|٢٧| لمَ كذبت عليّ؟

188 35 226
                                    

.
.
لا أعلم إلى متى سوف أبقى في هذا التناقض..
تارةً كأن السماء صدري..
وتارةً كأن براكين الأرض دَمي..

"جواد"
.
.

عينيه الذهبية المصدومة بقيت متمركزة على الآلة الضخمة قبالته والتي تحركت خطوة واحدة ثقيلة باتجاهه مما جعله لا إراديًا يعود للخلف بمركبته خطوة أيضًا.

إبتلع ريقه بخوف وارتعشت عينيه، هوَ يعلم تمامًا أن وائل لن يتعاطف معه على الإطلاق وسيقتله بلفحة واحدة من يد آليته التي أمامه.

لم يكن يعلم، أيتحرّك للخلف ويهرب أم يبقى ثابتًا في مكانه أفضل؟ لم يجد الخيار الذي يحرره من هذا الرعب قبالة ناظريه حتى ظهر زين على شاشته :«جواد.. سنتعامل مع الأمر! لا تتحرّك!»

لم يكن بمقدور جواد الرد عليه فلسانه كان قد شلَّ عن الحركة حتى جسده، و بإمكانه الشعور بقلبه سيتوقف في أي لحظة.

ذلك الخوف جعله يشعر بتخدر أطرافه.. وعقله لم يعد يعمل بشكل جيد، ولم يعلم كيف يتصرّف وما هيَ الخطوة القادمة؟ حدسه يخبره بشيء غير منطقي سيحدث هُنا الآن..!

هوَ بحاجة لشيء يطمئنه حتى يختفي هذا الخوف منه.. توأمه.. تذكّره في أشدِّ اللحظات رعبًا، يا تُرى لو كان هُنا.. ما الذي سيفعله إن رأى هذا الشيء الضخم جدًا يحاصر توأمه؟.

بالتأكيد سيسرع لحمايته ومساعدته، ولكنه الآن ليس هُنا لذا عليه إبعاد هذه الأفكار عن رأسه والتفكير بالوضع الحالي.

سار هاني إليه ثم قال وهوَ ينظر للآلة الضخمة بملل :«جواد إبتعد من هُنا حتى لا تتأذّى»

ولكن خوف جواد جعله يركّز على هذه الكلمة بعد عدة لحظات فابتعد ببطء للخلف قبل أن يقف زين بجواره يسأله :«أنت بخير؟ لا تخف!»

أومأ له جواد وقلبه ينبض باضطراب، راقب الجميع هاني الذي وقف أمام ذلك الشيء الضخم ثم قال بنبرة ظهر بها الملل واللامبالاة :«أستحاربنا بهذه؟ هه.. ألا تعلم من هوَ خصمك؟ إنه أنا! هاني~»

وضع يده على صدره بفخر في نهاية كلامه يحاول استفزاز وائل قدر الإمكان، والأخير كان قد كشّر بتقزز منه ليظهر صوته من تلك الآلة الكبيرة قائلًا :«وكأنك بهذا أصبحت أكثر هيبة مني، لست سوى مهرّج يفتخر بغباءه اللامحدود! أنت جئت إلى الموت بقدميك، لذا عليك تحمّل نتائج تهوّرك الأحمق أنت وذاك الـ...»

لم يكمل كلامه بل ضغط على أسنانه بقوة وقهر حين تذكّر ذلك الماضي و شعر بقلبه يتمزّق من الداخل، كما لو أن مخالب كثيرة تنهشه بشكل مؤلم وعميق، لم يفهم أحد هذا الحزن الدفين فيه وتلك العاطفة التي يضمرها في داخله، لم يفهم أحد مغزى ما يفعله وما خلفه.. ولكن الإنتقام كان قد أعمى بصيرته وجعله لا يرى أمامه سوى هدفه.. لم يكن يعلم أن أخطاء الماضي لا يمكن محوها بالإنتقام.. بل بالتّناسي، لقد فقد المقدرة على الصبر أكثر وشعور الحقد أمتدَّ به كثيرًا.

من المنتصر؟ | مُكتملة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن