.
.
إسودت الدنيا من حوله حتى فقد بريقَ عينيه، يضع كف يده على إحدى مقلتيه وينظر بالأخرى هنا وهناك والرعبُ باثًّا فيها بينما يبحث عن أحدٍ بين الظلام الذي يحتضنه.يده المنسدلة لجانبه كانت ترتعش وشفتيه أيضًا حتى بدأ يشعر أنه قد فقد القدرة على الكلام، حاول الصراخ ولكنه لم يفلح، هوَ فقط يناضل للبحث عن أحدهم، وذلك الأحد هوَ نوره الوحيد في هذه الحياة.
أخذ يركض حتى شعر بجسده يهوي في حفرة، أدرك حينها أنها نهايته وأنه فشل بالعثور على نوره فصرخ بصوتٍ عالٍ بذلك الإسم.
***
..:«جهاد..!!»
إنتفض المعني حين سمع توأمه قد صرخ بإسمه تزامنًا مع اندفاعه بالجلوس، كان يتنفس بسرعة شديدة وعينين متوسعتين بخوف وهوَ يرتعش.
جلس جهاد بجواره واضعًا يده خلف عنقه والأخرى على جبينه الساخن لينطق بقلق :«أنا هنا أخي، مابك؟ لمَ أنتَ خائف؟»
ذبلت عينا جواد وارتخى جسده الضعيف لينهار بين يدين توأمه الذي أحاطه، تقابلت حدقتيهما معًا فابتسم جواد متحدثًا بفتور :«أنت... بخير..»
حرك جهاد رأسه إيجابيًا ثم أعاد التحديق به مجيبًا :«أنا بجانبك! هيا استرخي فأنت متعب!»
ضمه له قليلًا فتشبث الآخر به بنظرة ذابلة :«لقد.. كان ذلك مخيفًا!»
..:«ماهوَ؟»
كان جواد يرتعش بين الحين والآخر بسبب الحرارة والخوف ولكن وجوده بين يدين توأمه جعله يسكن قليلًا :«لقد شعرت بالخوف، كنتُ وسط الظلام ولا أرى سوى بعين واحدة، أنتَ لم تكن معي، لقد كنت أبحث عنك، أحسست أنك في خطر ولكن وبينما أنا أركض سقطت في حفرة عميقة، هذا آخر ما أذكره!»
إبتسم جهاد بخفة وربّت على رأسه مجيبًا :«لقد كنت تهذي بسبب الحمّى، لا داعي للخوف، هيا يمكنكَ النوم الآن أنا سأبقى هنا»
***
في أحدي المباني البيضاء الضخمة والتي اتخذت شكلًا غريبًا وجميلًا دوى صوت ضحك عالي لطفل بشعر أحمر يركض هربًا من شقيقه الذي يلحق به وعلى وجهه علامات الغضب والإنزعاج :«جواد أعده إلى هنا!»
لم يستمع المعني لكلامه ولكن تباطئت سرعته حين وجد الجدار أمامه ليندفع للزاوية حاشرًا نفسه فيها بينما يحتضن كتابًا بيديه، وقف أمامه أخيه محدقًا به ببرود ليهتف وهوَ يمد يده نحوه :«هاتِه!»
حرك الآخر رأسه سلبًا وابتسامة مرحة على وجهه :«لن أفعل!»
جثى الثاني أمامه وحاول سحب الكتاب من يديه برفق حتى لا يتمزّق بينما الآخر يفعل ذات الشيء :«جواد أتركه!»
أنت تقرأ
من المنتصر؟ | مُكتملة.
Fiksi Ilmiahتشقق الحاجز الشّفاف في اللحظة التي دوى بها إنفجارٌ بجواره، ثم رفع رأسه ونظر للذي أمامه بعينيه الزرقاوتين اللتان أظلمتا ولم يعد بهما أي ضوء :«أنا.. لم أعد أرغب بشيء» بصوت ميت خالي من الحياة نطق كلمته، ثم اِستدار وسار في طريقه والإنفجارات تدوي من حول...