الفصل السادس عشر - الجزء الثاني

3.7K 382 13
                                    

الفصل السادس عشر

كان يتجول على شاطئ البحر وهو يضع كلتا يديه في جيب بنطاله ، كان الهواء الذي يصطدم بوجهه رائعًا ، أحب هذه الأجواء وأثناء سيره وجدها تنظر إلى مياه البحر وشاردة تمامًا فتقدم حتى وصل ووقف بجوارها قبل أن ينظر إليها ويقول متسائلا :
- غريبة واقفة لوحدك ليه !
أجابته وهي مازالت موجهة بصرها إلى المياه :
- المياه حلوة أوي .. لما ببص للمياه بحس براحة نفسية رهيبة .. بنسى كل مشاكلي وهمومي .. بحس إن المياه بتغسل كل همومي وتعبي
ابتسم ونظر هو الآخر إلى المياه قبل أن يقول :
- وأنتِ برضه حاسة بهموم وتعب وأنتِ معايا !
نظر إليها وتابع :
- في حاجة مضايقاكي يا نيران ؟ حاسك شايلة هم كبير أوي .. حاسك زعلانة ومطفية مش نيران اللي على طول مبتسمة للحياة ومفيش أي حاجة تأثر فيها ، احكيلي مالك يمكن أعرف أمسح همومك زي ما البحر بيعمل
وجهت بصرها إليه ونزلت دمعة من عينيها وهي تقول :
- خايفة أوي يا طيف .. خايفة في يوم تبعد عني ، أنا عارفة إنك مش هتسيبني بس خايفة يبعدوك عني بالقوة ، خايفة أصحى في يوم ماألاقيش نفسي في حضنك .. خايفة ماأشوفكش تاني
زادت دموعها وتابعت :
- خايفة حلمنا الجميل يتحول لكابوس .. أنا مش عايزة أبعد عنك يا طيف بالله عليك ماتسيبنيش ، احضني وخبيني جواك ماتسيبهمش يخدوني منك
اعتدل في وقفته وحضنها بقوة وهو يقول :
- مش هسيبك يا نيران .. أنتِ كل حياتي وعمري ما هسيبك ولا هسيبهم ياخدوكي مني ، أنتِ نفسي اللي بتنفسه ومن غيرك ماتبقاش حياة .. مش هسيبهم ياخدوكي .. مش هسيبهم ياخدوكي

كانت «أسماء» تنظر إلى ابنها ببكاء وتألم وهو يكرر تلك الكلمات أثناء نومه :
- مش هسيبهم ياخدوكي يانيران .. مش هسيبهم ياخدوكي
وفجأة فتح عينيه ليجد والدته بجواره والتي أسرعت ومسحت دموعه المتساقطة وهي تقول :
- طيف حبيبي وحبة عيني طمني عليك حاسس بوجع ؟ أناديلك الدكتور
حرك بصره ورمقها بنظرات مجهولة وكأنه يتعرف على الموقف الذي هو فيه الآن وما إن أدرك حتى رفع يديه وأمسك بكفها وقبله بحب وهو يقول بضعف :
- ماما وحشتيني أوي كنت خايف ماأشوفكيش تاني .. أنتِ كويسة ؟
رفعت هي يده وظلت تقبلها بشوق ولهفة شديدين قبل أن تجيبه بحنو :
- أنا كويسة يا نور عيني وحياتي كلها ، المهم طمني أنت كويس !! حاسس بوجع أو بتعب ؟
حاول تحريك رأسه لكنه لم يستطع فاكتفي بالرد فقط :
- أنا بخير اتطمني عليا بس نيران مش بخير .. خدوها قصاد عيني وماقدرتش أعمل حاجة .. معرفتش أدافع عنها واخدها منهم ، أنا فاشل في كل حاجة .. فاشل في إني أكون دكتور وفاشل إني أكون ظابط شرطة ، انا فاشل فاااشل
تساقطت الدموع من عينيه فأسرعت أمه ومسحتها وهي تقول بحنو وحب شديدين :
- لا يا حبيبي أنت مش فاشل وكل اللي حصل ده غصب عنك وبعدين دول ضربوك على راسك جامد وجالك ارتجاج في المخ والدكتور قال إنها معجزة إنك خرجت منها على خير وهتقدر تقف على رجلك وكمان مافقدتش الذاكرة ، كل حاجة حصلت غصب عنك يا طيف ونيران هترجع إن شاء الله
لم يستطع الرد وظل مسلطا لبصره على سقف الغرفة إلى أن طرقت «رنّة» على باب الغرفة ودلفت إلى الداخل ،فوجئت بإفاقة شقيقها فأسرعت اليه وقالت بلهفة :
- طيف أنت كويس ؟! وحشتني أوي
ابتسم بلطف وهو يمسك يدها بحب قائلًا :
- وحشتيني يا لمضة .. شوفتي آخرتها بقيت فين ؟
حاولت منع دموعها لكنها لم تستطع وأردفت :
- إن شاء الله هتقوم وتبقى كويس وأحسن من الأول كمان
حاول بث الطمأنينة في قلبها حتى تكف عن البكاء :
- إن شاء الله .. ماتعيطيش بقى أنا كويس
في تلك اللحظة طرق الطبيب الباب وما إن دلف حتى فوجئ بطيف مستيقظا فابتسم وتقدم ناحيته :
- ما شاء الله احنا فوقنا وبقينا كويسين أهو
ابتسم بتكلف وهو يقول :
- البركة فيك يا دكتور .. ممكن أعرف أنا هقدر أقوم وأتحرك امتى ؟
اختفت ابتسامة الطبيب ورمقه بتحذير قائلًا :
- اوعى ترهق نفسك وتتحرك وماتفكرش تقوم دلوقتي خالص لأن الضربة كانت شديدة وعملت ارتجاج في المخ .. أنت اتكتبلك عمر جديد ، ياريت بقى ماتحاولش ترهق نفسك بأي شكل من الأشكال لغاية ما تبقى كويس وتقدر تتحرك تاني زي الأول إن شاء الله
أغلق عينيه بتعب وفتحها مرة أخرى قبل أن يقول متسائلًا :
- طيب بابا فين !
هنا تحدثت والدته واجابته :
- هو في المديرية دلوقتي وهيخلص شغل ويجي على هنا .. متقلقش
أعد الطبيب الحقنة وأعطاها إليه ثم عاد بظهره قبل أن يقول :
- لو احتاجتوا أى حاجة بلغوني وأنا تحت أمركم .. بعد اذنكم

بنت القلب "سلسلة عالم المافيا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن