|٣٨| لمَ أبكي؟

210 36 272
                                    

.
.
.
لم يجدوا طريقًا للخروج مما هُم فيه، لذا بقوا يسيرون في الممرات دون وجهة وكمال يحمل بين يديه مروان المغمى عليه أو ربما كان كذلك، لأنه وبين الفترة والأخرى يستطيع سماع صوت أنين خافت منه.

جميعهم غير قادرين على استيعاب ما قد يحدث في الفترة القادمة، ومتوترين لحد كبير وكل واحد منهم يحاول حماية الآخر تحسّبًا لأي خطر قد يقوم به وائل.

رامي تشبث بمعطف أسامة بأيدي مرتجفة وعينيه الحمراوتين الواسعتين تدور هُنا وهُناك وهوَ يحس بأمر ما يحاول تجاهله، بينما أسامة يسند طرف جبينه على كف يده وينظر للأرض بوهن شديد «لمَ أنا ساخن؟»

نطقها بينه وبين نفسه فالتفت له مؤيد الممسك بحاسوبه يتتبع المكان، عقد حاجبيه بشيء من القلق ثم همس بجواره حتى لا يلفت نظر الآخرين :«ما بك؟ أنت لست على ما يرام!»

أزال أسامة يده عن جبينه ونظر له يبتسم بضعف، هوَ حقًا لم يرد إقلاق أحد أو أن يلاحظه أحد ولكن الألم الذي يحس به لا يقدر على إخفاءه لذا تكلم بشيء من الهدوء :«أنا.. أنا حقًا بخير، أظن أنه مجرّد صداع عابر سيذهب فجأة»

لم يقتنع مؤيد بكلامه بل أنه ترصده بنظرات شاكة قبل أن يعيد بصره إلى الحاسوب يمثل كونه منشغل به، منذ أن دخل أسامة لذلك الممر المظلم أصبح يتصرف بغرابة شديدة استطاع ملاحظتها ولكنه تكتّم على الأمر، إلا أن هناك أمرٌ ما.. نعم.

أُطفئت الأضواء فجأة فتوقفوا عن السير ليتراجع جواد للخلف خطوتين ثم يهمس ببعض القلق :«هل.. هل سيقوم بعمل شيء ما الآن؟ لا ليس مجددًا!»

هُم لو لم تكن فكرة الموت تطرأ على عقلهم بعد أن مات زين وريان أمام أعينهم لما خافوا، هُم خائفون من فقدان أحد ليس إلا..

رامي احتضن أخيه أسامة سريعًا.. تخيل أن أذى قد يصيبه كما حدث لمروان، ويبعده عنه.. لذا احتواؤه بين ذراعيه جعل الأكبر يستغرب من هذا، أغمض عينيه بقوة ودفن وجهه بصدره وهمسٌ خافت وخائف هوَ ما ظهر منه مكتومًا :«لا تتحرّك من جانبي، أرجوك!»

إبتسم أسامة بخفة على ذلك وربت على رأسه مما جعله يزيد من تشبثه به :«لن أتحرّك!»

جهاد راح يتلمّس اللاشيء يحاول إيجاد جواد، لم ينادي بإسمه لأنه سيشعر بالإحراج لذا فقط أخذ يحاول الشعور به فأحس بأحدهم حين أمسك له كف يده بإحكام فجأة، هوَ يعرف هذه اليد لمن بالضبط لذا ضغط عليها بدوره وقرّب صاحبها منه :«إبقى بقربي..»

وضغطُ جواد على كف يده هوَ ما طمئنه بإجابته وأعاد الأمان المتناثر إلى قلبه.

من المنتصر؟ | مُكتملة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن