|٤٢| دموع سوداء

194 32 348
                                    

.
.
.
بعد أن سمعوا صوت ذلك الإنفجار اِتخذوا حذرهم وحيطتهم، فهُم لا يعلمون في أي مكان قد يحدث واحد.. ربما تحتهم أو بجوارهم.

وبينما عادوا للسير كان مروان يمسك الدفتر الأحمر بين يديه ويقرأ تلك الصفحة الأخيرة منه، كانت رسالة.. نعم رسالة من وائل لشخصٍ ما، ولكنه لم يستطع إكمالها في اللحظة التي أغلقه بها وأعاده للحقيبة لألا يفقده بطريقة أو بأخرى.

رامي اقترب من أسامة والخوف يملأ ملامح وجهه وحين تشبث به نظر له الأكبر قائلًا :«ألا تتذكّر كلام أبي؟ عليك أن تكون قويًا بهذه المُهمّة!»

إرتعشت أوصاله فور ذلك فأبعده أسامة عنه قبل أن يشعروا بالأرض تتحرك تحتهم.. ماذا الآن؟ أسيقوم بشيء خطير؟ نعم.. نحن لا يمكننا التنبؤ بأفعاله.. لذا فالنمشي مع التيار الذي يصنعه هوَ.. ربما يفقدوا حياتهم، وربما ينجوا برحمة من الرب.

كانوا قد اِنتقلوا لمكان آخر تمامًا، حيث غرفة واسعة ومظلمة بعض الشيء فسمع كلاهما شهقة رامي المتألّمة وهوَ يحيط عنقه بكلتا يديه وينخفض نحوَ الأرض ببطء، ثم أخذ يسعُل بقوة.

إقترب منه مروان سريعًا وجثى أمامه ويديه اللتان حُطتا على كتفيه راحتا ترتعشان بقوّة وهوَ ينظر له بأعيُن متوسعة قلقًا، فلاحظ الوميض الأزرق الذي يضيء من بين أصابع يده المحيطة لعنقه ثم أبعدها قليلًا ليتفاجئ حين وجد الضوء الأزرق حول عنق رامي كالعقد.. وليس هكذا فقط، بل كان يضيء أيضًا.

نظر خلفه فلم يجد أسامة، هوَ متأكد مئة بالمئة أن وائل أبعده عنهم لذا عض شفته بغيظ وأعاد بصره نحوَ رامي الذي اِزداد سُعاله أكثر حدة عن السابق وكان وكأنه سيختنق في أي لحظة.

أبعد رامي يدًا عن عنقه ثم مدها نحوَ مروان ليتشبث به بقوة قبل أن يرفع رأسه نحوَه وينظر له بإرهاق ودموع الخوف في عينيه، مروان كاد يوشك على الإنهيار وهوَ يراه بهذه الحال، تخيّل أن يكون مصيره مثل مصير الثلاثة ضحايا، لم يتوقف تفكيره هُنا حين سمع همسه الذي ظهر بالكاد...

..:«مروان.. أشعر كما لو أن أحدهم يضغط على عنقي بقوة، سأختنق!»

كلامه لم يظهر بالشكل الجيد بل أنه مع كل حرف يخرج يشعر باختناق أكبر، فباغتت مروان دموع العجز، أجل العجز.. العجز عن مساعدة أعز إنسان عرفه منذ أن رأى النور أول مرّة، لم يكن يعلم ما الذي يفعله كي يساعده.. هوَ.. هوَ لا يعرف شيء من الذي يحصل معه، كادت أنفاس رامي تنقطع.. فدفع مروان عنه للخلف قائلًا :«لا تقترب مني!»

***

على الجانب الآخر، أسامة قد وجد نفسه عند مؤيد وجواد اللذان لا زالا يبحثان عن جهاد، جواد حتى الآن يشعر بالخوف الشديد نفس ما يشعر توأمه.. كان مرعوبًا، يمكنه الإحساس بهذا بوضوح.

من المنتصر؟ | مُكتملة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن