كلماته عليها ثم قال : والسؤال الان لكى انتى : لما تقحمينها فى كل حديث بيننا ؟ لما تحاولين جاهدة ان تعكرين صفو خلوتنا
تشبثت فيه وعانقته وقالت : لانها حقا بيننا وانا اغار
ربت عليها وقال : لا تجعليها بيننا لانها حقا ليست بيننا فانا ليس بينى وبينك احد وتاكدى انى لم اعشقك الا وقد عشقتك لذاتك ولن انكر القول انى عشقتك حتى وانا مع ولاء ولكنى لم افهم ما هو شعورى هذا لانك كنتى مجرد طيف لا اذكر الا ملامحه التى كانت تزورنى فى المنام
طال عناقهم للحظات فى صمت ثم ابتعدت عنه وقالت ما رايك ان شربت انت قهوتك ودندنت انا على العود
ضحك ضحكة عالية وقال : اممم هل تريدين منافستى
ضحكت وقالت : لا بل اريدك ان تعلمنى
رفع كاس الليمون وشربها بيده فارتشفت رشفة وقالت : لن انسى لك انك حرمتنى من شرب القهوة
قال لها وهو يغمز بطرف عينيه : لا اريد ان تدمن ابنتى القهوة
امسك بالعود ولكنها لم تعرف كيفيه ضبطية وضعه فحاول معها ولكن حجم العود كان كبير بالنسبة لاتساع صدرها فاخذ يضحك عليها ولكنها عاندته واصرت ان تعزف الا انها لم تصدر الا انغاما نشارزا ليس لها اى علاقة بالموسيقى فاخذ يضحك عاليا عليها فتركت العود واخذت تضربه فى صدره فضمها لصدره وقال وهو لا زال يضحك اهداى عنودتى واعدك ان اعلمك و...
قاطعت كلامه وقالت : انه امر صعب فكيف لى ان اعزف وانا لا ارى الاوتار
قال : لا عليك فكل هذا ياتى بالتدريب ثم ساوصى لكى بصنع عود يناسب حجمك فهذا اشتريته مناسب لحجمى
قالت مستفهمة : وهل للعود احجام ؟
وليد : نعم للعود احجام واعماق ايضا وكلا منهما يناسب اشخاص معينين بل بلدان معينة فالعراق مثلا وهى عريقة جدا فى استخدام العود وان كان العود الة اصلها قبطى الا انه فى الحقيقة فالعراق كذلك ما ان عرفته الا وتعمقت فيه وصارت من اولى البلدان فيه
سالته وقالت : هل يؤثر حجمه على نغماته ؟
وليد : اجلسها جواره وهو يرتشف شرفة من قهوته وقال : النغمات كلها واحدة فى السلم الموسيقى وكل درجة من السلم بوترين معا على سطح العود وطريقة شد الاوتار ودرجتها ثابته فى كل البلدان ولكن الاختلاف ياتى بسبب خروج النغمات من اعماق مختلفه نتيجة العمق والطول وهذا لغير العازف او الهاوى يعتقد ان النغمات مختلفة والعراقييون يفضلون الاعواد ذات الحجم والعمق الكبيرين حتى تخرج الالحان عميقة تناسب عمق صوتهم الاجش وياتى بعدهم اهل الشام لعمق صوتهم الجبلى اما نحن فنميل الى الاعواد المسطحة قليلا والاقل عمقا
مررت يدها على جسم العود فبصرت اسمه محفور فقالت له : جميل اسمك
قال لها وهو يبتسم بعذوبة : هذه ايضا اخذتها من فريد وعظماء الموسيقى فكانت هى تلك عادتنهم ولكن ان بصرتى تحت هذا الوتر لوجدتى تكملة اسمى فنظرت فوجدت ان المحفور هو اسمها ولكن بطريقة اسلاميه فانفرجت اساريرها فعانقته بحرارة
حل الليل عليهم وهم على نفس السعادة وكانوا لا ياكلون سوى بعض المعلبات التى قد اتى بها وليد
فى المساء وهما فى الكابينة وعنود قد توسدت صدره سالها : لما يا عنود كنتى تهابين من مقابلة الغول ؟
رفعت راسها لتقابل وجهه وقالت بعد ان اخذت نفسا عميقا : كنت اخشى ان ينفر شكلى وطولى وكنت اعرف انه يرسم لى صورة فى خياله لى ولكن بالطبع لم يتخيلنى وانا بدينه او وانا اقف امامه ولا اسمعه فكنت اخشى من هذا
عاد وسالها : وماذا كنتى تتخيلينه انتى ؟
ابتسمت له وقالت : كنت اراه انت ولا اعرف ما السبب ولكنى اكتشفت انى اراك فى كل الناس
قبل جبينها وقال : هل ان اطلب منك طلب ؟ اريدك الا تحذفين الغول من حياتك بل تحدثى معى واخرجى ما تودين اخراجه بل واشتكى منى الي وصدقينى ساكون محايد فى انصافك او ربما تعقيلك وارجاعك عما تخطين نحوه فكنت فى السابق اكره ازدواجية نفسى ولكن ذلك لانى لم يكن بمقدورى ان اتحدث معك امام الان وانتى بين احضانى فكل احساس من هذا القبيل قد محى واود ان اتحدث معكى على اى صفة
ابتسمت له وقالت : اعدنى ان اشتكيت منك اليك ان تنصفنى
قال : اعاهدك على ذلك
.........
والله لو كل واحدة عملت كدة زى عنود الكل هيرتاح
انا اول حاجة اتفقنا عليها انا وزوجى اول ما اتفقنا على الارتباط كلمتين قالى عاهدينى انك تراعى ربنا فيا سواء موجود قدامك أو لا ووافقت وعاهدته وقولتله وانت كمان عاهدنى انك تسمعنى وتنصفنى لو اشتكيتلك من نفسك لان معنديش أصحاب اتكلم معاهم غيرك اصلا فوافق وكان دة مبدانا لحد دلوقتى

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن