(( امرأة العُقاب ))
_الفصل الأربعون _وصلت إلى مبنى الشركة الضخم واسرعت للداخل ثم استقلت بالمصعد الكهربائي تضغط على زر الطابق الثاني وبعد لحظات معدودة توقف المصعد وانفتح الباب .. خرجت وسارت بالطابق وهي تتلفت حولها بحثًا عنه .. كانت الشركة مظلمة بأكملها وبعض الاضاءات الخفيفة فقط تضيء المكان .. انتابها للحظة شعور بالقلق وانقبض قلبها لكنها صاحت تنادي باسمه كنوع من بث الاطمئنان لنفسها المضطربة :
_ رائد أنا جيت إنت فين ؟!
تحركت وكانت بطريقها لغرفة مكتبه الخاصة كما تتذكرها .. دخلت وبينما كانت تبحث عن الإضاءة بالغرفة حتى تنير ذلك الظلام الذي يملأها سمعت صوت الباب ينغلق وإضاءت الغرفة بأكمله بالنور .. التفتت خلفها فزعًا قرأته يقف أمام الباب بعد أن اغلقه ويبتسم لها .. ابتسامة لأول مرة تراها فوق شفتيه جعلتها تشعر بالقلق والخوف منه ! .
خرج صوتها الخافت والذي لا يزال يحمل نبرة الاهتمام رغم رؤيتها له يقف أمامها بكامل صحته :
_ رائد إنت كويس ؟!
تقدم نحوها بخطوات كانت تشبه خطوات الفهد المترصد لفريسته .. كانت ستتراجع للخلف كردة فعل لا إرادية دليل على قلقها من حالته العجيبة لكنها ثبتت بأرضها وتحلت بالشجاعة حتى وجدته يقف أمامها مباشرة ويهتف في عبث وبنفس ابتسامته :
_ إنتي شايفة إيه ياحبيبتي !!
زينة بعدم فهم :
_ إنت كنت بتكذب عليا ومعملتش حادث ولا حاجة !
رائد ببرود وهو يضحك :
_ يعني حاجة زي كدا بس تقدري تقولي كذبة صغيرة عشان اخليكي تجيلي ياروحي
بتلك اللحظة نظراته لم تكن طبيعية أبدًا واحست بأنها ترى شخصًا مختلفًا تمامًا لا تعرفه .. مما دفعها في تلقائية للتقهقر هاتفة باستغراب :
_ هو في إيه بظبط يا رائد وعايزاني اجيلك ليه !!
ضحك وهتف بنبرة مستفزة :
_ إنتي خايفة مني ولا إيه يازينة ؟!
زينة بثبات وشجاعة مزيفة :
_ لا بس نظراتك غريبة وتصرفاتك كمان .. وبعدين حاجة ايه اللي خلتك تكذب عليا وتجيبني ليك بليل وفي الشركة هنا !!
ابتعد عنها خطوات قليلة وجذب من فوق سطح المكتب عدة أوراق صغيرة ثم مدها إليها وهتف بجدية :
_ عشان تمضي على دول ياحبيبتي
زينة بتعجب وهي تنقل نظرها بين الأوراق وبينه :
_ إيه دول !!
_ ده ورق تنازل بفرع الشركة اللي في تركيا و أبوكي سرقها مني وبعدين كتبها باسمك
زينة بغضب :
_ شركة إيه وسرقة إيه ، إنت مجنون !!
صرخ بها بصوت جهوري جعلها تنتفض بمكانها :
_ إنتي لسا مشوفتيش جنان مني .. امضي بالذوق بدل ما اخليكي تمضي بالعافية
ضحكت بعدم استيعاب وخوف حقيقي هذه المرة :
_ رائد إنت بتهزر معايا مش كدا .. أكيد مش بتتكلم جد !
_ أنا مش بهزر ياقطة .. إنتي كنتي فاكرة إني هتجوزك بجد ولا إيه !!! .. أنا كان هدفي من البداية ارجع حقي وكنت قادر اخليكي تمضي من غير الحوارات اللي حصلت دي كلها والخطوبة والهبل ده بس حبيت اتسلى شويةلوهلة ظنت نفسها أنها داخل كابوس وستستيقظ منه بعد لحظات .. " لا يعقل أن يكون هذا حقيقي .. هل كان كل هذا من البداية خدعة وكذبة .. كان يستمتع معها !! .. هل كان يستمتع بالتلاعب بمشاعرها وخداعها .. لا لا يمكن أن يكون ما يحدث هذا حقيقي " .. كانت تحدث نفسها داخل عقلها بذهول وصدمة .. هي حتى لا تستوعب ما يحدث .. منذ قليل كانت تركض متلهفة في الطرق حتى تصل إليه بعدما أخبرها بأنه تعرض لحادث .. والآن تواجه الحقيقة البشعة بأن كل هذا خدعة !!! .
تجمعت العبارات بعينها وقالت بألم وضحكة موجوعة :
_ يعني إيه .. أكيد إنت متعملش فيا كدا !!
تأفف بنفاذ صبر وقال :
_ أنا معنديش صبر يازينة .. امضي يلا وبلاش دراما
انهمرت دموعها فوق وجنتيها بحرارة وفجأة غارت عليه كالقطة المجروحة تضربه في صدره بحرقة وتصرخ ببكاء وألم :
_ إنت واحد حقير وكذاب وقذر .. أنا صدقتك وكنت مستعدة اكمل حياتي معاك .. وإنت خدعتني وجاي تقولي امضي على ورق وزفت .. تلاعبت بمشاعري وكسرتني وبتقول بكل سهولة كنت بتسلى .. عملتلك إيه أنا عشان تعمل فيا كدا ! .. رد عـــلـــيــا !!!
أنت تقرأ
امرأة العُقاب .. للكاتبة ندى محمود توفيق
Romanceجميع الحقوق محفوظة للكاتبة استشاط غيظًا وصرخ بها مغتاظًا : _ جيبي الزفت التلفون ده على وشك مش بكلم نفسي أنا عدلت الهاتف ووجهت الكاميرا على وجهها لتصيح به في وجه أحمر من فرط الغيظ : _ متزعقليش فاهم ولا لا تمعن للحظات في صورة وجهها الظاهرة أمامه...