الفصل الحادي عشر

4K 166 17
                                    

البارت الحادى عشر

اغرورقت عيناها وقالت وكانها لم تستمع الى سؤاله البته : انه رجل ضعيف الشخصية لا يفعل الا ما تقرره امه وحتى امام رغباته الشهوانية فهو ايضا اضعف ما يكون
رفع احد حاجبيه وقطعه استرسالها فى الكلام وقال : انه ينفذ كلام والدته وكلامك ايضا فلما لم تذكرى نفسك ؟
تلعثمت قليلا ثم قالت : نعم ينفذ ما اقوله انا لانه عديم الراى
ساد الصمت قليلا قبل ان يعود وليد بجسده الى الامام ويستند بمرفقيه على سطح مكتبه ويقول : اسمعى يا راجية شخصية زوجك معقدة تحتاج الى الصبر
واعلمى انه من الصعب جد ان نعالج رجل يحب النساء ويرى نشوته فى النزوات ي راجية لما لم تسالى نفسك لما هو  يفضل النساء الكثيرات ؟
وكل يوم يعيش مرحلة جديدة مع اخرى ؟
ان النساء مثل الزهور لكل منها لها طعم ولون ورائحة وحتى العمر كذلك ولكن زهرة طريقتها الخاصة بها فى جلب الانظار اليها كما انه لكل زهرة طريقة فى اعطاء من ينشدها طلبه فمنهن من تعطيه عن طريق رائحتها الذكيه او ربما تثيره بجمال بشرتها ولونها او ربا بعدد اوراقها وعمقها و. او ..او
النساء ايضا كالزهور لكل انثى ملذة خاة يشتهيها الرجال ولكل واحدة منكن طريقة فى ايصال الرجل الى ما يكفيه منها فمنكن من هى سخية تعطى دفعة واحدة ومنكن من تعطى بالشد والجذب مرة وبالمنع او التمنع مرة وهكذا
وقبل كل هذا يجب عليكى ان تواجهين انت نفسك بانك اتيتى الى لانك تحبينه لانك ان لم تحبينه لفضلت الانفصال والبعد عنه ولكن صبرك هذا نابع عن حبك له وهذا ما اريده فهو العمود الذى ابنى عليه بيتكما من جديد فعليكى ان تجمعين فيك كل ملاذات تلك الزهور
اما الشىء الاخر فهوانى اطلب منك الا تراقبين نفسك وتؤنبينها على ما تفعلينه لاجل اكرم ولا اريد الا ان تتذكرى انك تفعلين كل شىء لاجل زوجك فان لم يكن كل ما تفعلينه لاجله فلم اذا سيكون هذا المجهود ؟ ثم ابشرك خيرا ان يحبك وربما اكثر مما تحبينه والا ما كان هو البادىء بالعلاج الا لانه يريدك حقا
ثم انه وجب عليك ان تعرفين شخصية زوجك قبل ان تفعلى اى شىء لاجله وال شىء لابد ان تعرفى انه يتمتع بشخصية معقدة تحتاج الى معاملة بطريقة معينة
والشىء الاخر انك اول من اعنتيه على ترك المسئوليات فلا تشتكين الان بل عليك ان تعيديها اليه ولكن تدريجيا فهو لن يتحملها دفعة واحدة
ولا تفقدى انوثتك بالتعامل معه بالندية واعرفى حجمك مكانتك وطاقتك
سالت راجية فى عجالة : كيف ؟
اجاب وليد : اقصد بحجمك هو ان تفعلين ما انتى مطالبة به فقط على قد طاقتك الجسدية والعقليه فلا تشعرينه ابدا انك تتقدمينه واعطيه فرصة اخذ القرارت ولكن بعد تدعيمه وتصيله لما تريدين حتى يفهم ما تريدينه شيئا فشيئا وبعدها سيكون قادرا على اخذ القرارات وحده
واعرفى مكانتك انك تاتين دوما خلفه
صمت قليلا ثم عاد يسالها : كيف تجتازين احتقان نفسك امامه
قالت بدون تردد : لا ابكى ابدا امامه حتى لاابدوا ضعيفة فيكسرنى ودوما ما اشعر وقت ضيقى انى فى حاجة الى قتله او خنقه ان مررت حتى من جواره
وليد : امممم
القى القلم من يده مرة اخرى وقال : ما رايك ان بكيتى امامه بل وركنتى الى صدره وبدلا ان تشعرين انك ستنكسرين امامه ستشعرين بدفء ضمه اليك ؟ وما رايك ان مررت من جواره وانتى لا تطيقينه اذهبى بسرعة وضميه لصدرك بحنان ؟
قالت وهى مقتضبة الحاجبين ومنزعجة : ماذا تقول هذا مستحيل و..
قاطعها وقال : بل هو المفروض فلتوى قلت لكى تخلى عن نديتك له واكتسبى انوثتك وابكى بين يديه حتى تشعريه بضعفك فيشعر هو برجولته وبدلا من ان تشعرين بالضعف ستشعرين ان قوى العالم قد دبت فى اوصالك ثم ان الله لم يجعلكن تهجرن بيوتكن عند الطلاق لانه يعلم انه سينزل السكينه عليكما فما بالك بمجرد خلاف بسيط بينكما سيذوب من مجرد ضمه حنان بينكما
صمتت وكانها اقتنعت بكلامه بينما اكمل هو كلامه : اعلمى يا راجية انى لم اقل هذا وانا اريد ان احملك فوق طاقتك او اجعلك تقهرين نفسك . ابدا بل انا اريدك فقط ان تشعرين بالراحة بين يدى زوجك فهو يحبك
راجية مستفهمة : لقد قلت لى ان الرجال انواع منهم الجنوبى ومنهم الشرقى او الشمالى والجنوبى فمن يكون اكرم فيهم  ؟
ضحك عليها وليد وقال : انا قلت البشر يا راجية ولم احدد نوع اى ان انواع الشخصيات تنطبق على النوعين من البشر نحن وانتن
ثم نظر فى ساعته فشعر ان وقت طويل قد مر وقد بدا الارهاق يعتلى جسده
شعرت راجية بذلك فخجلت وقامت مستاذنه على وعد باتمام الجلسات
......
حل المساء ونيمت عنود عمر بعد ان انهكها بلعبه واخذت حماما دافئا لكنها اكتشفت انها لاوالت منهكة فاعترفت لنفسها ان ما انهكها ليس لعب الصغير وانما هو عقلها الذى ابكى التنحى عن التفكير فى الانجاب
جلست امام مراتها لاجل التزين الا انها ظلت ساكنة لا تفعل شىء سوى ان اسدلت شعرها وشردت مرة اخرى
دخل وليد وحياها الا انها لم تجبه لانها لم تستمع اليه بالمرة
كاد ان يمر من جوارها الى الحمام الا انه تنبه الى جلستها وهى فى وضع الشرود هذا مما جعله يقترب منها ووضع يديه على كتفها فانتبهت فسالها : ما هذا الشرود
ابتسمت ابتسامة حزينة وقالت له كذبا : لا شىء ولكنى انهكت من اللعب مع عمر
ضحك عليها وقالت : لاول مرة ان الاطفال تنهك من اللعب وظننتك تستمتعين معه
وكزته فى كتفه بخفه فقبل جبينها وتركها واكمل طريقه لحمامه
تعتم الليل اكثر فاسترخى وليد فى سريره يقرا احدى الكتب واسترخت كذلك عنود الى جواره ولكنها انشغلت بهاتفها
كتبت له بصفته الغول : ايها الغول لم اجد غيرك لاشكو له همى وقلقى ولانى اعتدت منك الانصاف والحياد فاردت ان اسالك بشرط الا تخيب فيك ظنى وتميل بالراى
ما رايك ان عشقت امراة رجلا وكفاها عن كل شىء ولانها تحبه ارادت ان تكرمه بالانجاب ولكنها اكتشفت انها قد لا تصلح للانجاب فما عليها ان تفعل وقتذاك ؟ اتتركه يكمل حياته مع غيرها ام انه يكمل حياته معها مرغما ليس راغبا ؟
ارسلت وقد ارتعدت اوصالها وهى تسمع صوت وصل الرسالة اليه وازدات ارتعاداتها وهى تراه هم ليقراها
قراها وليد وهو مقتضب الحاجبين وبدا الانزعاج عليه فلم يتوقع منها ان فى اعتقادها ان امر زواجه معلق على الانجاب من عدمه
اخذت هى تتفرس ملامحه فى سكون واضطراب من اجابته ولكنها فى ذات الوقت تعجبت من سكونه ولما طال مددت بجسدها كاملا على الفراش واستغرقت فى نومها فد ارهقها التفكير
ما ان نامت الا واقترب منها يتفرس ملامحها وابتسم ابتسامة حزينة وقال بصوت هامسا : لقد المتينى بكلامك وطلبت منى الانصاف فاى عدل هذا ؟ فهل توهمتى ان حبى لك وانتى على اعتاب الانوثة انى احببتك لاجل الانجاب ؟ وهل اعتقدتى انه كان من الهين على ان اعيش بشخص مزدوج لاجل ان اظل قريبا منكى كان أيضا لاجل الانجاب ؟
ام انى حاربت قلب ولاء لاجل الابقاء قربك كان من اجل الانجاب ؟
اما انى عيشت بنصف حياة مع سما لاجل الانجاب ؟
الا تفسحين للمشاعر اى طريق الى قلبك ؟
اخذ نفس عميق وقال بنفس الصوت الهامس : ايتها الصغيرة العنيدة حتى على رؤية المشاعر والله ما شققتى عن قلبى ووجدتى حبك فيه لانزعجتى من حجم توطنك فيه حتى انك لم تتركى اى فراغ للتفكير فى الانجاب او غيره
صامت للحظات اخرى وهو على نفس وضعه وبعدها بدا يكتب اليها : كيف ذبحتينى بالسكين وطلبتى منى الانصاف ؟ كيف وقدمزقتى القلب الذى اهديته اليك فسر انه سيعيش بين كفيكى وتركنى ؟ اى انصاف تطلبين منى وانا فى اخر رمقاتى منك ؟ اهذا هو العدل والانصاف عندك ؟
ومع ذلك ولانى للوعود وافى فساكون حتى فى اخر الرمقات وافى : والله ان وليدك لمتيم الفؤاد بك حتى وانتى صحراء جرداء فمادام الى جوارك فهذا يكفيه حتى وان ضننتى عليه برشفة ماء تروى عطشه فى حر النهار وان ظننتى منه غير ذلك فاتركيه ان شئتى فسيكفيه مجرد الظن منك
قبل ان يرسلها شعر بكفها يتلمسه وكانها ترجوه ان يضمها
التفت اليها فوجدها وقد اغرورقت عيناها بالدموع وقالت بصوت مصحوب بنحيب مكتوم : والله انى لم اشك فيك ولكنى اردت ان اسمع جمال كلماتك فيهدا النبض الحزين
فعرف انها قد سمعت همساته وانها لم تكن نائمة فضمها بسرعة ال صدره ودثرها لتهدا ارتعاداتها واخذ نفس عميق وقال : والله لقد كفيتينى انتى عن الابناء وارسل لها الرسالة فقراتها وابتسمت وقد سر قلبها بعذب كلماته حتى استغرقت بين احضانه لنوم هادىء
.....
فى اليوم التالى ذهبت عنود الى جامعتها واثناء خروجها لتنتظر وليد فى السيارة وقعت عيناها على اخر شخص كن من الممكن ان تتوقع رؤيته
شاهدت رجل عجوز ابيص الشعر ووقور حتى ان جمال وجهه الملائكى قد يخدع الناظر اليه
تصلبت عيونها وتحجرت دموع الاشتياق الى تلك الملامح واخذت ترقبه بارتجاف وهو يستميل الفتيات الى الركوب جواره
اخذت تنظر اليه ولا تعرف ما تريده فى نفسها فى تلك اللحظات فقد رغبت فى الركض نحوه والارتماء فى صدره وفى نفس الوقت كانت تود ان تغرب بعيدا عنه دون ان يلمح طيفها
اخذت المشاعر المختلطة تنهش فيها بين راغبة وراهبة بين التقدم والارتداد
فقلم يكن هذا العجوز الا والدها
اخيرا خرج وليد فتعجب انها لازالت واقفة مكانها ولم تركب السيارة فسالها ليطمئن : هل انتى على ما يرام ؟
انتبهت اليه فاخذت نفس عميق وتقدمت معه فى بطء وهى تقول : لا شىء ولكنى شردت فى محاضرتك فقد كانت اليوم تحمل مواضيع مهمة
صدقها وقال : لا تنزعجى من شىء ساعيد شرحها لكى
ركبت معه ولازالت محدقة بنظراتها على والدتها وتالمت وهى تراه وقد فلح فى اصطيد غريمة بدا يرحل من امام الجامعة واخذت تنظر ايضا على تلك الصغيرة التى جلست الى جواره وتسال نفسها لما وافقت على مرافقته هل حبا فى المال ام الشهوات
مر اسبوع كامل وملامح وجه ابيها لا تفارقها وقد اعاد عليها هذا المشهد جميع الافكار والذكريات الحلو منها والمر
تذكرت كلمات امها المادحة فيه والمتذمرة منه . تذكرت لعبه معها ونهره اياها . تذكرت كيف تحول بعض الحب الذى كان يعطيه اليها الى كره وكيف فرح بعاهتها . تذكرت حياتها البائسة التى عاشتها مع اها وهى تتعب ليل نهار لاجل ان تربيهم تربية حسنة
تذكرت وتذكرت وكانت كلما تذكرت موقفا حلوا ابتسمت وشعرت بالحنين نحوه وكلما تذكرت اخر مشهد له وهو يستميل الفتيات تشمئز منه
تذكرت كذلك كلماتالعجوز ووليد وعادت وسالت نفسها : هل حقا امى لم تفهمه واهملته ليكون فريسة سهلة لمحبات الشهوات والمال ؟
......
انتبهت على صوت وليد يقول لها انه ذاهب الى المركز فقالت له : هل فى مقدورى ان اذهب معك ؟
لم يرفض لانه شعر انها بحاجة الى التنفيس
وصلت الى المركز وما ان وصلت حتى تركت وليد يبار عمله وذهبت هى تبحث عن السيدة العجوز فقد شعرت انها بحاجة الى ان تاخذ براى سيدة لها خبرة
اخيرا وجدتها وكانت جالسة فى غرفتها ولكنها وجدت ولاء وابنها معها
ما ان راتها ولاء حتى نظرت لها بضيق وقامت واستاذنت على الفور وخرجت
خجل علي من تصرف ولاء فقام وحيا عنود ثم استاذن ليلحق بولاء
ابتسمت السيدة اليها ورحبت فاقتربت عنود منها وجلست الى جوارها على طرف السرير واستغرقهما الحديث معا وقصت عليها عنود كامل قصتها وسالتها : هل المراة حقا هى المسئول الاول عن انسياق زوجها خلف نزواته ؟
ابتسمت السيدة وقالت : من قال لكى هذا يا بنيتى كلاهما مسئول فالزوجة بالطبع لها النصيب الاكبر الا ان الرجل ايضا لم يخلو من المسئولية فى ذلك فالعلاقة بينهما متبادلة ولكن منهما من يتحمل العبء الاكبر
والدك كان ضعيف الشهوات امام النساء وهذا عيبه لانه رضخ لشهواته ولم يرضح للطاعة لان الطاعة تجب اى مذلات
اما والدتك فان كانت تتزين وتطبخ الى اخر ذلك من اعمال المراة فهى هنا لم تفعل كل شىء اذ انه ليس كل الرجال متشابهين وكان عليها ان تفهم ذلك واول شىء كان يجب عليها فهمه هو تغافلها عن مذلاته وان تعطيه ما يطلبه دون ان يشعر انها قد كثفت اهتمامها حتى لا يشعر انه قد انكشف امره وظهر ضعفه فيعاند
اخذت عنود تستمع اليها بتركيز وتقارن بين كلامها وبين ما كانت تفعله امها
انتهت الجلسة بينهما وقد صفى قلب عنود ورق نحو ابيها
مرت ايام اخرى على نفس الوتيرة لا جديد الا ان عنود كل يوم تراقب نفس المكان الذى كان يقف عنده والدها
كانت تود ان قصت على وليد ما يشغلها ولكنها شعرت بالخجل ولكن اهم ما فى الموضوع ان انشغالها بوالدها انساها انشغالها ولهفتها على الانجاب
.........
فى يوم وهى فى طريقها لسيارة وليد بعد ان انتهت محضراتها وجدت ابيها فى نفس المكان فعاد الاضطراب يلازمها ولكنها لا شعوريا بدات تاخذ حطواتها اليه لانها وجدته ينظر لها ويبتسم
هو لم يعرفها بل كان يستميلها مثلها مثل بقية الفتيات ولكنها توهمت للحظة انه عرفها وتذكرها
كانت دموعها ودقات قلبها المتسارعة تسابق خطواتها التى كانت اقرب شبها بالركض
كلما تقدمت نحوه بخطواتها كلما اتسعت هو ابتسامته لانه اعتقد انها استجابت بسهولة من مجرد ابتسامة اذا فهى صيدة سهلة وهى كلما رات اتساع ابتسامته زادت ظنها حتى بات اشبه باليقين انه عرفها
اقتربت اكثر الا انها فجاة وقد استوقفتها قبضة يد من حديد ولم تكن تلك القبضة سوى قبضة وليد وقد كان فى اوج غضبه
نظرت الى وليد وعادت تنظر الى ابيها التى للوهلة الاولى راته يركب سيارته ويفر من امامهم فقد خشى ان يشتبك معه وليد او ربما يسلمه لشرطة الجامعه
فصدمت وانهمرت دموعها ونظرت لوليد وقالت تبرا نفسها : انه هو يا وليد . انه ابى . لازال حيا لازال على نزواته
هنا ارتخت قبضة وليد وقد شعر بما الم بها فتبدل شعور الهجوم الى شعور بالحنان فاخذ نفس عميق وقال تعالى اولا الى السيارة فكل من حولنا قد ظن فيكى السوء
مشت معه ولكنها شعرت وكانها تجر جرا فلم تعد تشعر بقدميها بل لم تعد تشعر باى شىء حولها وكان الدنيا قد خلت الا من وجه ابيها
جلست الى جوارة كما الصنم ولم تنطق بحرف والاغرب ان الدموع هى الاخرى قد تحجرت فى مقلتيها
كان وليد يختلس النظرات اليها فى صمت ولكنها لم تلاحظه لانها كانت فى عالم اخر
كان ليد يسر بسيارته على حافة طريق زراعى فاخذت عنود تتامل الفلاحون وهم بصحبة ابناءهم فاذا بها ترى ان رجلا يسحب مارا من لجامه وابنه يركبه فى فرحة وسعادة ونظرت لامشهد اخر فوجدت ان زوج وزوجته ياكلان الطعام وسط الخضرة والشمس المشرقة واطفالهم يلعبون حولهم بسعادة
ومشهد اخر وجدت فيه اب يتقبل ابنه الراكض نحوه وقد قطف له موزة طازجة
هنا صرخت بالم وانهمرت دموعها وكانما انهمرت من سحابة كثيفة
توقف وليد على الفور بسيارته على حافة الطريق ونظر بفزع محاولا ان يفهم ما  شاهدته جعلها تصرخ فلم يجد شىء الا الحياة الطبيعية فاخذ نفس عميق وكاد ان يطيب خاطرها الا انها التفت اليه وقالت له متهكمة ومستفسرة : لما لم احيا مثل هؤلاء الاطفال ؟ لم لم انعم بطفولتى مثلهم ؟
ربت وليد برفق على كتفها وقال اهداى يا عنود واعاد السير مرة اخرى حتى وصل الى منزلهم ولكنها كانت منهكة حتى ان اقدامها قد تيبست فحملها حتى غرفة نومها وانامها ودثرها جيدا حتى تهدا ارتعاداتها وخرج ليعد لها كوبا من الشراب الدفىء وعاد اليها وقدمه لها وجلس الى جوارها على طرف السرير وامسك بكفها يدله لها لتدفا وقال لها : لا تحزنى على حالك يا عنود فقد يدفعك حزنك الى السئم من حياتك باكملها ولكن احمدى الله على ما انتى فيه فربماهم مثلك ينظرون اليك كما نظرتى انت لهم فليس منكما ما يعرف حقيقة ما يعانيه الاخر
بل اقبلى الاشياء الناقصة والارزاق الناقصة وتدابير الله الناقصة فما خلق شىء للاكتمال بل اعلمى ان الامور الناقصة فىحيقتها هى حياة كاملة بل وهى منح مقنعة فى حقيقة الامر فهناك قصة تخبرك انه مازال ما تحين اليه وتنتظرين الغد لاجله موجود فلا تقطعى علاقتك بالسماء
بل الادهى والاغرب ان الاشياء المكتملة فى حقيقتها هى اشياء مرعبة فاكتمال الشىء فى احيانا كثيرة يعنى انتهاؤه وان اردتى التاكد من كلامى عليك ان تتذكرى ان المرة الوحيدة التى قال فيها الرسول ( ص  ) كلمة اكملت كانت فى الاية الكريمة ( اليوم اكملت لكم دينكم ) ولم يتفرس فى معناها الا صديقه الذى كان يعرف انه لم يقل تلك الكلمة على شىء قط فعلم انه ما بعد الاكتمال الا النقصان فعلم ان صديقه سيرحل عمن قريب فبكى 
لا تبكى على ما فاتك بل ابتسمى لانك تعلمتى منه الكثيروقد عوضك الله ايضا عنه بالكثير
نظرت له وقالت بدموع : والله لم اتعلم منه سوى تحمل المشقات والمعافرة ضد الزمن ولكنى فى نفس الوقت اعترف ان الله عوضنى عن هذا بك
ابتسم لها بهدوء وفتح لها ذراعه فارتمت فى صدره وقالت وهى تبكى : والله لاحمد الله على نعمة وجودك فى حياتى فانت الشىء الوحيد الذى انارها
داعب انفها وابتسم لها فقد طيبت خاطره
توتر قليلا ثم قال لها : اريد ان اطلب منك طلب وارجو الا تعاندينى فيه وترفضين لان فى رفضه بداية دخول المشاكل الى حياتنا وربما هدمها كلية
ارتعدت من الكلمة قبل ان تعرف ما هية الطلب مما جعلها ان تكمم فاه حتى لا يتحدث فهى تعلم صرامته ان قال شيئا وتعلم عنادها ان قررت شيئا
وليد : نحن فى ارياف والكل يعرف بعضه البعض حتى انا معروف بينهم وعائلتى على الرغم انى لست من اهل البلد واننا قد سكناها ليس من زمن بعيد ولكن لصعر عدد افراد القرية فالكل معروف بتفاصيله
صمت مرة اخرى لانزعاجه مما سيطلبه ثم عاد ليقول : الكل هنا يعرف والدك ولكن ليس بصفته والدك فقد عاد بعد غياب وقد تبدلت ملامحه او ربما هو من قصد الى تغييرها ولكن ليس هذا ما يهمنا وانما ما يهمنى انه معروف لدى الجميع بصياد النساء وان كل من تبتسم له مجرد ابتسامة فتدون فى قائمة اسماء سيئات السمعة وهذا ما لا اقبله ابدا على شرفى وعرضى ولن اسمح لاى فرد معما كان ان يدنسهما ولو على سبيل الخطا وانتى بفعلتك اليوم كدتى ان تدنسيهما فارجو الا يتكرر هذا وان اردتى رؤية والدك فاعدك ان اتى به الى هنا ولكن احذرى ما قلته
..........
تفتكروا هل فعلا الست مسئولة عن نزوات جوزها
تفتكروا ظهور والد عنود هيكون له أثر على مجرى حياتها
هل لو اثر هيكون بالخراب على حياتها ولا بالايجاب

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن