(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثاني والخمسون _
يجلس فوق مقعد خشبي طويل دائري دون ظهر وأمامه حاملة اللوحات الكبيرة وموضوعة بداخلها اللوحة البيضاء .. وبيده يمسك بالفرشاة يمررها بدقة فوق اللوحة يرسم بها لوحته المميزة .. توقف عن ممارسة هوايته المفضلة لفترة طويلة والآن قرر العودة لكن بلوحة مختلفة تمامًا عن أي واحدة سبقتها .
يداه كانت تتحرك بخفة ودقة شديدة حتى لا يخطأ بأي شيء ويفسد جمالها .. وبجانبه صوت الموسيقى الهاديء يملأ أذنيه فيغمره في عالمه الخاص غير مكترثًا لأي شيء من حوله .
انتشله من قوقعته الخاصة صوت رنين هاتفه فترك الفرشاة من يده ثم مد يده وبسبابته النظيفة فتح الاتصال ومكبر الصوت ثم عاد وأمسك بالفرشاة ليجيب وهو يكمل عمله :
_ أيوة يا محمد
آجابه الآخر بصوت مرتعد قليلًا :
_ ياباشا أنا قدام المكتبة دلوقتي .. سبت العربية بس خمس دقائق روحت الحمام ولما رجعت لقيت المكتبة مقفولة وآنسة مهرة مش موجودة
ضيق آدم عيناه باستغراب وتمتم :
_ مشيت يعني ولا إيه .. وهي ليه قعدت لغاية الوقت ده في الشغل المفروض إن آخرها الساعة عشرة !
محمد باضطراب :
_ معرفش ياباشا بس في حاجة تاني كمان شوفتها عشان كدا اتصلت بيك
بدأت تحتد ملامح آدم الذي قال بريبة :
_ في أي ما تنطق يابني
ابتلع الآخر ريقه بخوف من ردة فعله وأجاب متلعثمًا :
_ لقيت تلفونها واقع قدام المكتبة وكمان شالها اللي كانت لابساه على رقبتها
ترك الفرشاة بهذه اللحظة واتسعت عيناه بدهشة امتزجت بالغضب والقلق .. ويظرف دقيقة فقط بعد تفكير عميق منه اشعره بأن هناك شيء غامض وربما لا تكون عادت للمنزل من الأساس ! .. وثب واقفًا وهتف بسخط ولهجة آمرة :
_ اقلب المنطقة اللي حوالين المكتبة دي كلها ودور عليها في كل شبر لغاية ما اجيلك
_ حاضر .. تحت أمرك ياباشا
ترك الهاتف دون أن ينهي الاتصال حتى واندفع إلى الحمام شبه ركضًا ليغسل يديه من الألوان ثم عاد مهرولًا والتقط هاتفه وسترته واسرع لخارج المعرض بأكمله ومن بعده استقل بسيارته وانطلق بها بسرعة البرق .
طوال الطريق كانت تقذف بذهنه ألف فكرة ومن بينهم أن يتصل بصديقتها ويسألها هل عادت للمنزل أم لا .. لكنه تراجع وقرر أن يذهب بنفسه أولًا ويبحث عنها قبل أن يتصل ويثير قلقهم وخوفهم من دون داعي ! ...
***
فتحت عيناها ببطء والألم يجتاح رأسها بشكل قاتل جعلها تتأوه لا إردايًا من الألم بمجرد استيقاظها .
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...