الفصل الواحد و الستون

7.4K 387 12
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الواحد والستون _

_ إنتي طالق !!

لا يدري كيف فعلها ، أو كيف نطقها ! .. لم يكن عليه أن يمتثل لرغباتها السخيفة .. هو أيضًا تخلى والكبرياء بالنهاية تمكن من الانتصار ! .
مازال المشهد يتكرر أمام عيناه كالشريط .. حين توجب عليه أن يلقى لفظ الطلاق عليها .. بقى يحدقها بصمت وعينان واهنة كلها رجاء أن يسمع منها كلمة واحدة .. اقسم بلحظتها أن فقط كلمة منها كانت ستنهي كل هذا وكان سيوقف كل تلك التفاهة لكنها كانت جامدة المشاعر أو ربما تتصنع أمامه .. لكن أكثر ما كسره رفضها له وعدم رغبتها به وأنها تخلت بكل سهولة بناءًا على أوهام وشكوك خاطئة ! ، فوجد نفسه دون أن يشعر بتلك اللحظة يلفظ بالكلمة التي لم يكن يتخيل أبدًا أنه سيأتي يوم وينطقها .
شعر بخروج روحه معها وكأن كل شيء من حوله أصبح ظلامًا وأسود اللون .. لقد خط بيده ولسانه مرسوم فراقه عن زهرته الحمراء وصغيرة قلبه .. كيف نطقها !!! .

اعتدل بجلسته فوق مقعده داخل السيارة .. ودفن وجهه بين راحتي يديه ، يشعر بأن أنفاسه تضيق عليه وتكاد تخنقه .. لم تعد لديه الطاقة للصمود أكثر من ذلك .. تعب من البقاء ثابتًا بوجه جميع العواصف التي تجاهد في الإلقاء به إلى الهاوية .. وهاهي نجحت كغيرها في الدفع به لعمق الهاوية بالنهاية .. كل الظروف انتصرت وجعلته يرفع راية الهزيمة المخزية ! .

                                    ***
كامنة بمضجعها منذ رحيله ومنشغلة بحزنها وبكائها .. كان الفراق رغبتها وهي من أجبرته على فعله .. لكن فور سماعها للكلمة التي أنهت كل شيء بينهم شعرت بوغزة مؤلمة في أعمق يسارها وكأنها طعنت بخنجر ومع خروجه من جسدها روحها غادرت في الحال ! .
تحزن وهناك صوت في أعماقها يصرخ باسمه ويتخبط كالمجنون من فرط الوجع ورغبته به .. ومع ذلك عنادها وعقلها لا يتوقف عن محاولات بث الشعور بالرضا حول فعلتها وأنها اتخذت القرار الصحيح ! .. فاستمرار علاقتها كان مستحيلًا منذ البداية ...

كانت تمسك بيدها منديلًا ورقيًا وبين كل لحظة والأخرى تمسح دموعها وأنفها بشجن .. أرهقت بين كل الضغوط التي تصر على إنهائها .. وباتت هي لا تعرف بماذا ترغب ، أتريد إرضاء كبريائها على حساب راحتها وسعادتها أم تريد التضحية والعودة لعُقابها ؟! .

سمعت صوت طرق الباب فظنته والدها وردت بصوت يغلبه البكاء :
_ عايزة افضل وحدي يابابا من فضلك
لكن الباب انفتح بعد جملتها وظهرت من خلفه الخالة الانتصار التي كانت ترمقها بإشفاق وعتاب .. ثم دخلت واقتربت منها بخطوات هادئة حتى جلست بجوارها وراحت تهتف بحزن :
_ ليه يابنتي عملتي كدا !!
خرج صوت جلنار المكتوم وهي تجيبها بنفس جملتها :
_ الطلاق أفضل حل لينا يا دادا !
انتصار برازنة عقل وبعض الضيق :
_ الطلاق بيكون حل لما يكون بين اتنين مش طايقين بعض .. لكن عدنان بيحبك وإنتي بتحبيه ومعاكم بنت صغيرة .. إيه ذنبها بنتكم تتظلم بينكم وتتحرم من أبوها وهي في السن ده .. عشان عنادكم بس وإنتوا الاتنين بتعشقوا بعض

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن