(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثاني والثلاثون _فور دخوله الغرفة وجدها تقف بجانب الشرفة عاقدة ذراعيها أمام صدرها وترمقه بقوة .. لم يعير نظرتها اهتمام وتجاهلها متعمدًا حتى يزيد من غضبها
لحظة وسمعها تهتف بدهشة :
_ وديت الكنبة فين ؟!
شرع في ارتداء ملابسه وعلى شفتيه ابتسامة عبثية متسلية .. استشاطت غيظًا من تعمده التجاهل وتلك الابتسامة المستفزة التي فوق شفتيه تثير أعصابها ، فأندفعت إليه ووقفت أمامه تحدقه شزرًا وتهتف :
_ أنا بسألك !
لم يتخلى عن ابتسامته لكن صاحبتها نظرته المثلجة :
_ كانت عاملة زحمة في الأوضة على الفاضي وملهاش لزمة .. ده غير إنها كانت مضيقاني
عقدت يديها في خصرها وهدرت بازدراء :
_ لا والله !
مالت برأسها للخلف في تلقائية بعدما وجدته يدنو منها بوجهه ويهمس أمام شفتيها متسليًا بنظرة تلمع بوميض الانتقام :
_ امممم وخصوصًا امبارح عصبتني أوي
لم تشعر بنفسها سوى وهي تبتسم بشكل لا إرادي وتستمر في التطلع إليه متلذذة بغيظه الدفين منها .. هذه المرة لم تخجل أو ترتبك كعادتها بل مالت هي بوجهها عليه وقالت مبتسمة بنظرة نصر وتشفي :
_ الكنبة برضوا اللي عصبتك !!
اتسعت ابتسامته وعيناه تجولت على وجهها وبالأخص ابتسامة ثغرها في نظرات جريئة ثم همس بخبث غامزًا :
_ عندك شك في كدا !
ضحكت بصمت في سخرية ثم رفعت كفها تضعه على صدره لتدفعه بخفة من أمامها ثم تعبر وتتجه نحو الحمام .. وقبل أن تدخل سمعت صوته العابث وهو يجيب عليها بتحية الصباح التي لم تلقيها عليه من الأساس :
_ صباح الخير ليكي إنتي كمان يارمانة !هزت رأسها بعدم حيلة تبتسم في استنكار ثم دخلت وأغلقت الباب ! .
***
تسمرت مهرة مكانها وهي ترى تلك المرأة تنقل نظراتها النارية بينها هي وآدم بصدمة .
كانت امرأة متقدمة في العمر .. لكن لا يبدو عليها الكبر أبدًا .. جسدها متناسق وملابسها أنيقة وفخمة .. ترتدي حذاء عالي وتقف بشموخ .. ولديها نظرات كلها استعلاء وقوة .. رأتها تمامًا كالسيدات التي تتجسد دور الشر في المسلسلات ! .
التفتت برأسها تلقائية للخلف عندما سمعت صوت آدم المندهش واستقام سريعًا من مقعده :
_ ماما !!!نست أنه عاري الصدر عندما التفتت لكن سرعان ما اشاحت بوجهها فور التقاط نظرها جسده وعضلات صدره البارزة والصلبة التي تجعله يقف باستقامة دون أي انحناءة .. تطلعت مرة أخرى لتلك المرأة التي اتضحت هويتها الآن كمان قال " والدته " .
هدرت أسمهان بذهول وغضب :
_ إيه اللي بيحصل بظبط .. ومين دي ؟!لمست مهرة نظرة الاستحقار في نبرتها وهي تشير بسبابتها عليها وتسأل عن هويتها .. فتقلصت عضلات وجهها لتجيب عليها بابتسامة صفراء :
_ مهرة .. اسمي مهرة
صاحت أسمهان بعصبية وبنبرة فظة :
_ أنا مش بسألك إنتي .. إيه اللي بيحصل يا أستاذ آدم وإيه المنظر اللى إنت فيه ده !!
تلك المرأة المتعجرفة تثير الروح الشرسة والمنحدرة التي تكمن في أعماقها .. لكنها تمالكت أعصابها واجابتها بقوة وابتسامة كانت متكلفة :
_ أصل القهوة ادلقت عليه عشان كدا هو قالع .. عمومًا أنا كنت رايحة اجيب مرهم للحروق عشان الالتهاب ميزدش
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...