_ الفصل الثاني والأربعون _

9.3K 450 9
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثاني والأربعون _

تحركت مهرة تجاه باب المنزل بعدما ارتفع صوت رنين الجرس .. كانت ترتدي ملابس منزلية بسيطة .. بنطال أبيض قصير ويعلوه تيشرت أسود بنصف أكمام وترفع شعرها الكستنائي بمشبك تاركة الحرية لبعض الخصلات لتنسدل بانسيابية فوق وجهها من الجانبين وبيديها تحتضن صحنها المسائي المفضل الممتلئ بالفشار .

امسكت بالمقبض وإدارته ثم جذبت الباب إليها معتقدة أن الطارق سهيلة لكنها تجمدت بأرضها وصابتها الصدمة حتى أن حبة الفشار توقفت في فمها حين رأت آدم أمامها .

لم تمهل نفسها اللحظة حتى لتدارك الوضع بل تراجعت وأغلقت الباب في وجهه بسرعة .. وهي تزدرد ريقها بتوتر وذهول .. انخفضت انظارها على ملابسها وهيئتها الغير منظمة أبدًا .. فعقدت الحسم بأنها لن تفتح له أبدًا .. لكنها سمعت صوته الاجش وهو يطرق بلطف على الباب ويهتف :
_ مــهـرة !!!
الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل .. هل فقد عقله أم ماذا ؟! .. ماذا يفعل أمام منزلها بهذا الوقت ! .
اسندت صحن الفشار فوق المنضدة واقتربت من الباب لتفتح النافذة الصغيرة في الباب وتحدثه بوجهها فقط من خلف الباب :
_ بتعمل إيه ! .. إنت عارف الساعة دلوقتي !!
آدم بغيظ :
_ افتحي الباب ولا هتكلميني من البتاع ده
مهرة بحدة وتوتر ممزوج بنبرة صوتها القوية :
_ امشي !
آدم بصوت رجولي صارم :
_ مش قبل ما نتكلم
مهرة باغتياظ :
_ ايه هنتكلم في أمور دولية وأنا معرفش عشان تيجي في الوقت ده
آدم بعصبية :
_ مجتيش الشركة ليه !
مهرة ببرود وابتسامة سمجة :
_ صباع رجلي الصغير خبط في الباب وروحت للدكتور قالي لازم ارتاح اسبوع على السرير
_ لا والله دكتور إيه ده !!
مهرة بهدوء مستفز :
_ مخ وأعصاب
رفع كفه مغلقًا قبضته بقوة وهو يجز على أسنانه ويهتف بانفعال :
_ مهرة بلاش تجننيني أنا على أخرى أساسًا افتحي الباب

_ عارف لو زوزا شافتك هتعلقك في مروحة الصالة .. وما ادراك ما مروحة الصالة
مسح على وجهه متأففًا بنفاذ صبر وتمتم :
_ اللهم طولك ياروح
تنهدت هي بخنق وأجابته أخيرًا بجدية ولهجة حازمة بعد ثواني :
_ أنا مش جاية الشركة تاني .. لقيت شغل في مكان افضل وهشتغل فيه .. ممكن بقى تمشي من فضلك وبلاش مشاكل وفضايح

آدم بشيء من الاستنكار والغضب الملحوظ فوق معالمه :
_ مكان افضل !! .. وعايزة تسيبي الشغل ليه ؟!
مهرة بنبرة قوية :
_ أسباب شخصية واظن اني مش مجبرة اوضحلك 
مصمص شفتيه باستياء واضح فوق معالمه اللطيفة التي باتت حادة ومريبة .. ثم مسح على ذقنه بقوة وحدقها بصمت للحظات قبل أن يهدر بنبرة حازمة لا تقبل النقاش :
_ طيب طلب الاستقالة اللي هتقدميه احب اقولك إنه مرفوض من دلوقتي .. وبكرا هستناكي في الشركة عشان نتكلم تاني ولو مجتيش متلومنيش على اللي هعمله

ثم استدار وهم بالانصراف لكنه توقف والتفت برأسه إليها يهتف متذكرًا :
_ اه ، وياريت تردي عليا لما اتصل بيكي

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن