(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل السابع والعشرون _لحظات من الصمت القاتل مرت .. بعد أن دخل ورأى حاتم .. لم تتمكن من سماع صوت بالغرفة سوى صوت زمجرته وهو يحدق في حاتم شزرًا كأسد يستعد لينقض على فريسته ويلتهمها .. اضطربت من وجوده ونظراته المخيفة التي لا تبشر بخير أبدًا .. فالتفتت برأسها تجاه حاتم لتجده يتطلع إلى عدنان بثبات انفعالي رهيب وعلى ثغره ابتسامة ساخرة بها بعض التحدي .
خرج صوت عدنان متحشرجًا وهو يقترب باتجاه حاتم :
_ إنت بتعمل إيه هنا !
نقلت جلنار نظرها بينهم في خوف ، واحد لا يبالي ويبتسم عمدًا حتى يثير خصمه .. بينما الآخر احتقنت ملامح وجهه بالدماء وبدأ يضغط على قبضة يده يجهزها للكمة مبرحة سيوجهها للثاني .
رفع عدنان قبضة يده المغلقة حتى يلكم حاتم في وجهه هاتفًا بنبرة خرجت تحمل كل أشكال الغضب والشر :
_ سبق وحذرتك متقربش من مراتي .. بس شكلك مش بتفهم بالذوق
تفادى حاتم لكمته ورفع هو يده بدوره ليوجه اللكمة لعدنان بقوة .. مال عدنان بوجهه للجانب وهو يبصق نقطة الدم التي سالت من جانب شفتيه .. التهبت عينيه وأصبح لونهم أحمرًا حتى أن معالم وجهه تقوصت بشكل مرعب ويبدو أن الوحش استيقظ بالفعل .. حيث انتصب في وقفته وهذه المرة وجه لكمة لحاتم كادت أن تطيح به أرضًا من عنفها وسالت دماء أنفه على أثرها وكان على وشك أن يكمل ويعود ليوجه له المزيد لولا أن جلنار هرولت ووقفت بينهم تمسك بيد عدنان صائحة بهلع ورجاء :
_ عـــدنـــان ارجوك بلاش مشاكل
القى نظرة نارية على حاتم الذي كان يرمقه بنفس النظرة وهو يتحسس دماء أنفه .. فأخفض نظره لجلنار يتطلع لها بغضب ثم عاد ينظر لحاتم وهو يهدر بتحذير :
_ ده آخر تحذير ليك .. بعد كدا أنا مش مسئول عن اللي هعملهجلنار بانفعال بسيط :
_ عدنان كفاية بقولك
قبض على ذراعها بحزم وسحبها معه للخارج ، سارت خلفه حتى غادروا الغرفة ونزعت قبضته عنها بعنف فباغتها بصيحته الجهورية :
_ امشي قدامي على العربية يلا
هرولت أسمهان نحوهم وهي ترسم على وجهها ملامح الذهول المزيفة وتقول :
_ في إيه يابني إيه اللي حصل ؟
استغلت جلنار الفرصة والتفتت برأسها للخلف تنظر لحاتم الذي يقف وعيناه ثابتة على عدنان بغل .. فرسمت معالم الأسف والحزن على معالمها وهو تهمس بصوت غير مسموع :
_ أنا آسفة .. آسفة
اماء برأسه لها يرسل إشارة لا بأس بملامح وجه لينة .. فالتفتت هي تجاه عدنان الذي أجاب على أسمهان بإيجاز :
_مفيش حاجة ياماما
ثم التفت برأسه إلى جلنار ورمقها بنظرة مميتة يغمغم في خفوت مخيف أكثر من نبرة صوته المرتفعة :
_ سمعتي أنا قولت إيه !
حدقته بنظرة مستاءة وغاضبة .. ثم تطلعت إلى أسمهان بسخط أشد ، الآن أدركت أن ما حدث لم يكن إلا أحد مخططاتها الشيطانية .. استقرت في عيني جلنار نظرة حاقدة وخبيثة تحمل في طياتها الوعيد قبل أن تندفع لخارج القاعة بأكملها تذهب في طريقها لسيارته كما قال أو أمرها بمعنى أدق ! .***
داخل منزل عدنان تحديدًا بغرفتهم بعد مرور ما يقارب الساعة منذ خروجهم من حفل الخطبة .....
خرجت صيحة مرتفعة وعصبية من جلنار التي كانت تجيب عليه :
_ إنت شاكك فيا يعني !!
صاح بها في صوت جهوري :
_ أنا مقولتش شاكك فيكي .. أنا سألتك سؤال واضح ، كنتي بتعملي إيه في الأوضة مع حاتم ياجلنار
جلنار صائحة :
_ متزعقليش فاهم ولا لا .. ده بدل ما تروح تشوف مامتك اللي عملت كدا عن قصد بتزعقلي وتتعصب عليا كأني أنا المذنبة !
هدر منفعلًا :
_ جاوبي على السؤال من غير لف ودوران ومتجننيش .. ثم إن إيه دخل ماما في الموضوع !!
ابتسمت بسخرية واجابت عليه مزمجرة :
_ مامتك هي اللي قالتلي أنها شافت هنا بتدخل الأوضة اللي هناك يعني عشان اروح اشوفها أنا .. وبما إنك جيت ورايا فأكيد هي اللي قالتلك إني دخلت الأوضة طبعًا .. يعني من الآخر هي كانت عارفة إن حاتم جوا وعشان كدا اتحججت بهنا وخلتني ادخل وبعدين قالتلك إنت .. عشان تعمل مشكلة وتخليك تشك فيا
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...