.
.كل شيء كان ساكنًا وقتها ما عدا تلك النيران وصوت طقطقتها بينما عينان زرقاوتان تنظر لأخرى حمراء اِنعكست عليها ألسنة اللهب المشتعلة حول صاحبها؛ الذي أقسم أنها لو اقتربت منه أكثر لأحرقته، عينا الأول كان الرعب دابًا بها بشدة وهما تهتزان، ليهمس في اِرتعاش :«هل.. أنت واثق؟ هل ستقدم على هذا؟»
أومأ له ذو الحمراوتين ليجيب بعد ابتسامة مرحة رغم الوضع الذي هوَ فيه :«نعم، أشدّ الثّقة! هذا لأجل الجميع»
إرتجفت أوصال ذو الزرقاوتين ليصرخ بكلمة "لا" بعد اِرتفاع النّيران حول المتحدث الذي ابتسم بدفءٍ قائلًا والدموع تخرج من عينيه :«إن لم أنجوا.. إن مُت، لا تنساني!»
بعد ذلك اختفى كل شيء، النار ومن كان بداخلها، ليرتفع صوت صراخ حزين في المكان.
**"
" البداية "
في عام 2050 /1/1.
"الساعة الحادية عشر ليلًا"
برد الشتاء لفّ أرجاء المدينة الكبيرة ذات المنازل المُتباعدة على صفٍ واحد، بينما الليل قد حلّ وأعلن عن ظهور النجوم التي تزاحمت بجوار بعضها تلتمع حبّاتها بين التّارة والأخرى.
هواءٌ بارد محمَّل بنسماتٍ خفيفة حرّك أغصان الشجرة المزاوية للمنزل البسيط؛ مصدرةً حفيفًا خفيفًا يبعث للروح مشاعر متنوّعة بين الحُزن والأمل.
..:«متى سيعود أبي؟»
خرجت من فمِ الفتى المُستلقي على سريره يرفع البطّانية فوق جسده ويُخفي نصف وجهه تحتها، وعينيه الحمراوتين الواسعتين لمعتا عند تلاشي الغيوم عن قرص القمر المُضيء، بينما خصلاته البيضاء القصيرة مفرودة على الوسادة تحت رأسه.
هوَ حقًا سيَقلق بسبب تأخر والده، يعلم بأنّه يغيب أحيانًا عنه لساعاتٍ طويلة بسبب عمله، إلا أنه حين تذكّر أمر أحدهم تكلّم بهمس ونبرة قلِقة لاحت في صوته :«أين مروان؟ ألم يخبرني أنه ذاهبٌ لتنظيف أسنانه وسيَعود للنوم؟»
أبعد البطّانية من فوق جسده ونزل عن السرير بقدميه الحافيتين؛ لتلامس السجّاد الأبيض النّاعم، كان نحيل الجسد وصغير البُنية رغم عمره، وبشرته شاحبه بشكل ملحوظ، بينما الإرهاق بادٍ على تقاسيم وجهه.
سار وصولًا إلى الباب ليُفتَح له تلقائيًا بعدما سُحِبَ للجانب دون حاجته للمسِ شيء، ففي عام ألفين وخمسين، كان كلّ ما حولهم مطوّر ولا يحتاجون لإتعاب أنفسهم كثيرًا.
أنت تقرأ
من المنتصر؟ | مُكتملة.
Ficção Científicaتشقق الحاجز الشّفاف في اللحظة التي دوى بها إنفجارٌ بجواره، ثم رفع رأسه ونظر للذي أمامه بعينيه الزرقاوتين اللتان أظلمتا ولم يعد بهما أي ضوء :«أنا.. لم أعد أرغب بشيء» بصوت ميت خالي من الحياة نطق كلمته، ثم اِستدار وسار في طريقه والإنفجارات تدوي من حول...