(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الواحد والثلاثون _تابعتهم بنظراتها من بعيد وهي تبتسم بدفء .. تتطلع إليه كيف يضمها إلى أحضانه والصغيرة ساكنة بين ذراعيه بآمان .. فتقدمت منهم بخطوات هادئة وابتسامتها تزين ثغرها لكن تصلبت قدميها بالأرض فور سماعها لجملة ابنتها الأخيرة وهي تخبر والدها عن الليلة التي قضاها حاتم معهم بالمنزل .
هيمنت الصدمة على ملامحه لبرهة يرمق ابنته بجمود .. حتى بدأت تتشنج عضلات وجهه تدريجيًا وتتقوس قسماته بشكل مريب ليجيب على صغيرته بترقب وصوت محتقن :
_ في البيت معاكم !
لمحت هنا أمها التي تقف كالصنم تحدق بأبيها في معالم وجه كانت غريبة بالنسبة لها ولم تتمكن من تفسيرها .. لكن حدثها الطفولي أخبرها بأن الأمور لن تسير بشكل جيد .انتبه هو لنظراتها المعلقة على الجانب فالتفت لنفس الجهة فيرى جلنار ثابتة بالأرض ونظراتها تحمل بعض الاضطراب خصوصًا بعدما وقعت عيناه الملتهبة عليها .
وبالثوان التالية كان يهب واقفًا وينزل ابنته من فوق قدميه ليجلسها فوق الأريكة بمكانه ويهمس بطبيعية متصنعة :
_ خليكي هنا ياحبيبتي وكملى كرتونك
أماءت الصغيرة برأسها متطلعة لأبيها باستغراب من تحوله المفاجيء والغريب .. ثم رأته يسير تجاه الدرج ويهتف محدثًا أمها بصوتًا مخيفًا دون أن يلتفت لها بوجهه :
_ تعالي ورايا
ثم رأت أمها تنظر لها بابتسامة دافئة كأنها ترسل لها إشارة بأن كل شيء على ما يرام وأن تكمل مشاهدة فيلمها الكرتوني .. بادلت أمها الابتسامة وعادت تعتدل بجسدها لتصبح مواجهة للتلفاز تشاهد في عدم استمتاع ! .وصلت أمام باب غرفتهم الذي تركه مفتوحًا بعد دخوله .. ألقت عليه نظرة من الخارج لتراه يقف ويرفع أنامله لذقنه يحكها ويمسح على نصف وجهه بعنف مغلقًا على قبضة يده في شراسة .. لا تنكر أن حالته اربكتها وجعلتها تخشى ثورانه الذي ستشهده بعد قليل ، تقدمت إلى داخل الغرفة في خطوات مترددة ثم أغلقت الباب بهدوء حتى لا تلتقط أذن صغيرتهم الأصوات المخيفة التي ستملأ الغرفة الآن .
سمعت البداية تخرج هادئة كالمتوقع وهو يسأل بخفوت مخيف :
_ إيه اللي قالته البنت تحت ده !!!!
تنفست الصعداء تتحكم في اضطرابها الغير إرادي منه وغمغمت :
_ دي بنت صغيرة ياعدنان ومش فاهمة حاجة
صرخة جهورية انطلقت منه تبعتها وثوبه من مكانه بخطوة واحدة ليصبح أمامها :
_ حـاتـم كان بيعمل إيه في البيت طول الليل معاكيرغم أن صرخته بعثت هزة بسيطة في جسدها إلا أن جملته كان لها الأثر الأكبر حيث ابتسمت وقالت باستنكار :
_ بيعمل إيه !!!
نزعت ابتسامتها من فوق شفتيها ورسمت الحدة لتتابع حديثها بنظرة خزي :
_ زي ما بنتك قالت .. كانت تعبانة جدًا اليوم ده وجبنالها الدكتور في البيت وهو صمم يقعد معانا عشان لو هنا تعبت تاني يتصل بالدكتور وميسبناش وحدنا ، وفضل قاعد جنبها في الأوضة طول الليل ومحدش فينا نام الليلة دي أساسًا .. ارتحت كدا ولا مش مصدق كمان
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...