_ الفصل الثامن والثلاثون _

9.8K 443 16
                                    

(( امرأة العُقاب ))
_ الفصل الثامن والثلاثون _

تطلعت بعيناه المغرمة حقًا ونظراته الراجية حتى بندقيته القاسية لم تعد تراها كالسابق أبدًا .. اليوم مختلفة كثيرًا تجعل عيناه أكثر جمالًا وبأسًا وقوة .. خرج صوتها أخيرًا بعد دقيقة كاملة من الصمت القاتل بينهم تجيبه :
_ لو قلت لسا مصممة ومصفيتش ليك هتعمل إيه ؟!
ابتسم لها وانحنى قليلًا عليها يجيب في نظرات ثابتة يعطيها الإجابة المنتظرة :
_ مش هتخلى عنك وهفضل أحاول لغاية ما تصفيلي
تطلعت في عيناه بعمق دون أن تبتعد هذه المرة من اقترابه وخانتها ابتسامتها الخجلة لترتفع فوق ثغرها .. ثم همست في رقة تذيب الحجر :
_ موافقة .. هديك فرصة !
رأت شفتيه تنفرج بابتسامة عريضة وعيناه تلمع بسعادة ونصر .. كمن كان يخوض حربًا قاسية ويحتفل الآن بتحقيق أولى نقاط نصره .
مال عليها بوجهه أكثر وغمز في مداعبة يجيبها بعبث :
_ بس !! .. مفيش سامحتك يعني !
طالت النظر إليه وهي تبتسم بذكاء انثوي .. تتلاقى عينه المتلهفة بعينها الماكرة قبل أن تهمس بنعومة تليق بأنوثتها الطاغية :
_ يلا بينا عشان الناس برا وعيب نفضل هنا كتير

رأته يميل بوجهه للجانب يضحك في عدم حيلة ..  أدرك أنها قد تكون بالفعل سامحته لكنها ستتبع أسلوب التشويق والدلال .. ستتلذذ بذوبانه ولا بأس بالنسبة له في ذلك ! .
التقط كفها ورفعه بلطف لشفتيه يلثم ظاهره بقلبتين متتاليتين ثم يتمتم في حب :
_ يلا يارمانة
سارت معه لخارج الحديقة وبينما كانوا في طريقهم للعودة إلى الحفلة .. وجدته يقترب منها أكثر ويلف ذراعه حول خصرها من الخلف يسير بجوارها وبيده يضمها إليه في تملك وحب كأنه يثبت حبه لها أمام الجميع .. لم تزعجها فعلته بل اكتفت بابتسامتها وهي تهز رأسها بيأس وسارت معه حتى وصلا وبدأو الاحتفال .. كانت تتلقى التهنئات بمناسبة يوم ميلادها من الجميع وسط الهدايا الكثيرة التي حصلت عليها .. وما كان يسعدها أكثر هو وقوفه بجوارها طوال الوقت لم يتركها للحظة ويداه لا زالت تحاوطها بتملك ! .. يعلم أنها لن تتمكن من النفور كالعادة ولم تكن لتفعل أساسًا ! .

امسكت هنا بفستان والدتها تجذبها منه برقة حتى تتنبه لها هاتفة :
_ مامي !
اخفضت جلنار نظرها لصغيرتها وانحنت عليها شبه جالسة  تهتف في حنو :
_ نعم ياحياتي
تعلقت برقبة والدتها تعانقها وتهتف في رقة طفولية جميلة وحب صافي :
_ كل سنة وإنتي طيبة
ضمتها جلنار لحضنها أكثر لاثمة شعرها وكل ما تطوله شفتيها من قطعة قلبها .. وقد أدمعت عيناها متأثرة بفطرة الأم تهمس في نبرة يغلب عليها البكاء :
_ حبيبتي ربنا يخليكي ليا ياقلب ماما وميحرمنيش منك .. أنا كفاية عليا كل سنة وإنتي طيبة اللي من بنتي حبيبتي دي
ابتعدت الصغيرة عن أمها وحدجتها مبتسمة ثم انحنت عليها تهمس في عفوية اضحكتها :
_ متعيطيش يامامي كدا الناس هيشفوكي
رفعت جلنار أناملها لعيناها تجفف دموعها بحذر  حتى لا تفسد زينتها وحملت صغيرتها فوق ذراعيها وهي تلثمها بحب أمومي صادق .. كان عدنان يتابعهم بدفء فمال على صغيرته يقبّل وجنتها بحنان ثم يرتفع بشفتيه لزوجته يلثم شعرها بقبلة دافئة .. قبل أن يجذب انتباهه وجود أحد رجال الأعمال المقريبن منه جدًا يبتسم له ببشاشة ويشير له بالقدوم .. فبادله هو الابتسامة العذبة وانسحب بهدوء من جانب عائلته الصغيرة ليذهب لذلك الرجل ويتحدث معه .

امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن