|٤١| أنا آسف.. مروان..

211 34 325
                                    

.
.

الجميع وقفوا مصدومين وهم يحدقون بالظل الذي وقف بعيدًا عنهم عدة أمتار، رامي كانت قد شلّته الصدمة عن الحركة تمامًا حتى أنه لم يعد بمقدوره الوقوف بشكل ثابت بل راح يترنح وعينيه متوسعتين تذرفا الدموع التي امتزجت بالمطر.

كله مبتلًا وذلك لم يمنعه من أن يخطوا من مكانه بخطوات متعثّرة وهوَ يمد إحدى يديه للأمام محاولًا اِلتقاط الظل، حتى أنه أراد ألا يرمش، إرتاب من فكرة فتح عينيه بعد رمشه ولا يجده أمامه مجددًا.

..:«هذا حلم

نبس بها بابتسامة غير مصدقة شاردًا ثم أكمل بعد أن وقف :«لقد رأيته ميتًا أمام عيناي في ذلك اليوم، مستحيل أن يكون هوَ، ربما أنا أتوهم فقط»

بعد آخر كلمة جفل مجددًا حين رآه يفتح ذراعيه يطلب منه المجيءَ إليه، هوَ بالرغم من عدم تصديقه لما يجري خطى عدة خطوات إليه ثم راح يسرع بها، تخيل أن يكون هذا وهم نسجه له عقله...

نعم هوَ وهم..

خاف من فكرة أن يصل إليه ثم يخترقه ولا يجده، فصرخ بكلمة واحدة "أبي!" ثم قفز معانقًا إياه بحرارة لافًا ذراعيه حول عنقه تحت صوت بكاءه وصراخه الحزين الذي انكتم بين أحضان الأكبر حين بادله بهدوء يضغط عليه برفق نحوَ صدره.

ظل يصرخ ويبكي في أحضانه غير مصدق أين هوَ الآن؟ وكيف حصل هذا؟ ومتى؟.

طبطب الأكبر على ظهره في محاولة منه لتهدأته مما جعل رامي يزيد من تشبثه به أكثر، بقيا هكذا عدة دقائق حتى هدأ ولكن صوت شهقاته الخافتة لم تختفي.

أنزل ماهر وجهه ليراه عن قرب حيث وجده مغمضًا عينيه وهوَ يحاول إيقاف دموعه عن النزول، يجلس في حضنه، يرتعش بشدة.. بسبب البرد والصدمة، فرفع الأكبر إحدى يديه ومسح بها على وجهه الصغير يمررها حتى تحت جفونه ليزيل ما تبقى من دموع ولكنها أخذت تتكاثف كل ما فعل ذلك.

يداه كانتا دافئتين بشكل كبير جعلت الرعشة تجري في أوصاله، لكم اشتاق لرؤيته.. لقد ظن أنه قد مات وتركه وحيدًا.. ولكن ذلك كان خاطئًا، أجل.. هاهوَ أمامه الآن يجلس في حضنه ويتشبث به خشية اِبتعاده عنه بعد أن اِستعاده مجددًا.

رفع ماهر يديه وأخذ يعيد خصل صغيره المُثقلة بالمياه إلى الخلف، والثاني فقط مغمضًا عينيه وحُمرة طفيفة ارتسمت على خدّيه جعلته يبدو لطيفًا جدًا.

شعر بيد والده خلف رأسه والأخرى تحت ذقنه ليرفع وجهه ناحيته ثم بقبلة دافئة على جبينه جعلت قلبه ينقبض بقوة على إثرها، لم يستطع كبح أنين بكاءه المكتوم.. وحين ابتعد ماهر عنه نظر له بحنان ثم أكمل يعيد خصله الثلجية المثقلة بالمياه للخلف :«لمَ أنت مبتل هكذا؟ ستمرض!»

من المنتصر؟ | مُكتملة. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن