الفصل الثامن والعشرون - الجزء الثاني

3.5K 428 38
                                    

الفصل الثامن والعشرون

"قبل ساعات تحديدًا السادسة مساءً"

أنهى حديثه قائلًا بإرهاق شديد :
- طيب يا إسراء شكرا إن شاء الله لو تم اختيارك هنبلغك على الايميل الخاص بيكِ
رحلت وبقى هو مكانه ، أغلق عينيه بتعب شديد ثم نهض من مكانه واتجه للخارج ليرى من متبقي فلم يجد أحدا حتى العاملين بالشركة .. رحل الجميع وبقى هو وحده ، التقت أنفاسه وهو يقول بإرهاق :
- يااه أخيرا .. ياربي ايه التعب ده ، اه يا ضهري
اتجه إلى الحمام المرفق بالشركة وقام بوضع رأسه أسفل الصنبور بعد أن فتح المياه لتنزل بغزارة، ظل على هذا الوضع لأكثر من دقيقة ثم رفع رأسه ونظر إلى نفسه في المرآة وظل على هذا الحال لأكثر من دقيقتين قبل أن يسحب هاتفه من جيب بنطاله وينظر إلى الساعة ، تفاجأ أنها السادسة فقرر الرحيل وبالفعل اتجه إلى مكتبه مرة أخرى ليحضر مفاتيحه ثم هم بالانصراف ، خرج من الشركة وسار بضع خطوات قبل أن يسمع هذا الصوت من خلفه :
- نائل !
التفت بتلقائية ليرى من يناديه فتفاجأ به أمامه ، قطب جبينه بتعجب ولم يتفوه بكلمة واحدة إلى أن اقترب والده وحضنه بحب وهو يقول :
- ياااه وحشتني أوي يا نائل
ثم ابتعد عنه وهو مازال ممسكًا بكتفيه وقال :
- ما شاء الله كبرت وبقيت راجل واد المسئولية ، كنت دايما اد المسئولية بس دلوقتي بقيت راجل يُعتمد عليك
لم يتفوه بحرف واحد وكأن لسانه قد لُجم ، لا يعلم هل يسعد بذلك أم يحزن ويبتعد ! رغم شعوره بالراحة وهو بالقرب منه إلا أن داخله يرفض ذلك ، أدرك عقله أخيرا ما يحدث فابتعد عنه وعاد للخلف خطوتين مما جعله يقول بحنو :
- أنا عارف إنك متضايق مني وده حقك ، أنا آسف على اللي عملته معاك ، أنا غلطت انا عارف بس اديني فرصة أصحح غلطي
أخيرا وجد الكلام طريقه للخروج ونظر إليه برفض قائلًا :
- غلطت ! الغلط ده لو عملت حاجة عادية زي إنك مثلا تشتم حد أو مثلا تاخد طريق غلط في الحياة ساعتها تقول غلطت لكن إنك ترفض ابنك وترميه يتعذب ويتهان ده مش غلط .. دي صفات شيطان مش بشر ، بني آدم طماع عايش حياته علشان ينسط ويمتع نفسه ووقت ما يلاقي نفسه هيتحط في مشكلة أو حاجة هتجيبله وجع دماغ يتخلص منها فورا ، غلط ايه اللي بتتكلم عنه وأنت ومراتك رمتنا في الشارع واحنا مالناش حد في عز المطرة والجو تلج !! احنا كنا هنموت اليوم ده من البرد ! متخيل شكلنا واحنا قاعدين في الشارع ضامين بعض علشان ندفي بعض والمطرة نازلة فوق دماغنا وسط الجو ده ! طيب بلاش دي .. أنا كنت بتشتم بأهلي وبتضرب في الشغل رغم إني كنت بشتغل عدل بس اللي مشغلني راجل مهزق كان بيشتمني وأنا رايح ووأنا جاي ولما اعترضت مرة ضربني بالقلم .. عمري ما هنسى القلم ده .. حسيت إني وحيد في الحياة وماليش حد ، الطفل لما حد بيزعله كان يطلع يجري على أبوه ويقوله حصل واحد اتنين تلاته فأبوه يطبطب عليه وياخدله حقه إنما أنا أجري وأروح لمين ! رد عليا أروح لمين ؟ أنا بجد شفت كل أنواع الذل .. كنت فين كل ده ؟
حاول أن يقترب منه مرة أخرى إلا أنه رجع خطوة أخرى للخلف فقال :
- أنت عندك حق أنا السبب في كل حاجة وحشة حصلتلك بس أنا دلوقتي جايلك وبقولك أنا آسف على كل إهانة اتعرضتلها في غيابي .. آسف على تعبك وزعلك اللي حصلوا بسببي .. أنا مستعد اعوضك عن كل ده .. مستعد أجيبلك الدنيا كلها علشان ترضى ، علشان خاطري اديني الفرصة دي
ابتسم بسخرية قبل أن يقول بألم :
- مابقاش ينفع ، صدقني مابقاش ينفع خالص .. أنت اتآخرت أوي ، بعد اذنك

بنت القلب "سلسلة عالم المافيا"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن