البارت السادس

3.9K 175 16
                                    


البارت السادس

ظلت راجية صامتة منصته وقدا بدت مشدوهة لكلماته وكانها تبحث فى اعماقها عن الاجابة هل هى السبب حقا ام انها فراغة عين منه؟
لم تقل حالتها تلك عن حالة عنود وبالاخص عندما قال وليد واكد ان شخصية اكرم مابقة لشخصية ابيها فارادت ان تفهم اين كمن الخلل فى فشل علاقة امها بابيها
شعر هو بانتباههم وهذا منا كان يريده وبدا ينهال على راجية بالاسئلة فقال : اولا كيف عرفتى بخياناته المتعددة تلك هل بالصدفة ام بالمراقبة والتجسس ؟
كاد ان يكمل اسئلته الا انها قاطعته وقالت باستهجان : هل يفرق طريقة معرفتى لخيانته فى كونه خائن ان كان هو نفسه يجاهر ويعترف بهذا
هنا كان الدور على وليد ليقاطعها قائلا : نعم انها تفرق كثيرا فاولا كونك جعلتى من نفسك مخبرا متجسسا فانتى اقتحمتى خصوصياته وهذا ما لا يقبله الرجل أي رجل وهنا يكمن الاختلاف فلا داعى للمقارنة بان تقولى هو ايضا يتدخل فى خصوصياتى
والاجابة لا انتى غيره فان راقبك هو فلانك تحملين بين يديك شرفه واسمه وهذان اغلى شيئان وجب على الرجل ان يحافظ عليهما والا ضاعت رجولته
وثانيا الرجل يعتبر المراة كائن ضعيف ويعرف ايضا ان الرجال ما هى الا ذئاب بشرية فيضطر فى كل ثانية ان يحافظ على زوجته واخته وامه بشتى الطرق وهذا يحتاج رعايته فى كل دقيقة وهذا ما تسمونه انتن رقابة ولكننا نسميها نحن حب وهنا يكمن الاختلاف ثم انكى بمراقبتك ان كنتى عرفتى خيانته بالمراقبة جعلتى منه جاهرا منها فبعد ان كان يتخفى صيانة لكرامتك واحساسك بمجرد جهرك له بمعرفتك جعله هو الاخر يجاهر بخيانته فاصبح لا يقيم لكى شاان ثم اعود واسالك ماذا جنيتى من تجسسك عليه ومجاهرتك له بالتعنيف الا انزال كرامتك وارهاق نفسك وقلة الثقة فى ذاتك هل استطعتى معاقبته او منعه من الخروج مثلا او استطعتى ان تمنعيه من الخيانة ؟
بل للاسف كل ما جنيتيه هو التقليل من نفسك وكان عليكى ان تعترفى لنفسك ان من لم يخاف الله وعمل المعصية فالاولى الا يخاف منك
هنا ظهرت ملامح التوتر والتعمق ايضا فى ملامح راجية فهى لا زالت على نفس وضعها من الصمت الا انها بدات بعقلها تدور فى اعماق نفسها لتبحث عن اجابة عن سؤال وليد
صمت وليد قليلا ثم عاد يقول : هل اكرم رومانسى دوما مع كل من يعرفهن الا انتى ؟
لم ينتظرردها بينما اجاب هو : ان كان حقا هكذا اذا فهذا لا يعنى الا شيئين ليس لهما ثالث
اولا : اول العيب عندك انتى فربما لم تعطيه فرصه مثلا او انك لا تهتمين بما كان يبديه لكى من رومانسية حتى شعر بالفتور
ثانيا : انه يعتبرك رجل مثلك مثله فلا داعى للرومانسية او ربما يراكى عدو يريد ان يقضى عليه بالبطىء
هنا قالت عنود بعصبية : انك فى كلتا الحالتين وضعت العيب عندها اذا فما الداعى لعلاجه هو من الاساس مادامت هى المخطاة اولا واخيرا
نظر لها بتحديق اخافها فانكمشت فى مكانها
اخذ نفس عميق وقال : سبق وان بدات كلامى بان اكرم مريض وانا هنا ابحث عن سبب لما هو فيه وارجوا الا تقاطعى كلامى والا فحمام دافىء الان هو افضل شىء الي
احمر وجهها خجلا وعادت الى الخلف فى كرسيها بينما قالت راجية وكانها بدت تقتنع بكلام وليد : مهلا يا عنود اجعلينى انصت دون ان تؤثرين علي
عاد وليد ونظر الى راجية وقال : ربما شاهدك زوجك على انك رجل مثله فلم يعد يشعرك بانوثتك يا راجية
هنا قاطعته راجية قائلة : نعم حقا ما قلت هو دوما ما يقول لى انتى مثلى اين انتى من الانوثة فى حين انت ترى ما انا فيه فانا اهتم جدا باناقتى وزينتى وفى بيتى اظل ايضا هكذا ولكنه لا يبدى لى اى اهتمام بل من الواضح انه مخادع حتى انه يود ان يظهر دوما للناس انه رجل عظيما لا يشبهه اى رجل و....
قاطعها وليد بابتسامة ساخرة من جانب فمه وقال لها : هذا شىء يحسب له وليس عليه ىفمن منا لا يهتم بمظهره امام الناس اكثر من اى شىء اخر ولكن اجابتك خاطئة فكان لابد ان تقولى لما يهتم ان يكون انيقا امام اى انثى الا امامك ؟
ردت عنود مرة ثانية بسرعة : لانه ضمنها انها اصبحت ملك يمينه اما غيرها فلا
هنا لم ينظر اليها وليد شذراً بل رد عليها باريحيه لعله شعر انها هى الاخرى فى حاجة الى تغيير مفاهيمها : هذه اجابة مستهلكة تقولها المراة عندما لا تبحث عن السبب الحقيقى او ربما لان تلك الاجابة هى ما ترضي بها نفسها على الاقل ثم من قال ان كلاهما بعد الزواج اصبحا مضموناً للاخر؟ هل عندما خانها كان مضمونا لها وهل ليس فى استطاعتها هى الاخرى ان تخونه فهناك امثال كثيرة من النساء الخائنات لانهن وجدن نفس الشىء اى انهن لم يجدن ازواجهن كما كن يحلمن ويتمنين فاضطررن للخيانه لعلهن يجدن ما فقدوه وبالطبع انا اشرح فقط ولكن لا اعطى مبرر للخيانة ولكنى اعطى السبب فقط وعلينا العلاج
ثم اكمل قائلا : الخلاصة ان وجدنا عدم الاهتمام من اى طرف فى العلاقة فعدم المضمونية تشملهما معا
يا راجية كل رجل عند الزواج فهو ببساطة اختار انثى ليبيعها جزء من حياته حتى تكون شريكة له وهنا اؤكد انكى شريكة وليست مالكة حتى تعتدى على حقوقه وتراقبيه ثم انه عندما جعلك شريكة له فى حياته فيجب عند دخولك ايها ان تكونى متفهمة انه بمقدورك ان تجعليه يبيع لكى الجزء الاخر من حياته حتى يصبح كاملا ملكا لكى ولكن اياكى ان لم تستطيعى ان تملكيه كله ان تبيعى الجزء الذى جعلك شريكته فيه لاخرى او حتى تشركى اخرى ولو بجزء بسيط فيما يخصك
وهذا لا ياتى هكذا هباء بل يحتاج الى ذكاء فمثلا كيف سيكون حالك ان كان معكى خزنة بها مالا وفير هل ستحافظين عليها بان تصنعين لها الف جدار ام تتركينها هكذا فيسرقها غيرك ؟
قالت راجية بسرعة : هل عندك حلول لما انا فيه اذا ؟
وليد : عليكى اولا ان تتذكرى انك قارورة كما وصفك الرسول ولستى امراة حديدية فهذه غير تلك كما يجب ان تفهمى متى تكونين قارورة ومتى تكونين امراة حديدية فلا تكونين ابدا قارورة الا فى نظر زوجك
صمت فجاة ونظر لها ثم سالها مباغته : قبل ان ابدا الحلول هل لازلتى تحبين زوجك وتريدين ان تحافظى عليه ام انه لم يعد ذو شان فى حياتك ووقتها لا داعى لارهاق نفسك باى علاج او مجهود ؟
تلعثمت قليلا وكانها تفكر فى اجابة او ربما ان خجلها منعها ان تجيب بسرعة انها حتى الان تحبه
بينما كانت عنود تراقبها فمجرد تلعثم راجية فى الرد جعل عنود تتاكد انها تحبه وهذا جعلها تحدق فى وجه اختها متعجبة وقالت فى نفسها : ايعقل بعد كل هذا الا تزال تحبه؟
بينما اجابت راجية اخيرا بنعم احبه ولم اكرهه يوما ولكنى كرهت ما فعله بى لانه آلمنى كانثى
ابتسم لها باريحيه وقال : اذن فانتى قد اخترتى ان تظلى شريكته فى حياته وما دمتى اخترتى هذا فعليكى اولا ان تجعليه هو ايضا شريكك بمعنى انه لا يجوز ابدا ان ان تبقى انتى دونه او يبقى هو دونك وان انفصلتما سيكون الانفصال موجع لكى كما هو مو جع له اجعلى منك ومنه جسد واحد ان اتكى عضو تداعى له بقية الاعضاء بالسهر والحمى
ولنبدا من الان
1/ اجعلى زوجك كابنك الصغير حتى تشعرى انتى نفسك انه فى حاجة الى اهتمامك دائما وانك لابد ان تصبحى له مصدر كل شىء حب امان وحنان وايضا موضع اسراره ...انه طفلك
2/ تغافلى عن اخطاءه الصغيره وحاولى ان تتفهمى منها الكبيرة ... ولا تنسى انه طفلك ليس ندك
3/ حاولى ان تفعلى كل ما يحبه فهو اغلى انسان فى حياتك فهو طفلك البكرى فان كان يحب اللون الفلانى ارتديه له وان كان يحب التزين بالطريقة الفلانية تزينى له كما يحب ويرضى بل ودليله دون الشعور ابدا بالفتور او انتظار الرد منه ...ولا تنسى انه طفلك
4/ لا تنهريه او تقفين ضد رغباته على طكول الطريق مثلما تفعلين مع طفلك فانتى تحاولين بشتى الطرق ان تبعديه عما بيؤذيه ولكن بطرق ملتويه حتى لا يعند معكى فافعلى معه هكذا ....انه طفلك
4/ تعلمى ان تكرهى منه الفعل وليس الفاعل اتضايقى من عدم حكمته وليس منه فابنك ان فعل ما يضايقك فانت لا تكرهينه ابد ولكن تكرهين افعاله .....فزوجك مثل ابنك
5/ اياكى ان تشعرية بقوتك بل افتخرى امامه بضعفك فهذا ما يثير دوما الرجل الجنوبى ودوما ادمحى روجلته
6 / يؤسفنى يا راجية ان اقول لك على الرغم من اناقتك التى تتحدثين عنها فان اكرم لا يراكى انيقة بالمرة
هنا فزعت عنود قبل راجية بل تحدثت هى عن لسان اختها وقالت : انه لا يفهم شىء عن الاناقة فاختى تختار ملابسها بعناية
رد عليها قائلا : انها تشترى ما تفضله هى لنفسها وليس لما يفضله زوجها فما الحال مثلا ان وجدتينى انا ارتدى الالوان الفسفورية فى حين انتى لا تفضلينها فما سيكون رد فعلك وقتها ؟ هل ستقولين هذه اذواق شخصية ام ستحاولين ارتدى ما تهوينه وتشعرين انى جذاب فيها نست عنود ان اختها جوارها وقالت بتلقائية : ولكنك انيق حقا بل دوما ما تثيرنى بذوقك فى اختيار ملابسك وهندمتك لنفسك حتى عطورك اصبحت ادمنها
نظر لها بتعمق فقد اخذته هى الاخرى بكلماتها الى مكان اخر وتناسا كلاهما وجود راجية حتى انه مد يده واحتضن كفها برفق ولازالت الابتسامة على وجهه
تنحنحت راجية لينتبها اليها ولا نكذب ان قلنا انها شعرت ببعض الغيرة وودت ان كان اكرم موجود الان لارتمت فى احضانه فهو الاخر له اناقته الخاصة به
عادا الثنان الى ارض الواقع وعاد وليد يوجه كلامه الى راجية الا انه لم يترك كف عنود
وليد : يا راجية اليكى بعض الاشياء التى يحبها زوجك فهو يميل الى الالوان الهادئة بل والميتة فى احيانا اخر ولا يفضل المزركش ولا يحب ابدا الملابس الضيقة بل دوما يميل الى البساطة فى كل شىء والواسع ايضا ولا يفضل ابدا الزينة الصارخة ويميل الى العطور الهادئة وليست النفاذة وانتى على العكس من هذا تماما تميلين دوما الى المزركشات بكثرة حتى انكى ترتدين دوما مصوغاتك الذهبية وكانك فى معرض للمجوهرات او اعلان عن الترف فعليكى ان ترتدى ما يحبه وسوف تسمعى منه كلمات المدح
ثم ان زوجك انسان لصيق بمعنى ان الجنوبى على الرغم من كونه يعتز برجولته الا انه يحب دوما الالتصاق بالمراة القوية ولكن قوتها تظهر فى قراراتها وحكتها فى ادارة البيت اما معه فيحبها اضعف ما يكون فهو يحب الازدواجية فى شخصية امراته
فان شغرتى يوما بالارهاق او بالضعف من اى شىء حتى وان كان وهنك بسببه فاظهرى ضعفك هذا امامه بل وابكى على كتفه فهذا ينتشى لديه احساسه بالرجولة وسترين وقتها رجلا مختلفا تماما وتناسى وانتى بين يديه انكى قوية
يا راجية ان ما قاسيتيه من صغرك وخروجك للعمل من الصغر حعلك تفقدين كثيرا من انوثتك حتى وان حاولتى ان تخفيها ببعض الملابس او المساحيق الا ان طبعك واضح جليا انكى اصبحتى امراة قوية لا تحتاج للرجل فى حياتها ف حين ان داخلك عكس ذلك تماما وانا اريدك ان تشعريه بما فى داخلك هذا وسترين وقتها رجلا اخر
قطع حديثهم اتصال جاء لوليد من مراد العجوز فرد وليد ودار الحديث بينهم ومن ضمن كلماته انه قال : معذرة ايها العجوز لن استطيع الحضور اليوم فانا مرهق للغاية
هنا شعرت راجية بالاحراج وتذكرت انه كان قادما لتوه من عمله وبالتاكيد كان فى حاجة الى الراحة فقمت وانتظرت حتى انهى مكالمته ثم اعتذرت عن تاخيرها له وهمت بالانصراف
لم يمنعها وليد لانه كان حقا فى قمة ارهاقه ومع ذلك قال لها : سيكون بيننا جلسات اخرى يا راجية وارجو ان تعيدينى بهذا
وعدته راجية وكانت ملامحها لينة ففيما يبدوا انها نوت على التغير لاجل الحفاظ على بيتها وزوجها
خرجت راجية وصعد وليد الى غرفته بسرعة لياخذ حماما يهدا من ارهاقه بينما تبعته عنود بسرعة
ما ان دخلت الى الغرفة وجدته دخل لياخذ حمامه فبسرعة اخذت تنثر العطر فى الغرفة واخذت تزين نفسها فى عجالة ثم همت ان تخرج ثانية لتجلب له طعامه اى سريره ولكنه استوقفها بنداءه عليها
اقتربت من الباب وردت ولكنها توترت عندما سمعته يقول افتحى الباب فقد نسيت المنشفة
فتحت ببطء ومدت يدها بها دون ان تحاول ان تلمحه وفجاة شهقت عندما وجدت ان يده جذبتها للداخل
كادت ان تصرخ لكنه كتم فمها وقال : هداى من روعك فلن ينقذك احدا منى الان فحتى عمر سمعت عبير وهى تاخذه لامى
قالت وهى ترتعد من هذا الحصار : ماذا تريد ... اتركنى ارجوك ...مستحيل ان ..
كانت كلماتها غير مرتبه ومتقطعة
ضحك عليها ليزيل ذعرها ثم حملها الى المغسل وبلل ملابسها ولم تفلح هى فى الانفلات منه
قال لها مناغشا لا تحاولين لان محاولاتك ستذهب هباءا فوليد مع عنود لا يعرف المستحيل ولا ااا الخجلللل ورشها مرة اخرى بالماء فصرخت وهى تضحك
.................
عند سليم ومراد
خرج سليم من غرفته متهيا للذهب الى عبير
وجده مراد ومن هيئته عرف وجهته فقال : لا تتصنع اى كلمات احكى لها عما تشعر به بكل صراحة وهى ستشعر بك واترك لها مجال للتفكير فلا داعى للضغط عليها فهى بالطبع لن تقبلك مرة اخرى فى التو واللحظة واعلم انك الان تحتاج الى صبر ومثابرة وان كنت تريدها حقا ابذل كل ما فى وسعك ومقدورك من طاقة لتعيدها اليك ولا تياس من رفضها اليوم لانها من الطبيعى انها سترفضك ولكن كن حكيما فى كلماتك
ظل سليم صامتا بل شعر بالعجز اكثر اثر كلمات والده فكيف يستطيع ان يؤثر فيها بكلماته وكيف يستقطبها اليه مرة اخرى
تحرك ببطء من امام والده دون ان يتفوه بحرف وكذلك لم يضغط عليه العجوز
مرت نصف ساعة وصل خلالها امام بيت عائلة وليد ووقف فى البداية متلعثما ليس لديه القوة التى يستطيع بها مواجهة عبير واخذ ينظر حوله وتذكر كم مرة اتى الى هنا ووقف عاجزا لم يجروء على الدخول وكم تمنى ان يرى حتى طيفها او يرى ايا منا افراد اسرتها يطمئنه عنها

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن