الحلقة الثانية والعشرون

10K 841 24
                                    

الحلقة الثانية والعشرون 'بداية'

- ممكن تعدينى يابنتى الطريق ؟
قالتها تلك العجوز التى ادعت عدم قدرتها على البصر فاقتربت منها "رنّة" بابتسامة أثناء ذهابها إلى الكلية فى أول يوم لها وأمسكت كفيها برفق ثم نقلتها إلى الجانب الآخر من الطريق بابتسامة فهتفت تلك السيدة بنبرة مستعطفة :
- معلش يابنتى أنا بيتى آخر الشارع ده ممكن توصلينى ؟ لو متأخرة خلاص
هزت رأسها بحسن نية ثم أسرعت وساعدتها فى الوصول إلى هذا المنزل المتواجد بنهاية شارع ضيق وصغير وما إن أوصلتها حتى خرج شابان من هذا المنزل وأطبق أحدهما على وجهها بمخدر بينما قيدها الآخر حتى تفقد وعيها وما هى إلا ثوانٍ قليلة حتى خارت قواها وفقدت الوعى ...

وصل إلى مقر التدريب فى تمام السادسة صباحًا لم يجد أحدًا فقرر انتظار "رماح" لكنه لم يحضر مما جعله يتعجب كثيرًا وقرر الرحيل وأثناء خروجه هتفت "نيران" من خلفه بصوت مرتفع :
- طيف استنى
التفت ليرمقها بتعجب وأردف بتساؤل :
- نيران !! ايه اللى جابك هنا
اقتربت منه أخيرًا وقالت بمرح :
- ابسط ياعم مفيش تدريب على ايد رماح تانى وأنا اللى هدربك النهاردة ولغاية ما رماح يرجع
فغر شفتيه بصدمة مما قالته وأخذ يرمش بعينيه عدة مرات غير مصدق لما تقوله ثم هتف بتعجب :
- أنتِ ايه ؟ ده مين اللى قالك كدا
ارتسمت ابتسامة خفيفة على ثغرها وهى تردد بثقة بعد أن عقدت ساعديها أمام صدرها :
- اللواء أيمن هو اللى كلمنى امبارح وبلغنى وقالى إن رماح مش فاضى اليومين دول وشكله كدا فى مهمة برا مصر
جلس على مقدمة سيارته ثم عقد ساعديه أمام صدره وردد بدهشة :
- مهمة برا مصر !! اممم ما شاء الله أنتِ اللى هتدربينى ؟
هزت رأسها عدة مرات بالإيجاب وهى تؤكد ما قاله :
- أوف كورس أكيد بس أنا مش هبقى شريرة زى رماح وهقولك تعالى نفطر الأول
ارتفع حاجبيه بابتسامة وكأنه وجد ضالته ثم ردد وهو يقترب من باب سيارته :
- والله أنتِ بنت حلال .. اركبى يلا وهفطرك على أحسن عربية فول فى مصر
اتسعت ابتسامتها وقد تحمست بشكل كبير لما قاله وهتفت وهى تفتح باب سيارته المجاور له :
- موافقة جدًا ، يلا بينا
ولجت إلى داخل السيارة واستقلت المقعد الأمامى المجاور لمقعد طيف بينما انطلق هو بسرعة شديدة إلى وجهته وماهى إلا دقائق حتى وصل إلى وجهته فهتف بابتسامة وحماس :
- هآكلك أحلى طبق فول فى حياتك كلها ومش بعيد تطلبى كمالة
تحمست بشدة لما قاله وخبطت كفيها بحماس شديد وهى ترتفع من على الكرسى كالأطفال وأردفت :
- الله .. يلا بينا
خرج من سيارته ثم اتجه إلى تلك العربة التى تتوسط الشارع الطويل فى إحدى المناطق الشعبية وتبعته هى ، وصل إلى العربة وردد بصوت مرتفع :
- عم حسين وحشتنى والله
ابتسم "حسين" وردد بود :
- وأنتَ والله يا ابنى .. ايه مابقيتش تيجى بقالك فترة يكونش عجبك فول حد تانى
هز رأسه بالنفى وردد بابتسامة هادئة :
- عيب الكلام ده يا عم حسين هو الفول بتاعك في حد بيعمل أحسن منه ؟ طب ده أنا جايبلك زباين معايا أهو من آخر البلد وعايزك كدا تظبطلنا طلبين كدا واتوصى بالله عليك
أشار إلى عينيه وهتف :
- من عينيا الاتنين اقعدو استريحوا عقبال ما أجهز الطلبين
- اشطا يا عم حسين على أقل من مهلك
ثم التفت إليها ليجدها تتابع ما يحدث بصمت وابتسامة خفيفة فهتف بصوت مرتفع وكأنه اعتاد التكلم هنا بهذا الصوت وكأنه بين أهله :
- تعالى اقعدى اقعدى ... خمسة والأكل يجهز
نظرت حولها قبل أن تلوى ثغرها وتقول :
- ايه ده أقعد فين ؟ مفيش كراسى ولا حاجة
جلس على حجر ضخم أمام العربة وهتف بحماس وهو يشير إلى بقايا الحجر بجواره :
- كراسى ايه دى عربية فول .. تعالى تعالى اقعدى جنبى
اتجهت بحذر لتجلس بجواره ونجحت فى ذلك وبعد مرور خمسة دقائق حضر "عم حسين" ووضع الأطباق أمامهما وهتف بتساؤل :
- ها محتاجين حاجة تانى
أمسك بالخبز وقطعه بقوة ودسه فى طبق الفول وأسرع بوضع هذا الخليط فى فمه وصاح بسعادة :
- الله .. تسلم ايدك يا عم حسين ، لا مش عايزين
نظر إليها وهتف بجدية :
- مدى ايدك يلا بدل ما أخلص طبقى وأدخل على طبقك
ابتسمت بصفاء ثم أمسكت بالخبز وقطعت منه ووضعت تلك القطعة بطبق الفول ثم أسرعت وتناولتها وسرعان ما ارتسمت ابتسامة رضا على وجهها ورددت :
- الله تصدق الفول حلو أوى
- مش قلتلك ابقى فكرينى فى مرة آخدك عند عربية كبدة .. عنده كبدة كلاب وقطط هتأكلى صوابع رجلك وراهم

بنت القلب "سلسلة عالم المافيا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن