الفصل الـ 30 و الفصل الـ 31

4.3K 412 30
                                    

الفصل 30 و الفصل 31

الفصل الثلاثون

خرجت من المطبخ وهي تحمل كوب ساخن من الليمون ، دلفت إلى الغرفة وما إن رأت وجه والدتها مُغطى حتى تركت ما بيدها ليقع على الأرض واتسعت حدقتاها غير مصدقة ، هزت رأسها ونظرت إلى أخيها الذي كان ينظر لها بعينين دامعتين وانتظرت منه إجابة ، لم تتحدث لكن نظراتها كانت تعبر عن داخلها مما دفعه لأن يقترب منها ويضمها إلى صدره دون أن يتحدث ، كل هذا ولم تستوعب ما حدث فأبعدته عنها بخفة ونظرت إليه بصدمة وهي تقول :
- أنت مغطي وش ماما كدا ليه !! هتتخنق كدا
وانطلقت إلى السرير ونزعت هذا الغطاء من على وجهها وهي تقول :
- حرام عليك مش علشان تعبت شوية تغطي وشها كدا ! ماما هتقوم وتبقى كويسة
ثم نظرت إلى والدتها وتابعت :
- قومي يا ماما أنا عملتلك حاجة سخنة تشربيها بس وقعت مني غصب عني ، هعملك تاني بس قومي يا حبيبتي
هزتها بخفة لكنها لم تجبها فنظرت إلى أخيها وقالت بعينين تهددان بسقوط الدموع في أي لحظة :
- هي مش بترد عليا ليه ! رد عليا علشان خاطري ، أنتوا بتعملوا فيا مقلب صح ؟ قُل لها تتكلم بقى هعيط والله
اقترب منها مرة أخرى ومسح على رأسها وهو يقول بحزن :
- ماما في مكان أحسن دلوقتي يا حبيبتي ، وصتني عليكِ قبل ما تموت .. آخر لحظة في عمرها كانت بتوصيني عليكِ ، كانت بتحبك أوي
اتسعت حدقتاها أكثر وبدلت نظراتها بين أخيها ووالدتها ورددت تلك الكلمة التي قالها مرة أخرى :
- تموت !! ماما !
ظلت للحظات وكأن عقلها يرفض استيعاب أو تصديق هذا الأمر فهي لم تفكر في حدوث هذا مطلقًا فاقتربت منها «ياسمين» وأمسكت بكتفيها بحب وهي تقول :
- اهدي يا حبيبتي وماتفكريش كتير ، تعالي معايا برا يلا
في تلك اللحظة استوعب عقلها الموقف ونظرت إلى والدتها وألقت نفسها عليها وبكت بصوت مرتفع وهي تقول :
- قومي يا ماما .. لا ماتسيبينيش لوحدي ، ماما أبوس ايدك اصحي وردي عليا
نظرت إلى أخيها ورددت باكية :
- صحيها معايا يا نائل .. هي أكيد هتقوم وده تعب زي كل مرة ، حاول معايا وهتصحى
حاول منع دموعه لكنه لم يستطع واقترب منها ليحضنها بحب حتى تشعر بالأمان وظل لوقت ليس بطويل هكذا إلى أن تحدثت «ياسمين» :
- سيبني أنا معاها وروح حضر كل حاجة
نظر إليها بضعف فتابعت :
- يلا يا نائل قعدتك دي مش هتفيد بحاجة
هز رأسه بالإيجاب ونهض من مكانه فجلست هي مكانه وضمت شقيقته إلى حضنها ...

***

"قبل ساعتين"

طرق «رماح» باب مكتبه بعجالة شديدة فسمح له بالدخول ، دلف إلى الداخل وردد بلهفة :
- حددنا مكان رفع الفيديو يا باشا ومعانا إحداثيات المكان بالظبط
نهض اللواء «أيمن» من مكانه والتف حول المكتب وهو يقول :
- حلو أوي اجهز أنت وفاطمة وأنا هتواصل مع الوزارة وفي خلال دقايق القوة هتبقى جاهزة للتحرك

على الجهة الأخرى فتح «طيف» عينيه على صوت حوله فوجد «غارم» يقف أمامه وكلتا يديه مشتبكتان خلف ظهره وما إن وجده قد استيقظ حتى قال :
- أنا جاهز لأي سؤال والمرة دي هجاوبك بكل دقة مش غموض زي آخر مرة سألتني فيها
نظر حوله بحثًا عن «زين» فلم يجده مما دفعه لأن ينظر إليه ويقول متسائلًا :
- فين زين ؟ راح فين ؟
ابتسم نصف ابتسامة وأجابه :
- ماتقلقش هو في الزنزانة اللي جنب دي وبياخد كل الإجابات اللي عايزها زيك وبمجرد ما ننتهي هيرجع هنا تاني ، يلا اسأل واستغل الفرصة ولا أنت رجعت في كلامك
هز رأسه بالنفي والتقط أنفاسه قبل أن يسأل سؤاله المعتاد :
- أنت مين ؟ أنتوا مين ؟
ابتسم وهز رأسه بحركة خفيفة قبل أن يجيبه :
- أولا السؤال غلط علشان مفيش حاجة اسمها أنتوا مين ولا أنا مين لأننا بشر زينا زيكم بس لينا تفكير ومعتقدات غيركم شوية بس هجاوبك بكل وضوح زي ما وعدتك ، احنا بشر ولينا معتقدات غيركم زي ما قلت ، لينا تفكير خاص بينا .. عبادة خاصة بينا ، احنا كنا قلة في البداية بس انضم لينا كتير وانتشرنا في العالم كله ومنهم مصر في آخر فترة ، هدفنا ؟ هدفنا ننشر عبادتنا ومعتقداتنا عند أكبر عدد في كل الدول ونبقى جماعة كبيرة جدا لا يستهان بها ومش قصدنا أي شر لأي حد بس اللي بيحاول يقف قصادنا بنتصدى له بس على طريقتنا وطريقتنا دي متطورة عنكم شوية .. بنستخدم عقلنا وعلمنا مش سلاحنا وعضلاتنا ، ليه حصل معاك كدا ؟ علشان حاولت تقف قصادي وافتكرت إنك ممكن تهزمني أو تهزمنا ، أنا ناسي ايه ؟ ما تسأل ولا أنت مستمع بس
هز رأسه بالنفي وأجابه بثقة :
- لا مش مستمع بس ، أنت قلت إنكم ليكم عبادتكم ومعتقداتكم .. ايه هي عبادتكم ومعتقداتكم دي ؟
أغلق عينيه ثم فتحها مرة أخرى ليجيبه بثقة :
- كنت واثق إنك هتسأل السؤال ده ، عبادتنا هي عبادة لوسيفر ومعتقداتنا هي إن لوسيفر هو المحرر وهو حامي العهود الأعظم ومحدد الأقدار
شعر «طيف» بالصدمة مما سمعه واتسعت حدقتاه وهو يقول بعدم تصديق :
- لوسيفر !! قصدك إبليس !؟ الشيطان !
عبثت ملامحه بعد تلك الكلمات وردد بعدم رضا :
- ده الاسم اللي أنتوا مسميينه ليه لكن احنا بنسميه لوسيفر لأنه عمره ما كان شيطان ولا إبليس
ضحك «طيف» بصوت مرتفع وهز رأسه بأسف قبل أن يقول :
- عمره ما كان شيطان أو إبليس !! امال اتطرد من الجنة ليه ؟ مارضيش يسجد ليه ! اتكبر واتغر ليه ؟
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾
أنتوا بجد بتعبدوه ؟ ازاي وليه ؟
ازداد غضبه وردد بتحذير :
- مالكش دعوة .. دي عبادتنا ومعتقداتنا ، لو أنا سألتك نفس السؤال هتقولي ايه ؟
قبل أن ينطق «طيف» أوقفه بيده وقال :
- مش عايز أسمع إجابة ، أنت اللي بتسأل وأنا بجاوبك
لم يعجبه هذا الحوار فردد بصوت مرتفع :
- لا مش أسئلة بس .. ده حوار ولازم أقنعك وتقنعني لكن لما تحس نفسك ضعيف في الإجابة ماتتهربش .. الشيطان اللي أنتوا بتعبدوه ده هيجي يوم القيامة ويتخلى عنكم ويقول إنكم اللي اتبعتوه وهو ماأجبركوش على كدا .. أجيبلك دليل من القرأن !!
{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
تخيل كدا شكلك ساعتها هيبقى ازاي ؟ ده مش من عندي ، رد عليا واقنعني
لم يرد عليه وغير مجرى الحديث قائلًا :
- لو اتكلمت في الكلام ده تاني أنا هخرج ومش هجاوب على باقي أسئلتك ، اختار بقى يا إما أخرج أو أقعد وتكمل باقي أسئلتك وتفهم كل حاجة
هز «طيف» رأسه بالإيجاب وسأله سؤالا آخر بعيدًا عن هذا الحوار :
- والشرايح اللي في جسمنا دي هتخليكم تتحكموا فينا على طول ولا ايه !
ابتسم بمكر وضم شفتيه بفخر زائد قبل أن يجيبه :
- دي هتضمن إن شغلنا في مصر مش هيتضر يعني لو حد حاول يمنعنا أو يصدنا هتموت أنت وزين ونيران وفهد بكل بساطة ، وحاجة تانية .. هنتجسس عليكم منها شوفت أنا صريح معاك ازاي ! ولو حاولت تشيل الشريحة هيصدر أمر تلقائي بتوقف دماغك من غير أي تدخل منا ، يعني احنا اللي منتصرين مش أنتوا
شعر بالقلق قليلا لكن خطر سؤالا آخر بباله فأسرع وسأله :
- ايه علاقة الديب ويب بيكوا !! لما فهد حقق في القضية دخل معاكم بالصدفة كدا ؟
شبك يديه مرة أخرى وهو يجيبه :
- الديب ويب يعتبر احنا اللي أسسناه أصلا وأي شغل بيتم فيه بيبقى بشروط وأولها إنه ينضم لينا ويبقى جزء مننا وأي حد مش مننا بيحاول يدخل على الديب ويب بيموت فورا ، يلا اسأل تان....
وقبل أن يكمل كلمته استمع لصوت عبر السماعة التي يضعها بأذنه فابتسم وتقدم خطوة تجاهه وهو يقول :
- للأسف فقرة الأسئلة خلصت لأن سيادة اللواء أبوك حدد مكانك وفي قوة كبيرة جاية على هنا دلوقتي بس تفتكر هيلحقوك !!

بنت القلب "سلسلة عالم المافيا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن