الفصل السادس عشر

4.4K 182 9
                                    

البارت السادس عشر

وليد : اسمعى يا هبة وتريثى كلامى واعقليه وافعلى به وستجدين الاختلاف
اولا : لا تغلقين نوافذ بيتك دوما خشية الاتربة بل افتحيها واسمحى للهواء الطلق واشعة الشمس ان تجدد طاقته وتقتل اى ميكروبات ثم اتركى لاولادك مساحة صغيرة ولو غرفتهم على الاقل ليلعبون فيها دون تقييد لحريتهم فهم اطفال ولهم حق فى اللعب وهم ليسوا مسئولين عن حبك لترتيب المكان اكثر من حبك لهم  فهم لهم طاقة يجب ان نساعدهم على اخر اجها والا نشاوا معقدين ثم ان حرمتيهم انتى من اللعب وهم اطفال فمتى يلعبون اذا فيجب عليكى ان تتركى لهم على الاقل غرفتهم يلعبون فيها كيفما شاءوا على الاقل لن يضغطوا عليكى كثيرا ولا تصرخين فيهم فهم من الاساس لا يفهموا ما تقولينه ولكنهم لا يفهمون الا صراخك وان كان اهتمامك منصب ان يكون بيتك دوما فى حالة جيدة وعلى استعداد استقبال اى شخص فهذا خطا فالضيف ان اتى على غرة ووجد غرفة اولادك غير مرتبة فهذا لا يعنى انك لستى نظيفة بل يعنى انك تركتى فرصة لاولادك يلعبون ويلهون
وان وجد مطبخك ليس فيه طعام كافى فهذا يعنى انك اطعمتى اولادك اولا فهم اهم من اى شىء ولا يعنى انك مقصرة فى اعداد الطعام
وان وجدوا هناك ملابس غير نظيفة تملا المغسلة فهذا يعنى انكى تركتى لاولاجدك الحرية فى التفريغ عن طاقتهم واللعب حتى لونوا ملابسهم بالوانهم التى لعبوا بها مثلا
اذا فالخطا هنا ليس عند انما الخطا عند الضيف الذى يجب ان يستاذن قبل ان يحضر حتى يحكم على بيتك بعدل
لا تظلمى اولادك بظلمك لنفسك . يا هبة التربية مثل زراعة نبات مصاب بعفن فى الجذر غير نبات به مشكلة فى الاوراق  فما يجدى ان زرعتى نبات به عفن فى الجذر فسيموت لا محالة اما ان كانت الاصابة فى الاوراق بعدما كبر النبات فهذا سهل علاجه كذلك الاطفال ان ربيتيهم بالحكر عليهم نشاوا معقدين ولن يعطوكى ما تمنيتى ان ترينه منهم مهما سقيتيهم لان جذورهم من الاساس عفنه اما ان اهتتمتى بجذورهم وعقولهم عند كبرهم ان بدت عليهم اى مشكله سهل علاجها ما دام الجذر قويا 
ثم انى وجدتك تكهلين نفسك بكل صغيرة وكبيرة فى البيت لاجل التوفير لعنة الله على التوفير الذى يجعلك تخسرين زوجك واولادك فما يهم ان تصنعين الجبن والمخبوزات والحلويات كلها بيدك وان اردت اجعلى لكى ساعة او ساعتين اسبوعيا لصنع شىء واحد منهم ولكن ما الحل ان ارهقتى نفسك فى صنع كل هذا حتى اذا جاء زوجك لا يجد الا زوجة مرهقة استنفذت كل طاقتها فى عمل اشياء من الجائز الاستغناء عنها وان فكرتى فانتى كلفتى بيتك اكثر من ثمنها كثيرا فيكفيكى رخة واحدة فى وجه ابناءك تعادل الف توفير
يا هبة : الزوجة والحياة الزوجية تعنى الارتباط النفسى قبل اى شىء والامومة تعنى تربية وتعاليم وليست جارية للطبخ والتنظيف وهذا يعنى ان اهم شىء زوجك واولادك فاعمال البيت مساعدة وليس اجبار
عنود بتعجب : كيف هذا ومن اذا سيقوم باعمال البيت انك تقول كلام غريب
وليد : اعمال البيت تستطيع ان تصنعها ولكن مع تنظيم الوقت وتنظيم الاعمال نفسها وان عدتم الى عصر الاسلام الاول لوجدتم ان معظم البيوت بها جارية لمساعدة الزوجة لان الزوجة اساسها الاول هوعفة زوجها وامتاعه حتى ان رسولكم الكريم (ص) عندما كان يعود من غزواته كان يرسل اولا مبشرا الى المدينة حتى تستعد النساء بالتزين لازواجهن ولم يقل لترتيب بيوتهن
ثم ان العلاقات الحميمة لها الاولوية فى الحياة الزوجية
هنا خجلتا كلا من هبة وعنود ولم يستطيعا النطق
بينكما لم يهتم وليد بخجلهن واكمل كلامه : ليس معنى كلامى الا تهتمى ببيتك فهذا ما لم اقصده البته ولكن ما اقصده هو ان تفعلى كل شىء باعتدال ونظمى وقتك باتباع سنة رسولك ستجدين البركة فى يومك فما رايك ان قمتى مبكرا وانهيتى تنظيف بيتك قبل استيقاظ اولادك ثم ايقظتى زوجك ووجهك مشرق واعددتى له فطوره حتى اذا استيقظ اولادك كان عند وقت للاهتمام بهم واهم شىء ان تاخذى قسط من الراحة وقت القيلوله فهذه سنة نبيك لانها تبعث فى الجسد القوة والنشاط ثم تستانفى بعدها الاهتمام بنفسك واطفالك وتعطير بيتك فماذا تعتقدين ان يكون شعور زوجك وقتها
اثار كلامه انتباه هبة حتى تاكدت انها هى المخطاة حقا فسالت باهتمام وما الحل هل كرهنى احمد واولادى ؟
عنود هى الاخرى كانت فى شغف لسماع الاجابة حيث انها قد اقتنعت بالكلام
وليد : اولا اغلقى مطبخ هذا فما الهدف من كونه هكذا بحجة مجاراة الموضه فليست كل موضة تتناسب معنا نحن الشرقيون فلا طبيعة طعامك تشبه الاوربيون ولا طريقة اعداده من الاساس وتخلصى من عفشك كبير الحجم فكلما تركتى مساحات كلما ساعدتى على طرد اى طاقة سلبية فى المكان
ثم عاد وسحبها من يدها ومد يده الاخرى واخرج من الاكياس تلك الملابس التى احضرها لها وقال : تزينى انفسك ولزوجك فهو اهم من كل شىء ثم اهتمى بجسدك الذى اصبح كما تبدين فى الستين من عمرك وتطيبى ثم تذكر شىء فابتسم وقال وهو يغمز لعنود بطرف عينه : وقبلى زوجك بعد ان تشربى ماء مثلج فالقبلة وقتها لها مفعول السحر
خجلت عنود منه حتى انها بحلقت له بعينيها على هذا الاحراج
.......
اخيرا خرجا وليد وعنود من عند هبة بعد ان وضع حل لمشكلتها على الطبيعة واقتنعت بكلامه
اتصلت عبير بوليد وهى فى قمة سعادتها واخبرته ان سليم اتصل بها وقال ان نتيجة الفحوصات قد ظهرت وانه فى الغد سيجرى العملية وكان وليد قد اتصل بمراد قبلها وعلم ولكن ما ان وجدها فى تلك السعادة الا وقال لها : يبدوا ان هناك شخص ما سيزور معبدك قريبا
اغلقت معه وهى خجلة ولكنها لم تجيبه بالايجاب
تفاجات عنود انه قد وقف بسيارته امام النيل فنظرت له وقد لمعت عينيها وهزت راسها وكانها تساله فاجاب هو ايضا بالايماء انهما سيقضيان وقتا لطيفا ولكنه نظر لعمر وقال الحمد لله لن يحرمنى من المتعة معك فقد نام ولن كهلنى سوى بحمله حتى المركب
بالفعل نزلوا سويا بينما كان المراكبى فى قمة انبساطه فهو يحب وليد ويفرح بفرحه
جلسوا فى المركب ووضع الطفل جوارهم وجذبها الى جواره فاراحت راسها على كتفه وظلا صامتين للحظات ثم رفعت راسها له وسالته  : هل كنت تنتعش كذلك عندما كنت تتنزه انت وولاء مثل الان
وليد : وما دخل ولاء الان بل نفضيها عن تفكيرك واستمتعى بوجودك هكذا بين احضانى
عنود وهى تتمسح فى صدره : اجيبنى ولا تنكر
وليد وقد اعاد راسها لصدره واخذ يمسح عليها لتسكن اضطرباتها  : نعم كنت استمتع ولكن استمتاعى معها شىء ومعكى شىء اخر فاستمتاعى معها لاجل متعة اللحظات معا فهى كانت تستمتع معى وانا كنت احب ان اشعر بها تمتعنى كذلك اما المتعة معكى لها مذاق اخر فانا اشعر بالسعادة والمتعة لمجرد ان اراكى سعيدة دون ان  انتظر منكى اى رد فشعورى معها كان الند بالند اما معكى فلا فانا اشعر كما لو كنتى ابنتى بل ابعد من هذا فقد اختزلت فيكى كل صفات ومعانى الانوثة ومهما قدمت لكى اشعر انى اظلمك ولا اوفيكى ما تستحقينه
اخذت تتمسح فى صدره اكثر وتستنشق عطره فعاد ورفع راسها مرة اخرى وقبلها
......
فى الصباح كان الجميع يقفون امام غرفة العمليات وكانت والدة وليد وخالته تقفان فى توتر ولم يكفا عن الدعاء فكلتاهما قد ربت سليم وزرعت فيه خصلة حميدة حتى شعرت انها هى امه التى ولدته بينما كانت عبير تبكى هى الاخرى قلقلا على حبيبها
بينما كان وليد يقف قلقا هو الاخر ولكن قلقه كان مختلفا عنهم فهو قلقا على سليم وعلى مراد ابيه كذلك لانه يعلم ما مدى توتره فى تلك اللحظات فقد كان يتمنى ان يجرى هو بنفسه العمليه لولده ولكن العملية كانت مشتركة بينهما
بينما كمانت عنود فى قمة انهيارها النفسى فهى قد عشقت مراد العجوز وكانه والدها حقا وقد تمكن منها التوتر واخذت تدعوا له  ولاول مرة رات وليد نفسه بهذا التوتر
الا انها شهقت فالتفت له وليد ليتفاجا ان الكلب ادريان يتحرك مقبلا نحوهم وبدا وكانه حزين على صديقه فلم يصدق وليد وقال بصوت خافض لعنود :  معقول هل شعر بصديقه الى هذا الحد ووجد رجال الامن يركضون خلفه لمنعه ولكنه اشار لهم بان يتركوه وشرح لهم موقفه
اقترب ادريان واخذ يتمسح بوليد تارة وبعنود تارة وكانه يبس اليهم وجده فمسح وليد عن ظهره ليهدا
واقترب نحو عنود وحاوطها من كتفها ليهدا من قلقها هى الاخرى ثم نظر الى اخته وشعر ما به فتحرك نحوها وجذبها نحوه وقبل راسها وقال : لا تقلقى سيشفى وسيدخل معبدك قريبا
نظرت له عبيروعيناها مملءتين بالدموع بتعجب لانه يعلم ما بينهم فابتسم لها اخيها وقال : القلب فضاح يا عبير
بينما كانت المرضات والاطباء يتحدثون فى همس غير مصدقين ان الدكتور مراد قد عاد مرة اخرى الى مستشفاه
.....
مر اليوم عصيبا على الجميع حتى انتهى بالاطمئنان عليهما واطمئناوا على نجاح العملية حتى هدات اوصال الجميع
......
عادوا جميعا الى البيت وقد دخل وليد لياخذ حماما دافئا حتى يرخى اعصاب جسده من يوم عصيب وما ان خرجا الا ووجد ان عنود قد استغرقت فى نومها ووجد فى يدها هاتفها وقد كتبت للغول ان مراد قد نجا من العملية وانه فى احسن حال فابتسم عليها ودثرها وما ان قامت فى الصباح ووجدت الهاتف فى يدها الا وتوترت خشية ان يكون قد عرف وليد انها تراسل شخصا غيره ولكنه لم يعيرها اى اهتمام وكانه لم يرى اى شىء حتى اطمان قلبها
....
طرقت ولاء الباب عليهما بحجة تاخرهم على الجامعه
فضاق الحال بعنود الا ان وليد مسح على راسها ليهدا منها وقام وفتح الباب وقال لولاء بكل برود : لست بذاهب اليوم للجامعه بل ساذهب للمركز الطبى فاذهبى انتى ولا تنتظرينا
انزعجت ولاء بصيغة الجمع الاخيرة مما جعلها تسال فى ارتياب : هل ستذهب انت وهى
رد وليد بنفس البرود : وما شانك بها الان يا ولاء ؟ اذهبى انتى وسالتقى بك فى المساء لارى ان كنتى تريدين اى مرجع ساساعدك في اختياره
كان صته خافض فلم تستطع عنود سماع ما يقوله على الرغم من انها حاولت ان تقرا حركات شفاههم ولكنها لم تستوضح كل الكلام مما جعلها تتالم داحليا وما ان عاد وليد ايها الا وسالته : ماذا كانت تريد منك ؟
رد وليد ولازال محتفظا بهدوءه وهو يعلم انه كان يتكلم بصوت خافض : كانت تريد مرجع منى ووعدتها انى ساحضره لها عندما اعود
كبرياءها منعها ان تعترف انها ليست بمصدقة كلامه لان حديثهم كان اطول من ذلك ولذا شعرت بالنفور منه لانها تاكدت انه يكذب عليها وربما كان يتكلم بصوت خافض عن قصد
هو ايضا شعر بما كانت تشعر به ولكنه لم يرد ان يشعرها ان ولاء تتعمد ان تذهب الجامعة معه لتعيد المياه الى مجاريها
لم تخرج ولاء الى الجامعة هى الاخرى بينما غادر وليد البيت وظلت عنود حبيسة غرفتها وبداخلها شعور بان هناك شىء ما لازال موجود بين وليد وولاء
ما ان رات ولاء عنود تخرج من غرفتاه الا واستغلت الموقف وقالت لها : يبدو ان وليد كان مرهقا اليوم فاعتذر لى عن الذهاب معى للجامعة وقال الافضل الا اخرج انا الاخرى دونه فهو لازال يغار على
تاكدت عنوج انه كذب عليها واحترقت داخليا ولكنها اظهرت العكس فردت بكبرياء : طبعا له حق ان يغار عليكى فانتى له مثل عبير يغار عليها كذلك فما دمتى من بنات بيته فانتى تخصيه ولكن ليست تلك الغيرة التى تتوهميها فغيرته على انثاه انا اكثر الناس شعورا بها
غارت عنود فقالت : ان كان واحدة منا موهومة فهو انتى وان اردتى التاكيد فراقبيه فستجدين ان احب الاوقات اليه وهو يجلس تحت تلك الشجرة واشارت بيدها على احدى الاشجار وقالت تلك الشجرة كان يسميها شجرة الخلد لانها كانت تشهد على حبنا حتى ان اقتربتى اكثر لوجدتى اسمينا محفور عليها وان هناك فتحة صغيرة قد اخبا هو فيها  بنفسه مجموعة اوراق فيها كلمات غزل يكتبها لى وامرنى ان اخذ كل يوما منها ورقة ليس اكثر حتى اظل اقرا اشعاره طاوال حياتى
كادت عنود ان تموت قهرا الا انها بدت متماسكة لابعد الحدود وقالت : انه لكى ان اردتى ان تنتزعى من قلبه حبى فهنيئا لكى جسده فما داعى للجسد دون القلب
ولاء هى الاخرى كانت تموت قهرا لانها تعرف ان ما شىء مما قالته اصبح له وجود وانه الان لا يحب الا عنود ولكنها الانفاس الاخيرة التى كانت تتنفسها وقت الاحتضار فكانت تتمنى ان تفوز به حتى مع اخر رمق لها
عندى تلك الكلمات قعت عنود الحديث وصعدت الى غرفتها مرة اخرى لتدفن حزنها وبكاءها فيها
انتظرت حتى ولجت ولاء هى الاخرى لغرفتها ثم عادت ونزلت وذهبت ناحية تلك الشجرة واخذت تتاملها فوجدت بالفعل اسمه هو وللاء محفورين ويبدوا انهما منذ زمن ونظرت فوجدت ايضا الاوراق فى ذات المكان الذى وصفته لها ولاء فمدت يدها بخوف مما قد تجد وسحبت ورقة وبدات تقرا ما فيها

العنود والغول..الجزئين .. للكاتبة رباب عبد الصمدحيث تعيش القصص. اكتشف الآن