(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الخمسون _صمت قاتل ملأ الغرفة بأكملها من بين نظرات الدهشة والخوف والغضب بعد الجملة الأخيرة التي تفوه بها وهو يترك حرية اختيار العِقاب لزوجته ! .
لحظة وأثنين وثلاثة حتى استعادت جلنار بأسها ونظراتها القوية لتهب واقفة وتنقل نظرها بينهم بسكون وغموض غريب أرعب جميلة .
بعد ثانية بالضبط كانت تتقدم منها فتراجع عدنان للخلف .. ووقفت هي أمامها ترمقها مطولًا بأعين ممتلئة بالغضب والثبات الانفعالي المريب .. السكون الذي تستخدمه وعامل الإثارة لمعرفة نوع العقاب الذي ستقرره كان خير عقاب لها حيث أنها كانت تُعاقب في الثانية ألف مرة بهذا الصمت المميت .
ارتفع صدر جلنار بشهيقًا طويلًا وهبط مع زفيرًا متهملًا ثم اعتلت وجهها ابتسامة ساخرة ونظرة وضيعة خرج معها صوتها أخيرًا وهي تقول بقوة تليق بها :
_ أنا مش هعملك حاجة عارفة ليه .. عشان مشفقة عليكي من الغل والحقد اللي مالي قلبك وبيتهأيلي ده اقسى عقاب ممكن ربنا يعاقب بيه البني آدم إنه ينتزع من قلبه الرحمة .. وعشان كدا هكتفى بحاجة واحدة بس إني هقولك ملكيش مكان في الشركة ومش عايزة اشوف وشك تاني أبدًاابتسم عدنان من الخلف ثم تحرك إلى زوجته ووقف خلفها ليحاوطها من خصرها بذراعه ويميل على رأسه يقبلها برفق متمتمًا ونظراته الملتهبة ثابتة على جميلة :
_ اطمني من ناحية مش هتشوفي وشها فمفيش حد أبدًا هيشوفها تاني أساسًا ياحبيبتيالتفتت جلنار له تتطلعه ببعض الاستغراب وعدم الفهم بينما هو فتركها وابتعد عنها ليقبض على ذراع جميلة ويهتف في نبرة قذفت الرعب في قلبها وأصابتها بالصدمة :
_ يلا عشان عقابي بدأ والبوليس مستنيكي تحتجميلة بصدمة ورعب :
_ بوليس !! .. لا لا .. سامحني ياعدنان .. أنا آسفة يا جلنار ، ابوس إيدك متسجنيشلم يبالي بكلمة واحدة مما سمعها من توسلاتها بل جرها معه للخارج في قسوة وسط نظرات جميع الموظفين المذهولة والخائفة قليلًا .
ظلت جلنار مستمرة بأرضها في عدم استيعاب وعلى عكس المتوقع لم تلحق به بل استدارت بعد ثواني واقتربت من النافذة تنظر منها فترى سيارة الشرطة بالفعل في الأسفل وثم رأته وهو يخرج جميلة ويتركها ليمسك بذراعها أحد العساكر ويدخلها للسيارة عنوة وسط بكائها .. وبعد دقيقتين تحركت السيارة بها وغادرت ودخل هو للشركة مرة أخرى .
كان الجميع يقفون يشاهدون الحدث الأكثر إثارة بالشركة وفور دخول عدنان انتفضوا وانتصبوا في وقفتهم برهبة .. بينما هو فتوقف ودار بنظره بينهم في حدة ثم ارتفع صوته الجهوري والمرعب هاتفًا :
_ اللي حصل دلوقتي ده عبرة للكل .. عشان لو حد فكر إنه يتخطى حدوده زيها يفتكر كويس إن العقاب هيكون عسير
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...